الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أما حان لعمال العالم أن يتَّحِدوا؟!

جواد البشيتي

2008 / 5 / 1
ملف الاول من آيار 2008 - أفاق الماركسية واليسار ودور الطبقة العاملة في عهد العولمة


لست من محبي "مقالات المناسبات"، فهي أسوأ أنواع "القصائد"؛ ولكن لعيد العمال العالمي الذي نحتفل به اليوم من المعاني الجديدة والمختلفة ما يَحْمِل على التحدث عنه.

اليوم، إنَّما هو ظرف زمان جديد، أو تجديد لظرف زمان قديم، فالظروف الاقتصادية العالمية اختلقت وتغيَّرت بما يشحن "الصراع الطبقي"، أو "صراع العمل ضد رأس المال"، بأسباب البعث بعد موت، أو بعد ما يشبه الموت؛ وينبغي للعمال ـ ما دام الغلاء عالمياً مُعَوْلماً، تنتجه مصلحة طبقية هي مصلحة أرباب النظام الرأسمالي، الذي ما عاد في مقدوره أن يؤكِّد وجوده إلاَّ بارتكابه مزيداً من جرائم الغلاء في حق الجنس البشري، وما دامت ناره تتسبَّب بغليان اجتماعي ـ طبقي، وتَصْهَر كل ضحاياه، على اختلاف لونهم وجنسهم وعرقهم، في بوتقة واحدة، وتُنقِّي عقولهم وقلوبهم ومشاعرهم من كثير من الشوائب، التي بعضها من "النوع العراقي" ـ أن يعيدوا الروح إلى شعارهم القتالي التاريخي "يا عمال العالم اتحدوا!".

يجب أن يتحدوا؛ لأنَّ ضعفهم لن يغدو قوَّة إلاَّ باتحادهم؛ ولأنَّ وحشية راس المال قد ارتفع منسوبها الآن بما يتهدَّد حتى آدميتهم، فإذا هم قصَّروا عن الاتحاد فليس من ملوم على تحولهم إلى أقنان جُدد إلاَّ هم، فنَظْم مزيد من القصائد في "الأخوَّة الإنسانية"، وإلقاء مزيد من المواعظ الأخلاقية، لا يقودان إلاَّ إلى ما تقود إليه كل طريق مبلَّطة بالنيَّات الحسنة الطيبة.

واتحادهم الذي طالما ذمُّوه ولعنوه وأطلقوا عليه الرصاص بالبنادق والأقلام والألسن، بدعوى أنَّه يمزِّق وحدة النسيج الاجتماعي (الوهمي) ويبذر بذور الفرقة والانقسام ويزج المجتمع في "صراع طبقة ضد طبقة"، قد اثبت، في حضوره، وفي غيابه على وجه الخصوص، أنَّ فيه من القيم الحضارية والإنسانية والأخلاقية ما يمكن، ويجب، أن يجعل الدعوة إليه دعوةً إلى خير عميم، فماذا يبقى من تلك القيم إذا ما اقتتل فقراء العالم دينياً وطائفياً ومذهبياً وقومياً وعرقياً وعشائرياً، وإذا ما تحوَّلوا، أو حُوِّلوا، إلى وقود لحروب ذوي المصالح الفئوي الضيقة، كالحروب التي أشعل فتيلها على النطاق العالمي الثنائي بوش ـ بن لادن؟!

نقول بذلك، وندعو إليه؛ لأنَّ مشعلي نار الغلاء العالمي في بطون الفقراء، والذين لا شيء يفزعهم أكثر من إحياء صراع "طبقة ضد طبقة"، الذي هو في حقيقته صراع تخوضه الغالبية العظمى من الناس ضد فئة ضئيلة من مصاصي الدماء وآكلي لحوم البشر، قد شرعوا يعدون العدة لـ "حرب وقائية استباقية"، سلاحهم الأمضى فيها هو إثارة وإذكاء ونشر كل نعرة أو عصبية مقيتة، فهي النار التي تُفكِّك كل مُركَّب تنتجه نار الغلاء.

الصراع هو الحقيقة الكبرى التي لا يمكن اغتيالها بالوهم مهما قوي وانتشر؛ وإذا كان لا بد من المفاضلة فَلْنُفضِّل ما يكرهون على ما يحبُّون من الصراع. إنَّهم يفضِّلون كل صراع يماثِل أو يشبه "الصراع العراقي"، الذي فيه تتوحَّش الميول والدوافع والأهداف والوسائل، ويستسهل الفقراء ذبح وسفك دماء بعضهم بعضاً خدمةً للص النفطي الإمبريالي العالمي، ولحرَّاس الظلام والنعوش والقبور، ولكل من له مصلحة في كل صراع رميم، وفي جعل الناس ينتظرون الذي لن يأتي أبداً.

وعلى الضحايا أن يفضِّلوا كل صراعٍ يُصْعِدهم من وادي الدموع الذي يريدون لهم أن يعيشوا فيه إلى الأبد، إلى قمم الجبال، فهنا فحسب يتسع مدى الرؤية، ويُرى الأفق على اتساعه، ويصبح ممكناً أن يُتَرْجَم شعار "يا عمال العالم اتحدوا!" بمجتمع، أو عالم، لا مكان فيه لأمثال بوش وبن لادن، ويعلوه مبدأ "الفرد من أجل الكل والكل من أجل الفرد"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ذكرى النكبة.. فلسطيني من غزة: ما أشبه الليلة بالبارحة


.. إسرائيليون يعترضون شاحنات مساعدات إلى غزة ويلقون طرود المواد




.. في السعودية.. رقصة مقابل كوب من القهوة مجانا! • فرانس 24


.. هشام الحلبي: الحرب عادت إلى شمال غزة لأن كلمة السر هي في الأ




.. الرحيل من رفح بأي ثمن قبل عملية برية إسرائيلية مرتقبة