الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غالبية فلسطينية بلا تمثيل شرعي حقيقي

عماد صلاح الدين

2008 / 5 / 1
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


30- 4- 2008
ها نحن نقترب من الذكرى الستين لحدوث أكبر كارثة إنسانية وأخلاقية حلت بالشعب الفلسطيني مع نهاية أربعينيات القرن الماضي ؛ حينما تم تهجير أكثر من 850 ألف فلسطيني على يد العصابات الصهيونية ، وكانوا يمثلون في حينها ثلثي الشعب الفلسطيني ، والذين يقدر عددهم اليوم بأكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني من مجمل أكثر من عشرة ملايين فلسطيني .

واثر التهجير والتشتيت الذي تعرض له الفلسطينيون ، سعت أطراف عربية وفلسطينية في ستينيات القرن الماضي إلى إنشاء إطار ومرجعية لتمثيل الفلسطينيين أينما كانوا وحيث وجدوا ، فأوعز الرئيس المصري في حينها جمال عبد الناصر بعقد مؤتمر بالقدس من اجل إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية التي تزعمها احمد الشقيري. وكانت هذه المنظمة في البداية تقوم على دعامة وأساس قومي ، إلى أن أحيلت المسألة إلى البعد الوطني الفلسطيني بعد نكسة حزيران 67 ، ليصبح على رأس المنظمة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ، وحركته التي أسسها ، حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح .

ولا غبار أن المنظمة لفترة زمنية كانت هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، حينما كانت هذه المنظمة في ريعان شبابها وان لم تقم وتؤسس على أسس ديمقراطية ، وكذلك حين كانت تتمسك بحقوق وثوابت الشعب الفلسطيني كاملة دون انتقاص .

لكن منظمة التحرير الفلسطينية دخلت في دورة حياتها بمراحل عدة ، وصلت في نهاية مطافها ، إلى تهميشها بل وإلغاء دورها الوطني التمثيلي الجامع عمليا ، لصالح مشروع سياسي اسمه السلطة الفلسطينية ، بعد توقيع اتفاقات أوسلو مع بداية العقد الأخير من تسعينيات القرن العشرين المنصرم ، وعلى هذا فلم يعقد لمنظمة التحرير ومؤسساتها المختلفة جلسات أو ادوار حقيقية ، وتحيدا فيما يتعلق بمجلسها الوطني منذ أوسلو وحتى اليوم إلا مرة واحدة وهي في عام 1996 ، من اجل إلغاء بنود الميثاق الوطني التي في مجملها تؤكد حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته وأداة نضاله الطبيعية والتاريخية لصالح مشروع التسوية وأداته التفاوضية .

ورغم فشل مشروع التسوية مع إسرائيل في نهاية المطاف ، بسبب أن دولة الاحتلال هذه كانت تتخذ من مشروع السلام ممرا لتدعيم حقائق ووقائع مشروعها الاستيطاني على الأراضي المحتلة ، وتحديدا الضفة الغربية والقدس المحتلة ، وبالتالي إضفاء شرعية على إجراءاتها الاستيطانية تحت مظلة المفاوضات والتسوية مع الفلسطينيين ، إلا أن أحدا من القيادة الفلسطينية الرسمية لم يعمد إلى الدعوة الحقيقية والجادة لإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية من خلال إصلاحها وتفعيلها على أسس ديمقراطية ووطنية ، ذلك لأنها فقدت الصلاحية التمثيلية على صعيد المضمون وعلى صعيد الشكل الشخصي لأعضائها ، فاللجنة التنفيذية للمنظمة مثلا معظم أعضائها إما انتقلوا إلى الدار الآخرة أو استقالوا أو أنهم في حقيقة الأمر لا يمثلون شيئا في الساحة الفلسطينية -على الأقل- في الأراضي المحتلة عام 67 .

هناك جدل كبير في الساحة السياسية الفلسطينية حول قضية تمثيل الفلسطينيين والتحرك باسمهم في مجالي السياسة والعمل المقاوم بالمعنى التقليدي ، بل إننا أمام مشاريع متصارعة باتت لا تلتقي حتى في سياقات الحدود الدنيا المتفق عليها ، فهناك مشروع تفاوضي مع إسرائيل لا زالت أطرافه الفلسطينية تتمسك به رغم كل ما جرى للفلسطينيين بسببه منذ أوسلو الأولى عام 1993 وحتى انابوليس الجديدة مع نهاية 2007 ، وهناك مشروع يتخذ من المقاومة والمواجهة مع الاحتلال والتمسك بالحقوق والثوابت مسارا لا رجعة عنه .

ولعل المراقب للأوضاع الفلسطينية في الأراضي المحتلة يفهم سر مآل هذه الأوضاع سلبيا من انقسام وحصار للفلسطينيين في قطاع غزة بسبب هذا الاختلاف في التوجه والسياسة للقطبين الرئيسيين في الساحة الفلسطينية ما بين فتح وحماس ، والذي تغذيه وتدعمه أطراف إقليمية ودولية سمحت القيادة الفلسطينية الرسمية بتعميقه وتأزيمه، حينما راهنت على جهات وأطراف هي في الأساس عدو أساسي لحقوق وتطلعات الشعب الفلسطيني .

كلُ يتحرك في الساحة الفلسطينية بادعاء تمثيل الفلسطينيين ، من خلال الحديث عن الشرعية وعدمها عند طرف دون الأخر . ربما حديث الشرعية هذا يصدق على الأراضي الفلسطينية المحتلة باعتبار أن انتخابات ديمقراطية جرت في عام 2006 والتي فازت فيها حماس بالأغلبية البرلمانية وقبلها انتخابات الرئاسة عام 2005 ، لكن حديث الشرعية والتمثيل لا وجود له وبحق حينما يتعلق بالغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني . وهذه الغالبية هي اللاجئون الفلسطينيون الذين يشكلون أكثر من ثلثي الشعب الفلسطيني ، والذين لا يجدون من يمثلهم ديمقراطيا على الأقل .

لذلك لا يحق لأية جهة كانت أن تتحدث عن حلول وتسويات لا على صعيد قضية اللاجئين الفلسطينيين ولا حتى على صعيد مجمل القضية الفلسطينية ، طالما أن الغالبية العظمى من الفلسطينيين الذين من الناحية الأخلاقية القانونية والسياسية هم من يملكون حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني . لا يوجد إطار حقيقي ديمقراطي وجامع يمثلهم ، ومن أراد أن يتحدث باسمهم فالحديث لا ينصب إلى على التوجه الطبيعي لهؤلاء اللاجئين الفلسطينيين القائم على التمسك بحقوقهم وثوابتهم .

ولهذا ، فهذه دعوة من جديد لإحياء وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية على أسس وطنية وديمقراطية من جديد ، لان المنظمة ماتت ولم تعد تمثل أحدا، ومرجعية هذا الإحياء والإصلاح تجد سندها في اتفاق القاهرة 2005 ، وفي وثيقة الوفاق الوطني 2006 ، واتفاق مكة 2007 .

كاتب وباحث في مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن