الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام من منظور اداري تنموي

اكرم سالم
(Akram Salim Hasan Al-janabi)

2008 / 5 / 3
الادارة و الاقتصاد


من اهم الأمور ذات الدلالة في العالم الثالث هي قضية المشاركة الشعبية الأوسع في التنمية ، و تتحقق من خلال عدة مداخل على رأسها الحراك الإعلامي الايجابي الذي يسهم في تقديم جميع المعلومات الضرورية لجعل مساهمة الجماهير ممكنة في صنع القرار التنموي ، مع القاء الضوء على مدى هذه المشاركة ونتائجها وعقباتها ووضع الحلول اللازمة لها . وذلك يتطلب اعلاما بأتجاهين متفاعلين ديناميكيا ، الاتجاه الإعلامي ، والاعلام الراجع الاستعلامي الذي يقوم بعمليتي التغذية العكسية وتصحيح المسار آنيا ، كضرورة جوهرية لعملية الارتقاء التنموي ومغادرة الحلقة المفرغة للتخلف .
وبذلك يتطابق مفهوم الاعلام كمهمة وطنية ملحة لها اهدافها الاجتماعية الديمقراطية مع مفهوم العلاقات العامة كوظيفة اساسية حديثة من وسائل الادارة والتحول الاقتصادي . فجمعية العلاقات العامة الدولية International Public Relations Association تذهب الى تعريف العلاقات العامة بأنها " الوظيفة المستمرة والمخططة للادارة التي تسعى بها المنشآت بأختلاف انواعها واوجه نشاطها الى كسب تفاهم وتعاطف وتأييد الجماهير الداخلية والخارجية ، والحفاظ على استمراره ، وذلك بدراسة الرأي العام وقياسه للتأكد من توافقه مع سياسات المنشأة واوجه نشاطها ، وتحقيق المزيد من التعاون الخلاق والأداء الفعال للمصالح المشتركة بين المنشآت وجماهيرها بأستخدام الاعلام الشامل المخطط " .
كما يعرف المعهد البريطاني العلاقات العامة The British Institute of Public Relations بأنها الجهود المخططة المستمرة لأقامة التفاهم المتبادل بين المنظمة وجماهيرها والمحافظة عليه .
ومن ابرز توجهاتها ومهامها ومبادئها التي قامت عليها هو انها عملية ادارية مستمرة ومخططة ، وانها بلورة للرأي العام . وانها فلسفة للادارة تجاه المجتمع . وانها نشاط اعلامي بأتجاهين من المؤسسة للجمهور ، ومن الجمهور للمؤسسة بشكل قياس وتقييم وانها نشاط مستمر لايتوقف عند اقامة علاقات طيبة بل يسعى الى المحافظة عليها .
وفي معرض تناولنا السريع للعلاقة بين الاعلام او العلاقات العامة والتنمية ، نشير الى نظريتين مهمتين من نظريات التنمية ، الاولى نظرية روستو W.W. Rostow - او نظرية المراحل 1960 التي تؤكد على انه لايمكن لأي مجتمع ان يصل لدرجة النمو الا بعد سيره في طريق طويل شاق وبخمس مراحل هي :
مرحلة المجتمع التقليدي استنادا لعدد من المؤشرات الانتاجية ، التي تشير الى حالة التخلف التي تشترك بها جميع بلدان العالم الثالث ، من خلال اشتراكها في بعض الصفات الاقتصادية السياسية والاجتماعية .
مرحلة التهيؤ للانطلاق من خلال ايجاد ظروف اقتصادية سياسية اجتماعية يستطيع فيها المجتمع التحول من مجتمع تقليدي الى وضع يمكن فيه استغلال ثمار العلم الحديث والتغلب على انخفاض الانتاجية ، ويتميز بأنتشار التعليم .. وخلالها تنقلب الموازين لصالح التصنيع .
مرحلة الانطلاق التي يتم فيها القضاء على مقاومات التغيير للنمو . وعدد روستو ثلاثة عوامل كشروط لانتقال المجتمع الى مرحلة الانطلاق ، هي ارتفاع معدل الاستثمار ، وتنمية قطاع اقتصادي رئيس ، وتوافر هيكل اجتماعي سياسي تنظيمي يحسن استغلال الموارد وتغذية النمو ودفعه الى الأمام .
مرحلة الاتجاه نحو النضج الاقتصادي التي تؤكد فيها المجتمع مقدرته على الحركة ، واستيعاب وسائل الانتاج والتكنولوجيا ، وتتميز هذه المرحلة بتغير تركيبة القوة العاملة ، وتغير افكار المجتمع وتغيير ادوار اصحاب الثروات الى مديرين .
مرحلة الاستهلاك الوفير ، وتتميز بأرتفاع المستويات الاستهلاكية لأفراد المجتمع وتخصيص قدر كبير من موارده للامور الاستهلاكية .
فروستو يفترض ان التخلف مرحلة من المراحل التي تسير وفق آلية محددة ، وانه لولا تأثير النموذج الغربي الاستعماري لما ( أفاقت ) دول العالم الثالث من رقدتها !! وهو أمر مردود بكل المقاييس والشواهد التاريخية التي تؤكد على اجهاض وتقويض غالبية التجارب التنموية الجادة ، من قبل الهيمنة الاستعمارية العالمية ، اما حركة المساعدات والتنمية الغربية التي قد اشرت خلال الستينات والسبعينات فأنها كانت محدودة وتجميلية لأسباب تتعلق بقضية الصراع العالمي في مرحلة الحرب الباردة خلال القرن الماضي ، وتنافس المعسكرين على كسب ود تلك الشعوب .
اما النظرية التنموية التي جاءت اقرب الى تطلعات شعوب العالم الثالث فهي نظرية ولبور شرام التي ربطت بشكل معاصر بين الاعلام والعلاقات العامة وبين التنمية . وقد ظهرت عام 1964 بهدف النمو المتوازن في كل قطاعات المجتمع . ويؤكد شرام ان ذلك لن يتحقق دون مشاركة وتعاون الشعب على تنفيذ الأساليب الجديدة من خلال عوامل عديدة منها :
الربط الثقافي الاجتماعي الشامل .
العلاقات والمعتقدات والقيم وعلاقاتها مع عملية التغير .
المهارات وضرورة سيرها جنبا الى جنب مع التنمية .
وهذا لا يمكن ان يتحق الا من خلال الاعلام وادواته المتجسدة في وسائل الاتصال التي تلعب دورا حيويا في تذليل العقبات التي تواجه التنمية ، وتوسيع آفاق الفهم والتعاون وايجاد المرتكزات المعنوية وارادة التغيير واللحاق بركب المعاصرة والتقدم . والتأكيد على مسألة النقاش والحوارات الخاصة بالتنمية من قبل اوسع القطاعات الشعبية في اتجاه المشاركة الوطنية بعملية التنمية وبرامجها وخططها . أي من خلال انشاء قواعد سلوكية وذوقية رفيعة في اذهان الناس تحث نحو تفعيل التنمية ، وتقف بالمرصاد ضد الانحرافات والتباطؤ .
ولكن من ابرز المؤاخذات على نظرية شرام الاعلامية التنموية ، هو ان شرام شأنه شأن الكتاب الغربيين الآخرين ظل يعتبر شعوب بلدان العالم الثالث مجرد مقلدة محاكية في افضل حالاتها للنموذج الغربي المثالي . وان هذه الشعوب بلا تاريخ وارث ثقافي حضاري خاص بها يمكن استثماره محفزا في مساعيها نحو النهوض . فهي لا تعدو ان تكون في واقعها نسخا مشوهة للعالم الغربي .
غير انه يجب علينا عدم انكار اهمية هذا الدمج بين الابعاد الاعلامية الاقتصادية الاجتماعية السياسية ، الذي التفت اليه شرام واكد عليه ، والقى عليه المزيد من الأضواء ، وبخاصة اهمية الاعلام كوظيفة متجددة واساسية ملازمة للنمو الاقتصادي في مرتكزاته وآفاقه الشاملة ، اذ لايمكن عزل الاعلام وانشطة وسائل الاتصال العامة عن حركة المجتمع وتطوره ابتداء من خلاياه ووحداته المؤسسية الاقتصادية الأولية وصولا الى مؤسسته الكبرى وهي الدولة ، التي لا يمكن لها ان تستغني عن هذه الأجهزة بأي حال من الأحوال ، بل تكون هذه الوظائف الإعلامية مضاعفة واستثنائية ونوعية ، في دول العالم الثالث الذي تكون قضية التنمية والاعمار والبناء قضية بقاء او فناء ، قضية حياة او موت ، قضية استقرار او تفكك وفوضى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ??محكمة العدل الدولية تقضي بعدم اختصاصها بفرض تدابير مؤقتة ب


.. محمد العريان يجيب عن السؤال الصعب.. أين نستثمر؟ #الاقتصاد_مع




.. الذهب يتراجع من جديد.. جرام 21 يفقد 20 جنيه


.. محمد العريان يكشف لسكاي نيوز عربية عن أهم الاستثمارات خلال ا




.. تتجه الأعمال اليابانية إلى تنمية اقتصادات ذات تأثير إيجابي ف