الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعادة تحوير أمخاخ النساء

كريم كطافة

2008 / 5 / 2
كتابات ساخرة


في زمن ما من الماضي البعيد، ثمة حدث قد تجاهله المؤرخون بشكل عجيب على أهميته. الحدث الذي كان مع غيره من الأحداث وربما كان على رأسها، هو الذي عمل على إنجاح الحدث التاريخي اللاحق والذي شخص في ذاكرة بشر الأرض بـ(يوم احتلت النساء مكة)(*). ما كان للنساء أن تحتل ذلك البيت المقدس والانطلاق منه إلى أنحاء الصحراء مبشرات بدين جديد، لولا انتصارهن المبين في الحدث الذي سأستعرض تفاصيله الآن.
على القارئة والقارئ أن يعذراني إذ أحيلهما إلى حوادث قديمة جداً ومسميات قديمة، قد يجدون عسراً في فهم آلياتها وكوامنها الداخلية والتي كانت تعمل على كوكبنا. في ذلك الزمن البعيد، كانت النساء في كل المنطقة المحيطة بالصحراء، قد جرى تحويرهن وبالتدريج إلى كائنات بلا ملامح. كائنات على هيئة أكياس سوداء سائرة على قدمين. أكياس بمختلف الأحجام والهيئات، منها الطويل ومنها القصير ومنها المدور، منها الصغير جداً الذي كان بمستطاعهم ركنه مع غيره من ذات الحجم في صندوق السيارة دون أن يأخذ مساحة تذكر ـ السيارة اختراع قديم كان منتشراً وقتذاك ـ ومنها من لا يكفيه صندوق السيارة كله. لقد سعى القائمون على صناعة تلك الأكياس على جعلها تخفي تقاسيم وأعضاء المحتوى بشكل كامل. معلوم أن للنساء كما للرجال كما لكل كائن حي ثمة أعضاء وتقاسيم وتقاطيع جسدية، أو ما يميز امرأة عن أخرى أو جنس النساء عن جنس الرجال، الرأس، الخصر، الأرداف، النهود..إلخ هذه الأعضاء ستكون ظاهرة حتى مع الكيس، خصوصاً وأن الأكياس كانت في البدء من القماش، الذي لا يستطيع إلا أن يبرز المحتوى أكثر مما يخفيه، لذلك عمل خبراء المودة الصحراوية آنذاك على التفنن في صناعة أكياس تكون قادرة على إخفاء أي معلم من معالم جسد المرأة. حتى توصلوا إلى تلك التقنية المتناسقة التي تجعل الكيس أما مستقيماً بدون انحناءات وزوائد أو مدوراً لا يبوح بشيء من مضمونه. كذلك وجدوا حلاً للشباك الصغير، شباك التنفس الكائن في أعلى الكيس والمتكفل أيضاً بإبراز العيون .. إذ وجدوا في العيون (العيون وما أدراك ما العيون) كل البلاوي التي هربوا منها من إثارة ونداء وحوار ومفاوضات واتفاقات وغيرها الكثير من الحديث الصامت بين عين وأخرى.. لذلك كله وجدوا للشباك ما يشبه الزجاج الأسود الذي يستطيع الكائن خلفه أن يراك دون أن تراه.
كان ردم ذلك الشباك هو الحد الفاصل بين تاريخ وتاريخ أو كما كانوا يقولون كان القشة التي قصمت ظهر بعير الدين والأعراف والدساتير والقوانين التي أبتدعها الرجال لأنفسهم. لأنها تسببت بإثارة ما بعدها إثارة لنساء البلاد التي ناصبت الدين الصحراوي العداء.. نساء ملئن شوارع وساحات المدن الرافلة بحريتهن ولسان حالهن يصرخ بـ(لقد بلغ السيل الزبى..!!!!)
لكن من الإنصاف للحقيقة، أن تلك البلاوي وغيرها الكثير، لم يكن الذنب فيها على الرجال فقط، رغم أنهم كانوا المبادرين والداعين، إنما نساء تلك البلاد كذلك ساهمن في تفشي وانتشار تلك التقنية الصحراوية. الجميع كانوا يستندون رجالاً ونساءً على نصوص ووصايا وتعاليم شكلت مع بعضها ديناً متكاملاً له نبي وأوصياء. دين جديد صادر دينهم القديم وبنى قبابه ومحرماته وتعاليمه على أنقاضه. وكان ذلك هو الدين الصحراوي، الدين الذي يدرسه تلامذتنا الآن مع غيره من الأديان في مدارسنا كتاريخ قديم.
كانت من أبرز القضايا العويصة التي عالجها الدين الصحراوي قضيتين؛ اعتبرهما على رأس أولوياته، راكناً الفقر والأمراض والأوبئة والحروب والتصحر إلى آخر أو خارج أولوياته حتى. القضية الأولى هي شيطنة جنس النساء باعتبار المرأة أما مطية للشيطان توقع الرجل بحبائلها أو بمفاتنها أو هي الشيطان ذاته. بالتالي على حماة الدين إقصاءها بعيداً عن شؤون وشجون الرجل المستهدف بشيطنتها. وكانت تلك التقنية المشار إليها أعلاه كفيلة بتحجيم شيطنة هذا الجنس والتخفيف من عواقبه. أما القضية الثانية فكانت تتعلق بالزمن. لم يعد للزمن وفق تعاليم ذلك الدين، أبعاده المعروفة، ماضي وحاضر ومستقبل، إنما هو ماضي فقط. ماضي يعيد إنتاج نفسه بنفسه على الدوام على يد سدنة ووكلاء وأمراء