الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقتراب شيعة العراق من الإنشقاق

محمد سيد رصاص

2008 / 5 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


شارك السيد مهدي الحكيم(شقيق السيدين محمد باقر وعبد العزيز)في الإعداد لمحاولة الجنرال عبد الغني الراوي الإنقلاب على حكم البعث العراقي(كانون ثاني1970)،التي تم التخطيط لها من طهران بالتعاون مع نظام الشاه،فيماأقام حزب الدعوة علاقات خجولة مع طهران في عهد ماقبل انتصار ثورة الخميني بشباط من عام1979.
انتهى ذلك كله مع اتفاقية الجزائر(آذار1975)التي وقعها الشاه وصدام حسين،ليأتي مشهد جديد،مع استلام الخميني للسلطة،فرض نفسه على شيعة العراق،لماانزاحت قوى معتبرة منهم،كان على رأسها حزب الدعوة وزعيمه السيد محمد باقر الصدر،إلى تأييد نظام (ولاية الفقيه)في طهران:كان اعدام السيد الصدر،وأخته بنت الهدى،في شهر نيسان1980،مؤشراً إلى توتر عراقي كبير لم يستطع نظام صدام تفادي مآلاته بدون اشعال حرب مع ايران،قسمَت شيعة العراق بعمق بين عروبتهم وبين طهران.
ربما،كان استلام السيد محمد صادق الصدر لجثتي أولاد عمته لدفنهما،في ذلك الشهر من عام1980،ثم رعايته لأسرة ابن عمته،حيث زوَج ثلاث من بنات السيد محمد باقر لأولاده بعد ذلك- قد شكَل لحظة فارقة في حياته،حيث استخلص خطاً ابتعد من خلاله عن المرجعية التقليدية وتقاليدها في النجف،وكذلك عن الأحزاب الشيعية العراقية=حزب الدعوة + "المجلس الأعلى"الذي تأسس عام1983 في طهرانالمواليةلإيران،وقد كانت وفاة المرجع أبوالقاسم الخوئي عام1992 مؤاتية لإنطلاق دعوة (الصدر الثاني)،بسكوت راضٍ من النظام،وصمت قلق من المرجعية بالنجف،ومعارضة صريحة من الأحزاب الشيعية العراقية المستظلة بخيمة نظام(ولاية الفقيه) في طهران.
كانت فتواه بجواز عودة صلاة الجمعة صادمة للمرجعية ولتلك الأحزاب التي لاتقول ب"جواز إقامتها تحت ظل حاكم غير عادل"،كماأن اتجاهه إلى الناس البسطاء،والمهمشين،قد كان مخالفاً لتقاليدهما،المرتكزة على المراتبية والنخبوية،ليشكل السيد محمد صادق من خلال ذلك قوة معتبرة في (مدينة الثورة) مدينة صدام منذ 1980،مدينة الصدر بعد9نيسان2003التي تشكل ثلث سكان (بغداد الكبرى)،المقامة من قبل عبد الكريم قاسم لاستيعاب مهاجري الجنوب،من العمال والمزارعين الفقراء،الذين شكَلوا قاعدة كبرى للحزب الشيوعي حتى عام1975،عندما حلَ محله هناك حزب الدعوة،وبعده منذ أوائل التسعينيات- بعد أن شكل قتلى الجيش العراقي في الحرب مع ايران أكبر نسبة في تلك المدينة بالقياس لعدد السكان عن أي مدينة عراقية أخرى- السيد محمد صادق الصدر،فيما لم يستطع ذلك في النجف وكربلاء والكاظمية،حيث يشكل التجار وأصحاب المصالحالمستفيدون من زوار العتباتعصب الحياة الاقتصادية لتلك المدن.
كان اغتيال السيد محمد صادق الصدر مع ولديه،بشهر شباط1999،لحظة فارقة في تاريخ شيعة العراق المعاصر،ربما ماكان ممكناً بدونها أن تشكل الأحزاب الشيعية العراقية- مع الحزبين الكرديين- ذلك الغطاءالذي تم في تلك اللحظة من التوافق الإيراني – الأميركي بين عامي2001و2003للغزو والاحتلال الأميركيين،وكان دالاً وفارقاً أن يكون اغتيال السيد عبد المجيد الخوئي،ابن المرجع أبوالقاسم والآتي من لندن مع قوات الغزو، قد تم في صحن المسجد الحيدري بالنجف بعد أيام من سقوط بغداد على أيدي أناس أشارت الكثير من المؤشرات لإنتمائهم للتيار الصدري،الذي برز منذ تلك الأيام تحت زعامة السيد مقتدى ابن السيد محمد صادق وصهر السيد محمد باقر الصدر،ليشكل اتجاهاً كان بعيداً عن مرجعية السيستاني،وعن حزب الدعوة،وعن "المجلس الأعلى"بزعامة آل الحكيم،الذين استظلوا جميعاً،بذلك الوقت،بالتوافق الإيراني- الأميركي،فيماكان الصدريون خارج هذه الدائرة.
