الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مريم الدمناتي ناشطة امازيغية وباحثة في مجال التربية والتكوين تتحدث عن قضية تعليم الأمازيغية

مصطفى عنترة

2008 / 5 / 6
مقابلات و حوارات


ـ ما هو تقييمكم لحصيلة تجربة تدريس الأمازيغية في التعليم الأساسي؟

أعتقد أن من حقنا أن نأمل بعد عقود من التهميش والإقصاء في أن نشعر بانتماء طبيعي إلى الدولة المغربية عبر هويتنا وثقافتنا الأصليتين، والحال أن ما حدث طوال عقود الإستقلال الأولى هو أن السلطة حاولت جعلنا ننسلخ من هويتنا الأمازيغية حتى نكون مغاربة، مع العلم أن معنى " تامغرابيت" الأصلي إنما يتحقق في الأمازيغية قبل كل شيء، و قد كان القرار السياسي لـ 17 أكتوبر 2001 حدثا تاريخيا بالنسبة لنا، اعتقدنا بموجبه بأن الأمازيغية ستعرف انتقالا نوعيا في وضعيتها، غير أن حصيلة ما تمّ حتى الآن لا ترقى إلى مستوى طموحاتنا، ففي مجال التعليم ما زال التعميم الذي تمّ إقراره أفقيا و عموديا في أفق سنة 2011 بعيد المنال، حيث لا يتجاوز عدد التلاميذ المستفيدين من تعليم الأمازيغية 7.5 في المائة، كما أن التعميم الذي كان ينبغي أن يشمل سائر المدارس على كافة التراب الوطني قد تراجع وانحسر حيث تخلى العديد من المدرسين عن تدريس هذه المادة، كما أن درس الأمازيغية لم يتجاوز عمليا السنة الأولى والثانية في الوقت الذي كان ينبغي أن يصل الآن إلى السنة الخامسة ابتدائي، والأكاديميات التي التزمت بتطبيق مضمون المذكرة 133 والتي عددها 7 من أصل 16 أكاديمية وجدت الكثير من الصعوبات، أما التسع أكاديميات المتبقية التي لم تقم بأية جهود تذكر كما لو أن الموضوع لا يعنيها من قريب أو بعيد فلم تتم محاسبتها لا من طرف الوزارة الوصية أو أي طرف آخر. وقد تم الإحتفاظ بالكتاب المدرسي الخاص بتعليم اللغة الأمازيغية في سراديب الأكاديميات والمندوبيات عوض توزيعه، مما جعل سنة 2003-2004 سنة بيضاء بالنسبة للأمازيغية، واستمر المشكل قائما بالنسبة لكتب السنة الثانية والثالثة والرابعة حتى سنة 2007، حيث يتمّ تأليفها دون أن تصل إلى المعنيين بها، ولم يتم تسجيلها ضمن لائحة الكتب المدرسية للوزارة الوصية إلا في الآونة الأخيرة. و أما بالنسبة لدورات التكوين فلم تكن كافية حيث لم تكن في معظمها تتعدّى خمسة أيام ( 15 يوما في السنة)،
واقتصرت على الأكاديميات السبع التي ذكرنا دون الأخرى التي امتنعت عن تنظيم الدورات التكوينية المقررة لمدرسي الأمازيغية دون أن يحاسبها أحد. وظهر بالملموس بأن الفوضى والإرتجال هو ما يميز عملية إدماج الأمازيغية في التعليم، مما أدّى إلى تراجع العملية ككل بسبب الصعوبات التي تعترض المدرسين والتي منها عدم تحمس العديد من المدراء لهذه العملية حيث قبل بعضهم القرار على مضض دون أن يسمحوا بأن يتعدّى التدريس السنة الأولى أو الثانية، أما الذين رفضوا بشكل علني فقد امتنعوا عن إرسال مدرسين من مدارسهم إلى دورات التكوين، كما جعلوا من حصص الأمازيغية المقررة رسميا ضمن استعمال الزمن حصصا للتقوية في اللغة العربية. كما أن مفتشين طالبوا بعض المدرسين بتقليص عدد الساعات المقررة للأمازيغية من 3 إلى أقل من ذلك بحجة أن الأمر "غير واضح" رغم وجود المذكرات 108 و 90 و 130 و 133 التي لا يعتريها أي لبس. و أصبح الكثير من المدرسين يتساءلون عن جدوى التكوين الذي تلقوه إذا كانت ظروف العمل منعدمة تماما داخل مؤسساتهم.
إنها مظاهر من التمييز الواضح الذي لا غبار عليه، فنحن أمام عملية التفاف على قرار رسمي ليتم إفشاله على الأرض بسبب شيوع الذهنية الإقصائية القديمة داخل المؤسسات، خلافا لما يسود في أوساط المواطنين من اعتزاز بهذا القرار و من أمل في نجاحه.