وحماة. وما على طلبة العلم وأساتذته إلا أن يستخلصوا العبر والدروس من خلال تلك الدورة المغلقة للزمن. لذلك لم يكن عندهم قديم وحديث. على أية حال، كانت لأتباع الدين الصحراوي تعاليم وعلوم خاصة، من نتائجها أو تجلياتها، أن حدثت عندهم كوارث وأزمات كبيرة، على رأسها تصحر غير المتصحر من أراضيهم وإنعدام إمكانية الزراعة لأي منتوج زائداً حروب طويلة قتل فيها الكثير من الرجال. كانت حروبهم بين الرجال بالطبع. كذلك أمراض وأوبئة كانوا يعالجونها بأدعية ونصوص يجدونها في كتبهم القديمة مصحوبة بتوسلات إلى السماء، لكن دونما جدوى. والملمح الأبرز في سلوك الدين الجديد، هو ذلك التقسيم للبشر بين (نحن وهم) وكان الـ(هم) كل ما هو ليس على دينهم. إذ ألصقوا بالـ(هم) كل الموبقات والأوصاف الكريهة بدءاً من النجاسة وصولاً إلى الكفر. ولم يكتفوا بذلك، بل شنوا حروباً على ذلك العالم المعرف بـ(هم) بدعوى كفره، أرادوها حرباً لإبادة كل كفرة الأرض، لكنها وبسبب أسلحة الـ(هم) الكفار تحولت إلى حروب لإبادة الـ(نحن).. كانت بمثابة حروب انتحار.
كثرة حروب الانتحار الخارجية والأوبئة والحروب الداخلية بين أمرائهم وشيوخهم بسبب خلافات تفسيرية لهذا النص أو ذاك من نصوصهم القديمة، قد أحدث فائض مخيف في عدد النساء.. وقيل وقتها أن النسبة اقتربت من سبعة إلى ثلاثة لصالح النساء. هذا يعني أن هناك أربعة نساء كن على الدوام يبحثن عن شركاء حياة دونما جدوى. أذكر كل هذا كتوطئة لاستعراض أهمية الحدث الذي أنا بصدده. الحدث المنسي في أرشيفنا الأرضي على أهميته الحاسمة.
حصل في ذلك الزمن، أن توصل باحثان من خارج بلاد الكيس الأسود أي بلاد الـ(هم) إلى إمكانية السيطرة على أمخاخ الذباب الإناث وجعلها تتصرف كالذكور، ذلك بإدخال تعديلات جينية على ما مقداره ألفي خلية من الخلايا العصبية في المخ، تلك التي تتحكم في السلوك الجنسي للذبابة. وكما هو معروف في سلوك الذباب؛ أن على الذكر العمل بكل جدية لإقناع الإنثى بقبول تودده إليها وهذا يتم بإصدار أصوات خاصة، تكون بمثابة أغنية غزلية قد ترغبها الإنثى المطلوبة وبالتالي تسلم نفسها للذكر المختار وقد لا ترغبها و تتركه بلطف دون أن تقول له ( امش من هون ومش بوزك). كان الاكتشاف بمثابة الشرارة التي أججت الحريق اللاحق. إذ تبنت الاكتشاف إحدى الجمعيات النسوية وكانت من الجمعيات الغنية في بلاد الـ(هم). إذ مولت المشروع، منطلقة من سؤال؛ يقول؛ طالما هناك إمكانية السيطرة على مخ ذبابة، لماذا لا يمكن السيطرة على مخ البشر..؟ من هذا السؤال انطلقت الأبحاث الجديدة وكانت تعمل بهدف سري المقصود به بلاد الكيس الأسود أي بلاد الـ(نحن).. لفتح المغلق من الأمخاخ وانتشال النساء من سلبيتهن المزمنة وانقيادهن المرضي للرجال الذين يثنون ويثلثون ويربعون عليهن وهن صاغرات. لذلك تكرست الأبحاث الأولية على البدء بمخ المرأة.
بعد نجاح التجارب الأولية على عقار وُضع في حبة صغيرة كرأس الذبابة والتأكد من مفعوله السريع والناجح بتحوير مخ المرأة، بما يجعلها أشد ميلاً للتدخل في شؤون وشجون الرجال، عملت تلك الجمعية على تجريد حملة عالمية من الترويج للعقار الجديد في بلاد تقنية الكيس الأسود.. وما هي إلا بضعة سنين حتى بدأ العمل يأتي ثماره.. إذ أخذ وبالتدريج يتناقص عدد الأكياس السائرة على قدمين، بالتلازم مع تفشي ملامح السلوك الذكوري في المتحررات من تلك الأكياس.. وبما أن النسبة كما قلت كانت تميل بشكل حاسم عددياً لصالح النساء.. عندها بدأت ملامح الغلبة والتغلغل التدريجي في مراكز القوة في كل بلد تميل لصالح النساء.. الأمر الذي أوجد إتحادات وجامعات من عدة دول تقودها نساء، ليتكاثر لاحقاً عددها.. وصولاً إلى ذلك اليوم المشهود الذي استولت فيه النساء على آخر معقل من معاقل الدين الصحراوي.. أقصد حملة احتلال النساء لمكة وبداية الدين الجديد الذي كانت له نبية وليس نبي.. دين الإنثى لأول مرة في التاريخ البشري..
(*) هذا عنوان لمقال كتبه كاتب مصري شاب اسمه ماجد حسانين.. نشره في صحف الكترونية مختلفة. يمكن الرجوع إليه عبر هذا الرابط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=27437












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??