الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموت بضحكة أعلى

نبيلة الزبير

2004 / 1 / 6
الادب والفن


1
 ألمح مكانا هنا،
مكانا شاغرا بعد
 هنا في الظل.
2
 هذا الظل
ليس للبيع هذا الظل.
طاب ثراك يا صديقي
السنة الماضية أفسدت علي احتفائي برأس السنة، لكنني الآن أحتفل برأسين (رأس السنة، ورأس جارالله عمر[1]) اضحك..! اليوم اختطفت من يد أحدهم صورتك.. كان ثمة احتفال بك، وكلهم علقوا صورتك على صدورهم، لم أكن هناك.. ولم أعلق صورتك.. كنت ألتقط لك صورة وأنت تضحك.. رائعة ضحكة القتيل.. تظل تدوي وترعب القاتلين.. نفس الصورة/الضحكة تظل تشع وتملأ قلوب من ي/تحبك .. مساكين الذين قتلوك.. كانوا يريدون التخلص منك، لكنهم أعادوا توزيع دمك ليجري في شرايين الناس، حتى البسطاء..  رجل/ة الشارع.. الأمي/ة، حتى الذين كانوا قد نسوا.. يئسوا.. سقطت في غبار يومهم مفردة الوطن..
لنغير هذا الكلام الذي يشبه المواساة.. لم أجئ لأواسيك.. ثم؛ بهذا الكلام سيبدو أنني أقول لهم: "أحسنوا القِتلة" مستقبلا.. لا تقتلوا شخصا أثناء صلاته، كنت بين يدي شعبك، تؤدي فرضك الوطني، أطلقوا الرصاص عند تلك اللفظة: "وطن". فطاش دمها ليرتطم ب"الوجدان الجمعي" كان نائما.. ويرى آخرون أنه كان  قد قُتل ، لكن؛ يبدو أن الوطن ليس له آخر..
كلام مضمخ، لا أريد أن أقوله، مثلما لا أريد أن يستشري فيَّ ذلك الداء العضال الذي يسمونه: "وطنا"، ولا أريد أن يطيش دمي..!! عرفتَ، من غير شك، بأمر القائمة التي أُخرجت من جيب القاتل ـ قاتلك الذي في الحقيقة لم يكن القاتل، بل؛ بدقة لغوية؛ كان أداة قتل للقاتل الذي لا يزال مستترا وتقديره: "هم". من هم؟ لا أدري يا جارالله!! "هم" قتلوك.. و"هم" أخرجوا قائمة أصبحت فيما بعد قوائم.. وكل قائمة تختلف بحسب اختلاف جهة نشرها. لكنها توحدت أخيرا.. وأصبحنا أمام نوعين من القوائم.. قوائم قبل الانتخابات، وقوائم بعد الانتخابات.. وكالعادة؛ المرأة ليس لها حضور إلا قبل الانتخابات، أما بعد؛ فالمسألة محسومة هكذا؛ امرأة واحدة في قائمة مجلس النواب.. امرأة واحدة في قائمة الحقائب الوزارية.. وامرأة واحدة في قائمة الموت.. بس هنالك قوائم ترضية.. حتى في الموت؛ هنالك قوائم مبرمجة؛ أعتقد منها: الموت على قيد الحياة، والموت بعيد المدى.. و….الخ.
أتذكر آخر "سهرة" جمعتنا بين آخرين، سألني أحدهم؛ هل ثمة قرابة تربط بيننا!! ـ أنت وأنا ـ لم أسألك رأيك إلى الآن.. اقرأ معي هذه الصورة للشاعر النرويجي "سْتين مَيْرَن":
احتفظ لك بصورة/ مما كنتَ تشبهه قبل الموت/ تقف مائلا نحو الجدار/ تحت ظلال شجرة مزهرة/ اليوم عندما عبرتُ الشارعَ صُعُدا/ رأيت ظلال الشجرة نفسها/ مرسومة بجانب الجدار نفسه/ وكل تلك السنين/ أمست لحظة وحيدة اختصرتها صورة/ موجودة هنا منذ زمن طويل/ أنت اختفيتَ في داخلها.
