الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المزارع الثقافية التعاونية..!!

نواف خلف السنجاري

2008 / 5 / 7
كتابات ساخرة


في أحدى المراكز الثقافية (النشطة) - دون تناول المنشطات أو حبوب الفياغرا أو مشروب تايكر للطاقة- أقترح المدير فكرة تربية الأرانب! لكونها سريعة التكاثر ويمكن أن تدرّ على المركز أرباح خيالية! وطرح كذلك فكرة استغلال غرفتين أو ثلاث واستعمالها ( ورشاً للخياطة والتطريز).. دعماً لمالية المركز! حينها قدّم صديقي - وهو المثقف الوحيد في ذلك المركز- استقالته، ودخل صومعته ليمارس نشاطه الثقافي غير المدجّن.
قد تستغربون طريقة دخولي للموضوع بهذه المفارقة العجيبة، والتي تشبه دخول الملاكم (نسيم) حلبة النزال بـ (شقلبة) فنية، ولكني لا أبالغ إذا قلت: إن غالبية المراكز والمنتديات الثقافية والاتحادات القلمية يديرها أشخاص يمتلكون عقليات تجارية لو استغلت بالشكل الصحيح وأعطيت مساحات خضراء ملائمة وأعداد من العجول لأمكننا منافسة (هولندا) في تصدير مشتقات الألبان واللحوم!
ما أستغربه بشدة كيف امتدت (المحسوبية والمنسوبية) بكل وجوهها البشعة، وأياديها الطويلة التي تشبه أذرع الإخطبوط.. ووصلت برشاقة إلى (رحم الثقافة) لتزرع فيه ما تشاء من الأجنة الهجينة التي لا تمت إلى الثقافة والأدب بأية صلة، وفي الوقت نفسه تمارس الإقصاء والتهميش بحق المثقفين والأدباء والكتاب الحقيقيين الذين لا يرضخون لأجندتها وأيدلوجياتها. وكأن المثقف سلعة تحت الطلب يمكن أن يعمل مع من يدفع أكثر!
الكل يعرف انه لا يمكن للمثقف والمبدع أن يستمر في عطائه الإبداعي ما لم تتوفر له الفضاءات الرحبة والتربة الخصبة والجو النقي الخالي من (الفيروسات السياسية، الدينية، والعنصرية) وبعيداً عن التوجيه وقولبة الأفكار، ووضعها في أطر جاهزة للاستهلاك السريع، وبعيداً عن المتاجرة والضغط من هذا الطرف أو تلك المؤسسة.
في العهد البائد كنت أعرف الكثير من المثقفين والأدباء الذين كانوا يغلّفون أفكارهم (بالسليفون) خشية أن تأكلها نيران السلطة، أو تكتشفها عين الرقيب، فيروون قصصهم على لسان الحيوانات، ويخبئون مقاصدهم بين السطور رعباً وخوفاً من البطش والتنكيل، ومنهم من هجر بلده مرغما لأنه لم يطبّل ويزمّر لهذا المسؤول أو ذاك، وفضل الغربة على أن يصبح بوقاً من أبواق الحزب الحاكم.
أغلب أولئك المثقفين الذين يعيشون الآن في جو (الديمقراطية)!! لا زالوا يخشون تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية - غافلين أو متغافلين - أن واجب المثقف هو كشف عورات المجتمع وسلبياته، والوقوف بثبات بوجه أصحاب الكلمات الزائفة..
أريد تذكير المثقفين أن عهد الدكتاتورية قد ولّى (وقُطعت آذان الحائط) الذي كان يتلصص عليكم إلى الأبد. فأطلقوا ألسنتكم لتنطق بالحق، وتأكدوا أن (الفيل لا يمكن أن يحلّق بأجنحة السنونو)!! كما أحب أن أهمس في آذان الذين يمسكون بزمام المراكز الثقافية هذه الكلمات: أعطوا الخبز للخبّاز، والمعول للمزارع، ولا تحوّلوا مراكزكم ومنتدياتكم وجمعياتكم الثقافية والأدبية إلى مزارع لتسمين العجول! لأن ذلك من اختصاص وزارة الزراعة!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو


.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد




.. بسبب طوله اترفض?? موقف كوميدي من أحمد عبد الوهاب????


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم