الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط اخر رموز القوميين العرب

سمير عادل

2004 / 1 / 6
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


   سواء القي القبض على صدام حسين في نيسان حسب "نظرية المؤامرة" او قد سلم نفسه في كانون الاول، فلن يغير ذلك من المعادلة شيئا. فاحد ابرز الرموز القومية الشوفينية العروبية قد طويت صفحته، ليتوج بهذا نهاية حقبة مريرة من تاريخ التيار القومي العربي الذي ظل يجر أذياله بعد هزيمته عام 1967 واجتياح القوات الاسرائيلية لبيروت عام 1982. ولا نستغرب ابدا عندما نقارن بين الذين خرجوا غضباً وحزناً وبكاءاً وكمداً، احتجاجاً على القاء القبض على صدام حسين من قبل القوات الامريكية والذين لم يتجاوز عددهم المئات، بالملايين من سكان العالم العربي الذين وقفوا صامتين ازاء ما يحدث. فأنها تكشف عن مدى معاداة هذا التيار العروبي للحرية والمساواة والرفاه التي طالما تطلعت لها الجماهير في المنطقة وكذلك  الهوة التي تفصله عن تلك الجماهير. فقد كان يوما يدفع قسما بها الى حروبه القومية وقسما آخر الى المعتقلات وبيوت الاشباح والتعذيب وساحات الاعدام ومن تبقى منهم يرمى به بين فكي رحى الجوع والحرمان.
 وفي هذا المشهد الدرامي، لا يستحق الشفقة غير المثقفين القوميين العرب من امثال عبد الباري عطوان وغيره، اولئك الذين عاشوا خارج الزمن الانساني، لما آلت اليها اوضاع الحركة القومية العربية ورموزها الفاشيين. ويبدو ان تاريخ ما بعد الحرب الباردة، اصبح يصفي حساباته مع كل اشكال القوميين وبشكل درامي، بحيث يترك بصماته بشكل واضح على من توهم وخدع بترياق القومية.  فقبل صدام حسين كان عبد الله اوجلان الذي اوصى اعضائه في حزب العمال ان يقرأوا شكسبير وشوبنهور، بدلا من ان يحملوا السلاح ضد دولة اتاتورك، فـ" أمه تركية وهو يحب الاتراك" كما قال بعد القاء القبض عليه. ولا ندري ماذا سيوصي صدام حسين رفاقه ان يقرأوا او يصغوا الى غير رسائله الجهادية التي اودت بحياة المئات من الابرياء ايام نضاله السري.
 ان تاريخ هزيمة التيار القومي العربي ليس يوم تاريخ القاء القبض على صدام حسين بل هو يوم "سقوط" بغداد على يد القوات الامريكية. لكن القوميين العرب ظلوا يننفخون الروح عبثاً باسطورتهم، وهذه المرة تحت عنوان "مقاومة الاحتلال"، محاولين التملص من الاقرار بهزيمتهم العسكرية والسياسية، حتى جاء سقوط رمزهم صدام حسين. ليتحول بهذا الى اسم من الاسماء المدونة في كتب التاريخ الى جانب الخلفاء الراشدين وهارون الرشيد الذين تغنى بامجادهم ممثلي الاسلام السياسي وصدام حسين. لقد حاول صدام ان يقيم مصالحة تاريخية بين القومية العربية والاسلام لمواجهة "اعداء الامة العربية والاسلامية" عبر الاعلان عن حملته الايمانية ودعواته الجهادية بدلا من الخميني وخامنئي واسامة بن لادن. فليس عبثاً ان يصرح خامنئي ان العالم سيكون اكثر سلاماً بدون صدام حسين بعيد القاء القبض عليه واضاف له شارون وبوش نفس التعليقات. فصدام حسين كاد ان يسحب البساط من تحت اقدام من اعتاش على القضية الفلسطينية ومحاربة الشيطان الاكبر. لكنه سرعان ما سقط بيد من ساعدوه ودعموه اعلامياً وسياسياً ولوجستياً وعسكرياً خلال معاركه ضد الشيوعيين والتحرريين وحروبه القومية، لتخلى ساحة الارهاب والاعدامات وتصفية المخالفين السياسيين الى الاسلام السياسي.
ان حقبة اخرى واكثر دموية ستواجه جماهير العراق قد بدأت. ولكنها ستستمر لو لم يقم التيار الانساني بالتصدي لها. انها الاسلام السياسي الذي سيلتحق به القوميون العرب المهزومين ومن ضاعت بوصلته في خضم معاركه ضد الاحتلال وادارة بوش التي ستحصل على المزيد من الدعم المعنوي والسياسي والمادي بعد اعتقالها لصدام حسين.
 سيكون العالم اكثر سلاماً، الا ان خامنئي فاته ان يضيف "بدونه" هو وعصابته وبوش وشارون الى جانب صدام. هذا العالم الآمن لن يصنعه الا الحزبان الشيوعيان العماليان في العراق وايران.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غالانت: لدينا مزيد من المفاجآت لحزب الله.. ماذا تجهز إسرائيل


.. مظاهرات عالمية ضد الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان




.. مروحية إسرائيلية تستهدف بصواريخ مواقع على الحدود مع لبنان


.. سعيد زياد: الحرب لن تنتهي عند حدود غزة أولبنان بل ستمتد إلى




.. قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية على شقة في بطرابلس شمال لبنان