هنا،كان افتراق طهران عن واشنطن في شهر آب2005،مع استئناف ايران لبرنامج تخصيب اليورانيوم،مساعداً للسيد مقتدى،بعد أن تُرك لوحده في عزلة عميقة رغم شعبيته،وربما كانت حادثة حصارالأميركان له مع بعض أتباعه،في داخل الصحن الحيدري بشهر نيسان2004،من أكبر الدلالات على ذلك،وسط صمت المرجع السيستاني الذي اختار تلك اللحظة للذهاب إلى لندن للإستشفاء،فيمالم يقل آل الحكيم شيئاً،وكذلك حزب الدعوة: منذ ذلك الوقت،ظهر الغطاء الإيراني للصدريين و"لجيش المهدي"،فيما كان واضحاً الابتعاد التدريجي لحزب الدعوة،وآل الحكيم،عن طهران لصالح واشنطن،بعد أن استلموا المناصب الكبرى في سلطة الإحتلال،مستندين إلى قاعدة اجتماعية قوية في النجف والكاظمية وكربلاء،وعند المستفيدين بمدن الجنوب الشيعية من المناصب والتعيينات بفترة مابعد يوم 9نيسان2003،ليوضع ذلك في مواجهة المهمشين والفقراء الشيعة في (مدينة الصدر)ومدن الجنوب.
في هذا الإطار،يلفت النظر أن أول من أطلق الدعوة لحوار أميركي – ايراني حول العراق قد كان السيد عبد العزيز الحكيم،وذلك بشهر نيسان من عام2006،مستشعراً وضعه القلق بين المحورين،فيما ازداد التباعد الأميركي-الايراني خلال العامين الماضيين،لتكون حرب 12تموز2006أحد مظاهره،فيماأصبح واضحاً خلال ذلك دخول أجندات واشنطن وطهران في حالة تصادمية على الساحة العراقية،ولولم يصل ذلك إلى حالة التصارع والمجابهة،لتكون حوادث البصرة ومدينة الصدر الأخيرة،عندما شنت قوات حكومية عراقية حملات عسكرية على "جيش المهدي" التابع للصدريين- يشكل منستبوا "فيلق بدر"السابقون العماد الرئيسي لتلك القوات،وهو الذي كان الذراع العسكرية ل"المجلس الأعلى"- تحت إمرة رئيس وزراء من حزب الدعوة – دلالة على قرب حدوث انشقاق كبير في صفوف القوى الشيعية العراقية،سيكون تعبيراً وبارومتراً لمدى التوتر الأميركي- الإيراني،وربما كانت تلك الحملات العسكرية هي محاولات وقائية أميركية لإستئصال الإمتدادات الايرانية في العراق،أولإضعافها،خوفاً من تفجرها تحت أقدام الأميركي بالعراق في لحظة مواجهته الكبرى مع طهران.
لماذا لم يستطع شيعة العراق أن يولدوا قوة مستقلة عن طهران وواشنطن ،في فترة مابعد احتلال الأخيرة لبغداد،كماكان وضع السيد محمد صادق الصدر بالتسعينيات،لماكان يطلق خطبه المعادية لأميركا ،وسط قلق عميق منه كان موجوداً في طهران آنذاك،فيماكان صدام حسين غير مرتاح من تنامي قوته الشعبية؟.............








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في هذا الموعد.. اجتماع بين بايدن ونتنياهو في واشنطن


.. مسؤولون سابقون: تواطؤ أميركي لا يمكن إنكاره مع إسرائيل بغزة




.. نائب الأمين العام لحزب الله: لإسرائيل أن تقرر ما تريد لكن يج


.. لماذا تشكل العبوات الناسفة بالضفة خطرًا على جيش الاحتلال؟




.. شبان يعيدون ترميم منازلهم المدمرة في غزة