الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصص قصيرة جدا من تسونامي

مصطفى لغتيري

2008 / 5 / 8
الادب والفن


نظافة


منقادة بحسها الغريزي ،زحفت دودة جائعة نحو جثة داهمها العفن ..ببطء دلفت نحوها ..بعد لأي أشرفت عليها.. لمحت جمعا غفيرا من الديدان يحيط بالجثة ..بنهم يقتات عليها..للحظة توقفت الدودة ..تأملت المشهد مليا،فاكتسحها تقزز مقيت ..عافت نفسها أن تتغذى على تلك القذارة النتنة..
بعد هنيهة ،نكصت على عقبيها متقهقرة ..بتثاقل دبت نحو مستقرها،في انتظار جثة أكثر نظافة.


حذر


حاملا سلته، كان الصبي يتعثر على بساط الرمال المتراكمة..بين لحظة وأخرى يدنو من أحد المصطافين، فيعرض عليه بضاعته .
من بعيد، لمح الصبي امرأة تتراقص أشعة الشمس على جلدها المدهون..حين دنا منها رفع صوته ،علها تشتري منه شيئا.. ببطء رفعت المرأة رأسها، لمحت الصبي متباطئا يدب نحوها..انسلت يدها نحو حقيبتها الجلدية ..بحذر سحبتها نحوها..ثم عادت إلى غفوتها.


الموت


على هيئة رجل ،تقدم الموت نحو شاب ،يقتعد كرسيا على قارعة الطريق..جلس بجانبه،ثم ما لبث أن سأله:
-هل تخاف الموت؟
واثقا من نفسه ،أجاب الشاب:
-لا ،أبدا ،إن لم يمت المرء اليوم،قطعا سيموت غدا.
بهدوء أردف الموت:
-أنا الموت ..جئت لآخذك.
ارتعب الشاب ..انتفض هاربا..لم ينتبه إلى سيارة قادمة بسرعة مجنونة،فدهسته...



خداع


في رحاب الجنة ،كان آدم وحواء ،متثاقلين ينقلان خطواتهما ..بانتشاء يتمليان روعة المكان من حولهما ..فجأة تبدى لهما رجل غريب الهيئة ،لا يرى عليه أثر السفر.. ما لبث أن طفق يغريهما بتناول ثمار الشجرة المحرمة..مليا نظر إليه آدم ،ثم فكر ” أبدا ،لا يمكن أن يكون هذا الر جل شيطانا ..فالشيطان مطرود من رحمة الله ،ولا يستطيع مطلقا دخول الجنة” .
اطمأن آدم إلى حجته ،فالتهم هو زوجه التفاحتين دون إحساس بالذنب.


عدالة


ارتفعت قوقأة الدجاجة في الأجواء..سمعتها المرأة العجوز،فقالت في نفسها” لقد باضت الدجاجة” وقامت متهالكة، تجر خطواتها بحثا عن البيضة .
في نفس الوقت، سمع صبي – اعتاد سرقة البيض –صوت الدجاجة ،فقال في نفسه ” فلأدرك البيضة ،قبل أن تقع في يد العجوز”
بسرعة تسلل نحو الزريبة ..سطا على البيضة ،وانسحب.
حين وصلت المرأة العجوز ،بحثت في كل مكان ،فلم تجد البيضة..حينذاك قالت في نفسها ” لم تعد هذه الدجاجة
نافعة في شيء،يجب ذبحها”.


ذكرى


هي امرأة وحيدة، منذ أن غادرها زوجها فجاة ،ودون مبررات مقنعة.. اعتادت ،كل ليلة ،قبل نومها، فتح صندوق.. بأناة وحرص شديدين تخرج منه معطفا ،خلفه الزوج وراءه ..تتأمله جيدا..تستنشق رائحة أنهكها تداول الأيام..تشهق باكية..بعد أن تنفرج غمة في صدرها ،تعيد المعطف إ لى مكانه ..تغلق الصندوق،ثم تأوي إ لى فراشها..


تناص.


في معرة النعمان ،كان أبو العلاء مكتفيا بذاته ..معتزلا الناس، يفكر بتمعن شديد في الجنة والجحيم ..
بعد ثلاثمائة عام ،وعلى بعد آلاف الأميال من المعرة ،شاء مكر التاريخ أن يجلس دانتي وحيدا ،ليفكر – باختلاف في التفاصيل طبعا – في نفس الموضوع تقريبا..
حدث كل ذلك ..فقط ليطرح بعد مئات السنين سؤال حقيقي:
-ترى هل اطلع صاحب "الكوميديا الإلهية " على" رسالة الغفران".


غزل
بعد قراءته لقصيدة غزلية لبشار بن برد مطلعها :
يا ليتي تزداد نكرا من حب من احببت بكرا
بحماس لا مثيل له انبرى الأستاذ لشرح القصيدة.. أخذت تلميذة قلما .. رسمت قلبا يخترقه سهم .. شردت الفتاة برهة ، ثم استفاقت على عبارة نطقها الأستاذ بصوته الجهوري العميق " الحب عاطفة نبيلة" .. فجأة حانت منه التفاتة يقظة نحو الفتاة .. لمح القلم بين أناملها يداعب الورقة.. غاضبا وضع الأستاذ الكتاب ، وبحزم توجه نحوها.. مرتبكة أخفت الفتاة الورقة .. متوترا وقف بجانبها ، ثم بنبرة ساخطة خاطبها :
- ماذا تفعلين؟
وجلة أجابته :
- لا شيء أستاذ .
مصرا أردف قائلا :
-أريني الورقة.
حمرة الخجل خضبت وجنتيها .. ترددت برهة ، ثم ناولته الورقة.. تأملها لحظة .. استفزه القلب و السهم يخترقه .. جلد الفتاة بنظرة حانقة .. مزق الورقة ، ثم خاطبها قائلا :
- أنت فتاة قليلة الأدب

إنفلوانزا

في مزرعة نائية ،أصيبت دجاجة بأنفلوانزا الطيور ،فاكتسحها رشح مزمن ..كل الدجاج علم بالخبر فتجنبها..وحده ديك تعاطف معها ،فلازمها..أبدا لم يفارقها لحظة..بعد مدة انتقلت عدوى المرض إليه فابتعد عنه باقي الدجاج..بعد أيام قرر الديك والدجاجة مغادرة المزرعة ،كي يهيما على وجهيهما ، في انتظار المصير المحتوم..
ليلا تسللا خارج المزرعة دون أن يفطن لهما أحد..
صباح الغد ،أصدرت السلطات قرارا بإعدام جميع طيور المنطقة.

الشاعر


بعد كل قصيدة تجود بها قريحته ،يداهمه إحساس بأنه يدنو حثيثا من قصيدته المثلى ..تلك التي حلم دوما بكتابتها..في دواخله تجذر اقتناع راسخ ،بأن حياته لا تساوي شيئا دون هذه القصيدة..
في ليلة ما ،اكتسحه توتر، لا عهد له بمثله ..استيقظ ..أشعل النور ..تناول ورقة وقلما ..فاندلقت ببهاء تلك القصيدة..بعدها عاد إلى فراشه هادئا مطمئنا..
صباحا قرأ القصيدة ،فانبهر ..أبدا لم يصدق ما اقترفت يداه..بعد لحظات اخترقه غم ثقيل ،لا قبل له بتحمله..في نفسه قال "أبدا لا يستحق العالم هذه القصيدة"..
دون تردد أحكم قبضته على الورقة ..حملق فيها جيدا..تملكته حالة غريبة ..فمزق القصيدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | الغناء في الأفراح.. حلال على الحوثيين.. حرام على ا


.. الفنان عبدالله رشاد: الحياة أصبحت سهلة بالنسبة للفنانين الشب




.. الفنان عبدالله رشاد يتحدث لصباح العربية عن دور السعودية وهيئ


.. أسباب نجاح أغنية -كان ودي نلتقي-.. الفنان الدكتور عبدالله رش




.. جزء من أغنية -أستاذ عشق وفلسفة-.. للفنان الدكتور عبدالله رشا