الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


{{ الراصد }} الطبقة العاملة العراقية .. الغتها الدكتاتورية وهمشتها الديمقراطية !!

علي عرمش شوكت

2008 / 4 / 30
ملف الاول من آيار 2008 - أفاق الماركسية واليسار ودور الطبقة العاملة في عهد العولمة


منذ ان تكونت المجتمعات البشرية والمنتجون يتحملون الوزر الاعظم من اجل خلق ضرورات الحياة اليومية للناس ، ولكن بالمقابل لايحصلون الا على القليل منها ، وهم اخر من يحظى بشيئ من حقوقهم ، وفي بلادنا كانت الطبقة العاملة وحركتها السياسية وحلفاؤها الفلاحون ومن الشغيلة الفكر، بمثابة النبراس الذي تصدر النضال الوطني والطبقي ضد الاستعمار والانظمة الدكتاتورية ، وعلى طريق الحرية والاستقلال ومقارعة الانظمة الاستبدادية قدم عمالنا البواسل التضحيات الجسام ، وفي بواكير ذلك النضال صعدت طلائعهم على اعواد المشانق وسقطوا شهداءا في ميادين المعارك الوطنية ، وقد سجل تاريخ الحركة الوطنية العراقية بكل فخر وشرف ما قدمه حزب الطبقة العاملة العراقية ، الحزب الشيوعي العراقي ، في سفر الكفاح من اجل الحياة الافضل لجماهير الشعب وبخاصة للكادحين منها ، وتميزت الصراعات السياسية في العراق بوصفها ذات جوهر طبقي اقتصادي ، الامر الذي دعا الدكتاتور صدام حسين في نهاية المطاف الى الغاء الطبقة العاملة في العراق من خلال قانونه رقم 150 لسنة 1989 ، الذي حول العمال الى موظفين شكلا وليس مضموما .
ولم يتوقف دور الطبقة العاملة في حدود انتاج الخيرات المادية لكي تتواصل حياة المجتمع ، وفضلا عن الجهد الاكبر الذي يقع على عاتقها لترسيخ البنى التحتية لاقتصاد البلد ، انما كانت ايضا تنتج الابناء الذين اول من اصبحوا جنودا لتحولهم السلطات بدورها وقودا لحروبها العبثية ، وما اكثرها في العراق خلال الاربعة عقود الاخيرة ، ومقابل كل ذلك لاتلقى سوى والاستغلال من لدن الطبقات الحاكمة ، ويتجلى ذلك التمييز الطبقي بصورة صارخة في فقدان مدنها الفقيرة لابسط الخدمات الانسانية ، غير ان الاكثر وجعا ، هو بقاء دخول العمال متدنية لاتساوى شروى نقير، ولا تسد رمقا ، وكأن ذلك قدرا ازليا لابقاء الكادحين وكافة القوى المنتجة ضمن حضيض العيش ، والغاية المقصودة هي خلق كابح للتطور او للوعي وبالتالي عرقلة اي نهوض لهذه الطبقة المستغلة المهملة للتحرر من قيودها .
وكان من المؤمل في ظل الحرية والدمقراطية في العراق الجديد ، التي يفترض ان تتوزع العدالة فيها بعدالة على كافة بنات وابناء العراق ، بيد ان ماجرى ويجري هو بقاء حال الطبقة العاملة على ما هوعليه في احسن الاحوال ، هذا اذا ما تدنت الى عقر بئر الفاقة والفقر ، حيث زاد افقار هذه الطبقة في سياق تدهور الاوضاع العامة ، الامر الذي خلق مناخا وهيأ سوقا لتداول ( بضاعة ) الارهاب ، فالفقر كافر كما يقال ، اذ انه يدفع في بعض الحالات الى المجازفات الخطرة املا بالبقاء او بالاشباع من الحاجات الادمية الضرورية !! ، ولايغرب عن البال ان العوز يرافقه الجهل وتدني الوعي مما يسهل الاستغلال المركب والمتعدد الاوجه ، ففضلا عن الاستغلال الاقتصادي في مثل هذه الاوضاع يبرز الاستغلال الاجتماعي المتستر بالدين ، والاستغلال السياسي المدفوع الثمن وغيره ، وعلى هذا تبرز الاهمية في ظل اعادة بناء الدولة والمجتمع العراقي لتكريس العمل بدءا من سد الحاجات الانسانية للجميع وبخاصة للكادحين ، وكما يبدو كان هذا هو منطلق المشرعين في مجلس النواب العراقي حينما اقروا ( قانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام ) ، وقد كان ذلك من المعالجات المنتظرة ، لكونه ينطوي على اهمية بالغة لتقويم الجانب الاقتصادي للعاملين في دوائر