ـ في نظركم ما هي الأسباب التي تقف في وجه تجربة إدماج الأمازيغية في التعليم؟

الأسباب كثيرة منها وجود خلل بنيوي في المنظومة التربوية منذ عقود طويلة، مما يجعل من الصعب إنجاح أي مشروع داخلها، و منها كذلك عدم ارتباط المؤسسة التعليمية بمحيطها السوسيوثقافي و بواقع الطفل المغربي، يضاف إلى ذلك انعدام الإرادة الحكومية اللازمة حيث ما زالت إشكالية الهوية و التعدد اللغوي والتنوع الثقافي موضوع ممانعة لدى بعض الأطراف المشاركة في الحكومة رغم ما بلغه الخطاب الحقوقي الدولي من تقدم ورغم القرار الملكي الذي كشف تصلب العديد من القوى السياسية المغربية وتخلفها الإيديولوجي، حيث ما زالت بعض الأحزاب لا تستطيع تصور المغرب خارج نموذج الدولة المركزية اليعقوبية، ينضاف إلى هذه العوامل شيوع بقايا الإيديولوجيا القومية العربية وانتشار إيديولوجيا الإسلام السياسي في أوساط المدرسين والمدراء و عدد من الموظفين والمسؤولين مما يحول دون إنجاح المشاريع التي تستند إلى وعي جديد و فكر حداثي و ديمقراطي، وخطورة استمرار مثل هذه الإيديولوجيات تتمثل في أنها من عوائق الإنتقال نحو الديمقراطية إذ تشد الوعي العام نحو الماضي و لا تسمح بترسيخ المفاهيم الجديدة في المجتمع مما يعيد في كل مرّة الصراعات القديمة عوض تجاوزها، و هذا يهدد السلم الإجتماعي في بلادنا.
و الخطير في الأمر هو ما أصبحنا نسمعه في الآونة الأخيرة من بعض رجال الدولة و المسؤولين ورؤساء الأحزاب من ضرورة الحسم في هل الأمازيغية إجبارية أم اختيارية؟ وهل هي وطنية أم أن العربية وحدها الوطنية؟ وهل تعمّم على كافة أسلاك التعليم أم تقف عند حدود الإبتدائي؟ هذه التصريحات خطيرة لأنها تستخف بكل المرجعيات و الوثائق الإدارية و الجهود التي بذلت منذ خمس سنوات، فهناك شيء يسمى "منهاج اللغة الأمازيغية في التعليم" أذكّر هنا بعناصره التي هي مبادئ محسومة بنيت عليها المذكرات الوزارية و الكتب المدرسية ولا تقبل أن تكون موضوع تلاعب أو عبث وهي :
1 ـ أن اللغة الأمازيغية لغة وطنية لكل المغاربة، و ينبغي أن تدرس لجميع التلاميذ سواء الناطقين بالأمازيغية أو بالعربية في جميع مناطق المغرب.
2 ـ أن تعليم الأمازيغية ينبغي أن يكون معمما على كافة أسلاك التعليم من التعليم الأولي إلى الباكالوريا، وذلك خلال الفترة الممتدّة ما بين 2003 و 2011، وبحصة ثلاث ساعات في الأسبوع.
3 ـ أن اللغة الأمازيغية ينبغي أن توحّد بشكل تدريجي وعلى قواعد علمية حتى يتمّ الإنتقال بها من التنوع اللهجي إلى اللغة المعيار، وهو ما يستوجب تنميط وتقعيد حرف كتابتها تيفيناغ والتوحيد التدريجي لقواعد صرفها و نحوها و معجمها.
4 ـ أن اللغة الأمازيغية ينبغي أن تدرّس بالجامعة وفي مراكز تكوين الأساتذة حتى يتمكن هؤلاء من الحصول على التكوين الذي يؤهلهم لتدريس هذه المادّة.
و قد لاحظنا بأن التقرير الذي أعده المجلس الأعلى للتعليم يتجاهل كليا هذه المبادئ و يحاول أن يعيدنا إلى ما قبل خمس سنوات.
إن التوجهات و المبادئ الكفيلة بالنهوض فعليا بالأمازيغية هي مبادئ محسومة في المنهاج و في المذكرات الوزارية وفي عدد من الوثائق والمثير في الأمر أن بعض السياسيين و بعض الإداريين لا يعرفون أكثر مما يوجد في الميثاق الذي ينص باحتقار لا غبار عليه على الإكتفاء بـ " الإستئناس ببعض اللهجات لتسهيل تعلم اللغة الرسمية"، هذا هو أبعد ما استطاعت أن تسمح به الأحزاب السياسية والذين كانوا ضمن اللجنة التي صاغت الميثاق عام 1999، و هو بالمناسبة ميثاق أعلنت الحركة الأمازيغية عن رفض المادة 115 منه رفضا مطلقا وقامت بحملة واسعة ضدّه في كل مناطق المغرب، كما قامت بمراسلة الملك محمد السادس الذي استجاب لشكواها بتعديل القرار العنصري الموجود في الميثاق بتشكيل لجنة أخرى مكونة من الخبراء في اللغة و البيداغوجيا الأمازيغية الذين تمّ إقصاؤهم من لجنة الميثاق، و قد أشرف على تشكيل اللجنة المذكورة الوزير الأسبق عبد الله ساعف لإصلاح الأمر وكانت نتيجة تلك الجهود صياغة "منهاج اللغة الأمازيغية في التعليم" الذي اعتمده المعهد الملكي ووزارة التربية الوطنية بعد ذلك، ثم قام الطرفان بإرساء استراتيجية إدراج الأمازيغية في النظام التربوي ورفعها إلى الملك الذي صادق عليها عام 2003، فمن يريد إعادة النظر في تلك المبادئ عليه أن يعرف أولا كيف تمّ إقرارها و كذا العمل الذي نتج عنها.


