الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلال ... الغائب الابرز عن المشهد العراقي

اياد محسن

2008 / 5 / 1
كتابات ساخرة


بعد 9/4/2003 تغيرت أشياء كثيرة في هذا البلد ..العراق ..فالوزراء ما عادوا يرتدون لباس الحرب وما عادوا يحملون الرتب العسكري كما كانوا سابقا ...ورئيس الجمهورية لم يعد مهيبا ولا ركنا...بل رجل سياسي خفيف الظل يحكي لأبناء شعبه النكات حتى على نفسه ...حتى المناسبات تغيرت فما عاد العراقيون يحتفلون بيوم 28 نسيان باعتباره تاريخ لميلاد الرجل (الفلــــــــتة )سليل حمو رابي ونبو خذ نصر , لم نعد نعرف تاريخ ميلاد المسئولين ولا أسماء زوجاتهم أو أبنائهم كساجدة وعدي وقصي ...حتى عبد حمود تغير وتغيرت ملامح وجهه ولم يعد مخيفا كما كان سابقا وأصبح حبيس القفص بعد أن كان أميرا في القصور الرئاسية ..
في العراق تغيرت أشياء كثيرة تغيرا ايجابيا ..وأشياء كثيرة تغيرا سلبيا وكان ابرز المتغيرات إن هناك هويات وحقوق كان صدام قد دفنها في ارض قوميته العربية وأهال عليها تراب الوحدة والحرية والاشتراكية حتى نسيت وكادت أن تموت بعد أن انقطع عناه الماء والهواء ... مذاهب وقوميات تمثل هوية للكثير من العراقيين غيبت تحت ضل شمولية نظام الحكم..هذه القوميات والمذاهب والهويات استفاقت من غيبوبتها الإجبارية واستطاعت أن تزيح التراب الذي حجبها وعادت لها الحياة لتعبر عن ذاتها ووجودها وتفصح عن هويتها ... الأكراد... الشيعة... الكرد الفيليين ...الشبك...الصابئة...السنة المعارضون الرافضون للدكتاتورية... كل أولئك راحوا يتحدثون عن جذورهم ورغبتهم في الحياة وبناء بلد يحيا به الجميع ..النساء أعطيت لهن مقاعد في مجلس النواب بما لا يقل عن الربع ...الأقليات ضمنت حقوقها ومثلت في العملية السياسية ..أصبح الناس يتحدثون عن حقوق للإنسان وان كانت مغيبة واقعا ومفقودة... وصار الحديث عن المساواة وعدم التمييز بسبب الدين أو المذهب أو العرق أو العنصر أو القومية...الخ ..ولكن هل أعطي السود في العراق حقوقهم وهل فتح المجال لهم لأخذ دورهم أسوة بالآخرين ؟؟ هل تنفذوا وتبوئوا مناصب مهمة باعتبارهم أبناء لهذا البلد ؟؟.. باعتبارهم شاركوا العراقيين في حصتهم من عذابات نظام صدام ..هل نالوا استحقاقاتهم أسوة بالآخرين ؟؟ .

حين بعث النبي محمد ( عليه الصلاة والسلام ) برسالة السماء لإحداث التغيير في المجتمع الجاهلي ركز على جملة من الأخلاق والمبادئ الإنسانية السامية وعمل على إشاعتها بين الناس وكان ابرز هذه المبادئ مبدءا مساواة جميع الناس في الحقوق والواجبات وان الإسلام ينظر للجميع نظرة مساواة بغض النظر عن جنسهم وعرقهم سواء أكانوا من البيض أم من السود وكان لقضية تحرير العبيد وإعطائهم كافة الحقوق الإنسانية الأثر الأكبر في نفوس معارضي الدعوة الإسلامية باعتبارها تساوي بين العبيد والأسياد الذين كانوا يملكونهم وتبضعونهم من السوق كأي سلعة ..كان لـ ( بلال ) دورا مهما في المشهد الإسلامي آنذاك خصوصا في تطبيق مبدءا المساواة وتحرير العبيد وتحويل هذا المبداء من مجرد دعاية وشعار إلى تطبيق عملي واقعي ..تحرر بلال واستعاد إنسانيته وحقوقه وما عاد يهمه لون بشرته الذي لم يكن ليختاره لو إن الأمر كان موكولا إليه وكان النبي (عليه الصلاة والسلام) غاية في الحكمة حين اخرج مبدءا المساواة إلى المجتمع من خلال قضية (بلال ) الرجل الأسود حتى وصل أمر احترام السود إلى أن يكون بلال أول مؤذن في الإسلام ..بلال.. العبد المتحرر الذي وطاء بإقدامه السوداء الكعبة المقدسة .. وهذه صرخة إسلامية مدوية تفصح بان الإنسان اسمي المقدسات وأولاها بالرعاية والحفظ .
والسؤال هنا هو هل نجح المجتمع العراقي في أن يقفز على بعض أعرافه المنحدرة من المجتمع الجاهلي ويبدل النظرة الدونية التي ينظرها لأصحاب البشرة السوداء , أنا لا اعتقد ذلك فانا ومنذ وان بدئت أعي الحياة في بداية الثمانينات لم أشاهد رجل أو امرأة من أصحاب البشرة السوداء يتبوءون مناصب مهمة ويشاركون في صناعة القرار وحتى بعد عمليات التغيير والتحول الذي شهده البلد على كافة الأصعدة لم أشاهد إن هناك حزب سياسي إسلامي أو علماني جعل من احد أصحاب البشرة السوداء قياديا أو عضوا بارزا فيه حتى عملية المحاصصة في توزيع المناصب الرسمية والحكومية التي بلغت درجات مخجلة , لم نجد إنها أعطت لأصحاب البشرة السوداء نصيبا منها ليكون دلالة على مبدءا المساواة .
أصحاب البشرة السوداء كثر في العراق خصوصا في مناطق الوسط والجنوب وأمر ليس بالعادي أن لا نشاهد احدهم باعتباره الوطني العراقي حاضرا في المشهد السياسي والحكومي ..حالة سلبية تساهم جميع الكتل والأحزاب في صناعتها وتحمل مسؤوليتها ولا ادري هل إن السبب في ذلك عدم وجود كفاءات وخبرات لدى أبنائنا من أصحاب البشرة السوداء أم إن هذه الكفاءات موجودة ولكن علم أهلها المسبق بالنظرة الدونية للمجتمع تدفعهم للانزواء وعدم دخول ميدان المنافسة .
ليس هناك موانع قانونية أو دستورية تمنع السود من أي حق خصوصا في ممارسة دورهم السياسي ترشيحا وانتخابا ولكن يبدو أن هناك موانع عرفية واقعية يفرضها المجتمع تمنعهم من خوض ميدان السياسة والإبداع فيها كباقي المجالات حيث إننا نجدهم مميزون ومبدعون في مجال الفن والرياضة ومجالات أخرى .
الفقر وهو يفتك بالناس لا يفرق بين ابيض واسود ... والمفخخات وهي تأكل الأجساد لا تفرق كذلك في اختيار الضحايا ... وقانون الخدمة العسكرية الإلزامية الذي فرضه صدام ويراد فرضه اليوم يشمل الجميع , واليوم على المجتمع ان يعي انه يعيش القرن الحادي والعشرون وانه من المفترض أن يكون قد تجاوز عقود الجاهلية وان يحتضن كافة أبنائه ويدفعهم لمواقع المسئولية انطلاقا من معيار الكفاءة بغض النضر عن أي شيء .


[email protected]











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب