الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هجوم رأسمالي على الطبقة العاملة وخمول سياسي ونقابي في مواجعة هذا الهجوم

عبد السلام أديب

2008 / 4 / 30
ملف الاول من آيار 2008 - أفاق الماركسية واليسار ودور الطبقة العاملة في عهد العولمة


ما حدث بمدينة القنيطرة المتمثل في انهيار عمارة المنال التي أودت إلى مصرع عدد كبير من العمال وكذلك ما حدث بالدار البيضاء من محرقة مصنع الحشو الاسفنجي ومصنع الزرابي والذي أودى بحياة ما يزيد عن 60 عاملة وعامل يشكل تكثيفا وفضحا لما تعيشه الطبقة العاملة بشكل يومي ومنذ سنوات من استغلال بشع في ظروف لا إنسانية من طرف الباطرونا، تمليها مصالح الرأسماليين الذين لا يهمهم سوى مراكمة الأرباح دون اعارة أدنى اعتبار للإنسان العامل؛
فيوميا نسمع عن سقوط عمال البناء بسبب عدم توافر شروط السلامة والوقاية أو عن انتشار أمراض خطيرة في صفوف العمال الزراعيين الذين يشتغلون في الزراعة في البيوتات البلاستيكية والذين يعملون بدون واقيات مما يعرضهم لاستنشاق المواد الكمياوية أو يتعرضون للحوادث أثناء نقلهم للمزارع عبر الجرارات ، كما نسمع عن حوادث مماثلة في مصانع ومعامل غير رسمية للنسيج ولمواد وسلع ملوثة.
إن ظاهرة عدم الخضوع لقوانين الشغل وإجراءات السلامة منتشرة بشكل واسع في بلادنا نظرا لطبيعة النظام الرأسمالي التبعي، فالمسؤولية مشتركة بين الباطرونا الهينة التي لا يهمها سوى مراكمة الأرباح فتعمل بكل وقاحة على عدم تطبيق قانون الشغل وإجراءات السلامة المرافقة، وأجهزة الدولة المتواطئة مع الباطرونا والحامية لها والتي تغمض عيونها عن تملص الباطرونا من تطبيق القوانين وتكون جد نشيطة في مجال قمع الحريات النقابية واحتجاجات العمال، عندما يدمر الاستغلال كيانهم.

إن مسرحية جولات الحوار المغشوشة التي أججتها وسائل الاعلام مؤخرا لم تعر أي اهتمام لحوادث الشغل، بل أن الباطرونا والحكومة تحاولان التملص من بنود سبق التنصيص عليها ضمن مدونة الشغل مثل اشتراط تواجد طبيب مدفوع الأجر في كل مؤسسة تتوفر على أكثر من 50 عامل. ومنذ إقرار مدونة الشغل في يونيو 2004 لم تستجب أي شركة رأسمالية لهذا المطلب الذي بقي حبرا على ورق، فالحوار الاجتماعي يتناول فقط فتات من الزيادات في الأجر مقابل فرض قوانين تخنق الحريات النقابية للعمال والإضراب التي تعد الوسيلة الوحيدة للدفاع عن أنفسهم في مواجهة استغلال الباطرونا.
وتعترف الحكومة عبر وزير التشغيل بأن 15 % من الشركات التي تشغل أكثر من 50 عامل هي فقط من تخضع لشروط السلامة ومعنى ذلك أن 85 % من المقاولات لا تخضع للقانون في هذا المجال.
إن تملص الباطرونا من تطبيق قانون الشغل في مجال احترام شرط السلامة الصحية ينطلق من هدف تقليص الكلفة لتحقيق الأرباح الخيالية وغالبا ما تتذرع بضرورات التنافسية ومساعدة المقاولة المواطنة، لكن الواقع هو أن هذا الاستغلال البشع يشكل جريمة في حق الطبقة العاملة، ويشكل لونا من ألوان الصراع الطبقي الذي لن يختفي إلا باختفاء التفاوت الطبقي وسيادة الاشتراكية.

إن الطبقة الكادحة المغربية تعيش إذن أكبر هجوم على قوتها اليومي، سواء من خلال تدني أجورها وعدم احترام الباطرون للحد الأدنى للأجور واحترام شروط السلامة أو من حيث استهداف قوتها اليومي عبر استخدام ميكانيزمات الغلاء لضرب طاقتها الشرائية أو عبر حرمان أبنائها من التعليم والعلاج المجاني وعبر حرمانها من حقوقها وحرياتها النقابية.

إن تجاوز الوضع الحالي نسبيا ينبغي أن يتم عبر اتخاذ إجراءات إدارية وجنائية صارمة لزجر المسؤولين عن جرائم عدم تطبيق شروط سلامة العاملات والعمال. وكذلك التطبيق الحرفي لمدونة الشغل على علاتها مع إعادة الاعتبار لدور مفتش الشغل الذي فقد الكثير من مكانته نتيجة الحكم بعشر سنوات ضلما على مفتش الشغل قاشة زين العابدين بمراكش والذي أدى تقريره إلى اغلاق مخبزة قامت بتسريح العمال الذين يشتغلون بها مما جعل كافة مفتشي الشغل يتخوفون من الاقدام على مواجهة الباطرونا المخالفين للقانون، كذلك من المفروض دعم عدد المفتشين الذي تضائل بشكل كبير نتيجة عمليات المغادرة الطوعية مع توفير وسائل العمل اللازمة للقيام بالتفتيش. والعمل أيضا على رفع الحضر على العمل النقابي في الضيعات والمناجم والمعامل لكي يجد العاملات والعمال سندا لهم في مواجهة جشع الباطرونا وصمت الأحزاب السياسية بل وغيابها الذي يفضح تواطئها مع الباطرونا.
إن انعتاق الطبقة العاملة لن يتحقق إلا باستيعاب انتمائها الطبقي وانخراطها الواعي في بناء أداتها السياسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات -مباشرة ووجها لوجه- في جباليا وحركة نزوح جماعي من رف


.. ضغط روسي على خاركيف.. والدعم الأمريكي -في الطريق-




.. هل سنرى المنتجات الليبية قريبا في الأسواق العالمية؟ • فرانس


.. ما سبب توقيف المحامي مهدي زقروبة.. وزارة الداخلية في تونس تو




.. بلينكن من كييف: الأسلحة الأمريكية -ستحدث فرقا حقيقيا- في ساح