أؤكد لك أنها صورتي، لنقرأ الصورة الثانية (نفس الشاعر) : "آلة تصوير هو الليل/ مصابيح الشارع توزع الضوء/ والظلال بين جانبيه/ في مواقف سيارات الأجرة يصطف الموتى/ منتظرين أن يأتي دورهم فيُحملون بعيدا/ ثمة وجه منعزل في المدخل/ يفضحه خطفا إشعال سيكارة"
كنت أبحث عن "بابلو نيرودا" لماذا نيرودا.. ربما لأنه شاعر حب.. الحب هو الشاشة الزرقاء؛ الخلفية التي تختفي بذاتها فلا يظهر في الصورة إلا  نتاجنا.. إبداعنا.. ابتكارنا.. الكائنات التي ندعي أننا خلقناها، ونظن أنها خلفنا.. لكنها تتصدر.. تصيِّر كل شيء خلفية لها.. هي التي تبقى في الصورة ونحن نختفي..
وربما اخترت نيرودا لأنه شيوعي.. (أوه "شيوعي"!! رصاصة! لكن لا قلق، إنها رصاصة فشنك أمام شهادة "الزنداني"[2] أنك كنت تصلي الجمعة، وفي نفس الجامع الذي يؤم المصلين فيه بشخصه وتطرفه) شيوعي!! كنت أعني "جيفارا"
بالمناسبة يا جارالله.. قرأت مؤخرا ورقة من ترجمة وإعداد "سعدي يوسف" عن وثيقة لا أدري لماذا أفرجت عنها "السي أي إيه" ولماذا الآن. المهم في الورقة أمران: صوتٌ قيل أنه لجيفارا وقد كان آخر الثلة الأخيرة من جنوده وهو يخاطب قاتليه: "لا تطلق النار. أنا شَي غيفارا. قيمتي حياً أكثرُ من قيمتي ميتاً". والآخر: الصورة التي أُظهر بها جيفارا بعد وقوعه في الأسر والتي وصفتْ ب "فظيعة"و شَي ممدداً في الوسخ، يداه موثقتان إلى ظهره، وقدماه مربوطتان، لصقَ أجساد أصدقائه. كان يبدو "مثل قطعة زبالة" بشعره المتلبد، وملابسه القذرة، منتعلاً قطعتَي جلدٍ باعتبارهما حذاءين".
تتوقع أن أسألك: عن تشابه ما، بين جيفارا وبين رجل ألقي القبض عليه حديثاً.. يبدو أن أسئلة من هذا القبيل هي ما أنيط بها لهذا السيناريو..
لدي سؤال بعيد: في الصورة المتلفزة لصدام؛ قبل ساعات من معركة "الحواسم" والأصح : "الخوالف"[3]، كان هنالك "سيجار كوبي" شامخ ويقهقه.. أتساءل عن مصيره..
كل سنة وأنت بخير يا صديقي.. دعني أعيدك للنص الذي ابتدأت به سهرتنا .. مقتطفات من نص للشاعر الألماني: هنس ماغنوس انستربيرغر:
4
حروب الظلال
مجرد ألعاب :
 ليس هنالك من ظل
 يحجب الشمس عن ظل  آخر.
5
الذي يسكن في الظل،
يستعصي على القتل.

***************************************
[1] جار الله عمر الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني. أغتيل في 28/12/2002. ولم تزل القضية قيد التعتيم.
[2] عبد المجيد الزنداني: رئيس مجلس شورى التجمع اليمني للإصلاح. وزعيم معظم الاتجاهات الدينية المتطرفة في اليمن.
[3] الخوالف: واحدة من أعراض النفاس تعانيها  المرأة عقب حالات الولادة والإجهاض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادل إمام: أحب التمثيل جدا وعمرى ما اشتغلت بدراستى فى الهندس


.. حلقة TheStage عن -مختار المخاتير- الممثل ايلي صنيفر الجمعة 8




.. الزعيم عادل إمام: لا يجب أن ينفصل الممثل عن مشاكل المجتمع و


.. الوحيد اللى مثل مع أم كلثوم وليلى مراد وأسمهان.. مفاجآت في ح




.. لقاء مع الناقد السينمائي الكويتي عبد الستار ناجي حول الدورة