الدولة ، وذلك بتحسين سبل العيش الكريم ، الا ان المشرعين لم يتمكنوا من الابتعاد عن اساليب ومواقف الطبقات البرجوازية ، التي كانت حاكمة في التعامل مع الطبقة العاملة ، حيث كانت قاعدة التعامل هي المزيد من الاستغلال والقليل من الحقوق ، وهذا ما انعكس مع الاسف في سلم الرواتب الذي اقره مجلس النواب مؤخرا ، ففي هذا القانون حشر العمال مع الموظفين شكلا ، ولكن في منح المخصصات على سبيل المثال وليس الحصر تم تميزهم سلبا ، حيث ربط منح المخصصات بالشهادات الدراسية ، ولم يلتفت الى مقدار الجهد المبذول في انتاج الخيرات المادية الذي تؤديه الايدي العاملة ، فقد منح الموظف الحاصل على شهادة الدكتوراه ( مخصصات شهادة ) مائة بالمائة من اصل راتبه وكذلك للموظفين الاخرين الذين لديهم تحصيل دراسي ، وكان ذلك التفاتة هامة لتحسين اوضاع الموظفين ، الا ان القانون اجحف بحق من ليس لديه شهادة اي العمال ، فمنحوا ( مخصصات حرفة ) 15% من اصل الراتب ، والتي تساوي مخصصات المنصب التي منحت هي الاخرى لاصحاب المناصب حصرا ، ولا اعتراض على ذلك ، ولكن المفارقة هنا في ان صاحب الشهادة الدراسية العالية مع ان راتبه مرتفعا نسبيا غير انه قد حصل على مخصصات تساوي 100% منه ، لكن العامل الذي ليس لديه تحصيل دراسي ودون النظر الى ما يؤديه من عمل منتج ، فلم يمنح سوى النسبة البائسة من راتبه القليل اصلا ، وبذلك فقدت العدالة ، وتجلى التمييز، وتواصل التهميش للطبقة العاملة ، في حين كان الاجدر بالمشرعين ان يحددوا منح المخصصات بنسبة مئوية متساوية وعادلة للموظفين وللعمال على حد سواء ، كأن تمنح مثلا مخصصات بنسبة 100% او دونها من الراتب للجميع ، وبذلك سيأخذ الموظف صاحب الراتب العالي مخصصات عالية تناسب راتبه ، وهكذا بالنسبة للعمال الاخرين الذين سيأخذونها حسب رواتبهم وبصورة لا تثير الشعور بالغبن اوبالاجحاف .
ان ما تقدم يلقي الضوء على صفحة من سجل التعسف الذي بات ازليا كما يبدو بحق الطبقة العاملة ، فالدكتاتورية الغت هذه الطبقة جزافا ، وفي العهد الديمقراطي يتم تهميشها !!، ولم يقتصر ذلك على ما جاء في قانون الراوتب الاخير ، الذي عكس تجاهل دور الطبقة العاملة في عملية البناء والانتاج ، الذي يضاهي او يفوق ادوار الفئات والطبقات الاخرى في الميدان المذكور فحسب ، انما وفي بداية العهد الديمقراطي تم حجز اموال النقابات العمالية وجرت محاولات لالغائها ، وكان وما زال بعض الوزراء يتمسك بقانون النظام الدكتاتوري رقم 150 لسنة 1989 الذي ينص على الغاء الطبقة العاملة وجعل العمال موظفين بشكل صوري ، بهدف محو دور هذه الطبقة المنتجة المناضلة ، غير ان هذا التصرف يثير الاستغراب ، فالطبقة العاملة تشكل قوة تصويتية هائلة في العملية الانتخابية ، وكان لها الاثر المبين في ايصال الطبقة السياسية الحاكمة الحالية الى سدة الحكم ، كما انها قوة دفاعية لايستهان بها بالحفاظ على المنجزات ، فالاغلبية من افراد القوات المسلحة هم من ابناء هذه الطبقة ، ومع هذا فلايوجد من يمثلها في مجلس النواب مثلا، اي كأن تكون ( كوتة )لاتحاد نقابات العمال ضمن قوام المجلس ، اذا ما هي دوافع الاصرارعلى هذا التعسف بحقها ؟ ، نترك الجواب الى المعنيين لعلهم يدركون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على وقع التصعيد في رفح.. هل استفز نتنياهو مصر ودول الخليج؟ |


.. انهيار شبكة الكهرباء في عدن نظرا لانعدام الوقود وسط غليان شع




.. مدارس وجمعيات للحفاظ على فن -المالوف- في مدينة عنابة الجزائر


.. الجيش الإسرائيلي يحشد قواته على أطراف رفح تمهيدا لعملية واسع




.. مدفعية جيش الاحتلال توسع استهدافاتها في مدينة رفح جنوب قطاع