ـ هل تعتقدون أن دستـرة الأمازيغية هو الحل لإجبار باقي الفاعلين على الإنخراط الجدي في مسلسل إدماج الأمازيغية في التعليم؟

الإعتراف الدستوري بالأمازيغية هوية ولغة وطنية ورسمية هو أمر ضروري لأنه يمكن من إيقاف عبث العابثين ويفرض احترام الأمازيغية ويوفر لها الحماية القانونية المطلوبة، كما يسمح بصياغة القوانين المختلفة في كل القطاعات والتي تضمن إدراج الأمازيغية في مخططات الدولة ورعايتها وتوفير الإمكانيات المادية والمعنوية لتقوية حضورها و أدائها في المشروع التنموي، غير أن الدستور وحده لا يكفي إذا لم
تكن ثمة دينامية اجتماعية و إنتاج و إبداع بهذه اللغة و كذا عمل علمي يقوم بضبط قواعدها و تهيئتها لممارسة أدوارها المختلفة كسائر اللغات الحية.
فالمطلوب في المرحلة الحالية هو معالجة المشاكل الميدانية لتعليم الأمازيغية و تدارك أشكال الخلل الموجودة وفقا لما عبرت عنه الإرادة السياسية للدولة، وفي إطار المبادئ التي أقرها خطاب أجدير والظهير المحدث والمنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية،
وذلك في أفق بناء مشروع المجتمع الديمقراطي الذي لا يمكن أن يقوم بدون الإعتراف بالتعددية السياسية والثقافية واللغوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى