الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دويلات عراقية

سعدون محسن ضمد

2008 / 5 / 4
الارهاب, الحرب والسلام


يتحدث أحد المقربين من مجلس محافظة البصرة عن ثلاث أو أربع ليال عصيبة مرت على رئيس الوزراء بعد وصوله للمحافظة للبدء بحملته الأمنية فيها. الليالي كانت عصيبة لأن مجلس المحافظة فضلاً عن غيرهم من مسؤولي البصرة أحجموا عن دعم المالكي بل أحجموا حتى عن زيارته في مقر إقامته وتركوه لوحده، معتقدين بأنه سيعود بخفي حنين، ولذلك لم يرد أي منهم المغامرة وركوب مركبه الصعب أو (الخاسر) والتفريط بالمصالح المرتبطة بالعصابات المتنفذة. المتحدث يقول بأن المالكي والفريق المرافق له من بغداد أمضوا لياليهم الأربع في قصر مطل على شط العرب لا يتمتع بالحماية الكافية. وكانت الضفة الأخرى للشط خالية من الحراسة الأمر الذي يعرض كامل الفريق لاحتمالات التصفية. وهذا ما يؤكد الأنباء التي تحدثت عن أن المالكي تعرض لحصار محكم في البصرة. وكان يمكن أن يقضى عليه بسهولة، الأمر الذي يرجح وجود خطة معدة مسبقاً وباشتراك الكثير من المتنفذين هناك للإجهاز على مشروع مواجهة الخارجين عن القانون.
على كل حال وبحسب رواية المتحدث فإن الأمر انقلب ما أن استدعى المالكي قوات إضافية وبدى على صولة الفرسان عندها أنها حقيقية وأن الرهان على العصابات يمكن أن يتسبب بخسائر فادحة. وهكذا بدأت الوفود تتوالى داعمة للحكومة.
الفكرة من نقل هذه الحادثة هي الكشف عن مقدار الخسارة التي تكبدناها سنيننا الخمس الماضية ونـحن نباشر بمشروع بناء الدولة وسط جو ضبابي مشحون بمختلف الظروف غير المناسبة. تلك الظروف التي جعلت من عملية الوصول إلى كراسي المسؤولية أشبه باللعبة (القذرة). حيث تحولت دولة العراق الناشئة إلى إقطاعات موزعة بين جهات أقل ما يقال عنها أنها فاسدة. إذ أنها تواطأت مع الجماعات المسلحة، أو أنها اختُرِقت من قبلها، ما شجع على انتشار الفساد داخل أروقة الدولة. والخوف كل الخوف لا يأتي من اللص، بل من المسؤول الذي لا يجد بأساً بالتضامن مع هذا اللص من أجل الحفاظ على مصالحه هو.
وإذا صحت رواية المتحدث، فهذا يعني أننا كنّا على شفا عملية انقسام في الجسد العراقي. وكان يمكن، لو أن صولة الفرسان تأجلت لما بعد انتخابات مجالس المحافظات، أن العصابات تهيمن ومن خلال المال والسلاح الذي بحوزتها والدول التي تقف خلفها على عمليات الاقتراع وتنجح بتزويرها وهكذا تقع محافظات العراق فريسة سهلة للفساد وأجندات دول الجوار. وهكذا إلى أن تتحول كل محافظة إلى دويلة صغيرة داخل جسد الدولة الأم، وعندها لن يعود بالإمكان الحديث لا عن صولة ولا حتى هجمة.
لا تزال هناك مخاوف كثيرة تتعلق بمحافظات أخرى. الموصل (مثلاً) وإمكان سيطرة المسلحين على الأوضاع فيها، هناك مخاوف أكثر تتعلق بمحافظة ميسان، قبل ذلك كانت عشائر الصحوة قد اتهمت مجلس محافظة الرمادي بالتواطؤ مع إرهابيي القاعدة. وهكذا.
اليوم هناك ـ من البرلمانيين ـ من يؤكد بأن أحد أشهر المقبوض عليهم في البصرة كان متهماً بأربعمائة جريمة قتل، وأكثر من خمسة وعشرين جريمة اغتصاب، بل وتشويه جسد المُغتَصَبة بعد اغتصابها. والسؤال هنا: كيف سكتت الحكومة المحلية عن مثل هذا المجرم؟ الجواب بالتأكيد يتعلق بترسانة الأسلحة التي كان يحتمي بها، ودولة الجوار التي كانت تحرص على دعمه ليس بالمال والسلاح فقط، بل وبالمسؤولين من (العملاء) أيضاً. ومثل هذا الرجل المدعوم بمثل هكذا دعم كان يمكن له ـ لو ترك له العنان قليلاً ـ أن يلتهم ليس محافظة واحدة بل إقليم كامل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل ساعات من وصول هوكشتاين.. الجيش الإسرائيلي يهدد حزب الله


.. الجيش الإسرائيلي: حزب الله يدفعنا نحو التصعيد




.. الكرملين يوجه رسالة إلى زيلينسكي بعد مقترح السلام لـ بوتين|


.. فلسطيني يتحدث عن أجواء العيد في غزة




.. بعد الهدنة التكتيكية.. خلافات بين القيادة السياسية والعسكرية