الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في بيتنا إرهابي!

طارق قديس

2008 / 5 / 12
الادب والفن


بدأ أمين بمداعبتها ، أخذ يقبلها شيئاً فشيئاً ، وبدأت وتيرة التقبيل تأخذ في التسارع ، لكنها استوقفته ، وجعلت بينه و بينها مسافة ، وقالت : ( تمهل يا رجل ! ألن تحاول الاتصال بأخيك لتطمئن عليه ؟ لقد ذهب إلى السفارة منذ الصباح ، ولم يأتِ حتى الآن .. والساعة تقارب العاشرة مساءً . ) ، فتمكن من وثق يديها إلى السرير ليعود إلى كيل القبلات ، فيما هو يحاول أن يرد على سؤالها بين القبلة والأخرى بشكل متقطع لا يكاد يفهم : ( لقد حـــا..ولْـ .. تْ مرا... راً أنْ ........... أت ... تصلْ .. به ... لكنه ... لا ... يُـ .. جيبْ ) ، عندها قامت بدفعه عنها ، وإذ بجرس المنزل يرن عدة رنات ، فطلبت منه أن يفتح الباب ، فقام عنها وهو يتأفف ، أخذ يتفقد شعره وثياب نومه ، ومضى ليرى الطارق في هذه الساعة .

فتح الباب ، نظر إلى الخارج ، رأى شخصاً غريب الملامح ، كانت بعضها مألوفة إليه ، لكن آثار الكدمات التي وجهه ، وعنقه ، وكلتا يديه ، وبقع الدماء الغارقة في ثيابه الممزقة ، لم تدع له مجالاً للظن أن هذا الرجل الذي بدا وكأنه خارج من حلبة المصارعة يمكن أن يكون أخاه الذي كان تحدث عنه قبل قليل !

لقد صعق حين تأكد من هويته ، فتناوله إلى الداخل ، وأخذ يجره جرّاً، فساقاه لا تكادان تحملانه ، حتى ألقى به إلى المقعد بجوار الباب ، محاولاً أن يعرف سبب هذه المأساة ، ولكن كل محاولاته لم تنفع ، وكذلك محاولات زوجته التي كاد أن يغمى عليها لهول المنظر.

إلا أن سامح بصعوبة - ورغم الألم – وضع يده في جيب قميصه ، وأخرج لهما ورقتين ، تناولتهما زوجة أخيه بسرعة وقامت بقراءتهما ، والذهول يأكل وجهها ، وعيناها تكادان أن تخرجا من مكانهما ، والعرق يتصبب من كل خلية في جسمها ، وزوجها يحاول أن يلتقط منها بعض التفاصيل.

وعندما انتهت من القراءة ، فَهِمَتْ كل شيء ، ومضت بزوجها إلى غرفة النوم لتقول له ما استطاعت أن تفهمه من تلك السطور ، وهناك أخذت تهمس في أذنه ، وهو يضغي وفمه مع كل كلمة يزداد اتساعاً ، حتى ابتعد عنها قائلاً : ( إن ما تقولينه لا يُعْقَلُ أبداً ، أخي لا يمكن أن يكون إرهابيّاً يا امرأة ) ، فجذبته من كتفه وهي تقول : ( أنا لم أقل أنه إرهابي ، لكن ما قلته لك هو أنه لدى مراجعته للسفارة هذا الصباح تبين وجود تشابه بين اسمه و اسم أحد المطلوبين في الخارج ، حتى من جهة الأم أيضاً ، مع فارقٍ بسيط ، مما تطلب استدعاء أصحاب الاختصاص لاستجوابه . وكما رأيت، لا شك بأن الاستجواب كان حامياً جداً ، لدرجة أن أخاك لم يعد يقوى على الكلام ! ).

عندها ركن أمين جسده إلى الحائط ، وحجب وجهه في كفِّه وهو يتمتم لاعناً الظروف، ثم قال : ( يا للمسكين ، لقد تعب كثيراً ، لقد ذهب في الصباح وكله حيوية ليأخذ تأشيرة سفر، وها هو يعود شبه جثة هامدة .... لا بدَّ لنا أن نخفف عنه ، وما من طريقة أفضل لذلك سوى أن نقدم موعد زفافه من أختك ، كما كان مخططاً ) .

وهنا فتحت زوجته فمها وقالت : ( نعم ! أيُّ زواجٍ هذا الذي تتحدث عنه ؟ ... إنه لمن الأفضل أن تنسى هذا الموضوع نهائياً ! ). فانتفض قائلاً : ( ماذا تقولين ؟ يبدو أني لم أسمع جيداً ) ، فابتسمت له بسخرية وأجابت : ( لا . لقد سمعتني جيداً ، وأنا لا يمكن أن أسمح لأختي أن تتزوج من إرهابي! ) .

قالت ذلك وخرجت للتوِّ من الغرفة ، والرجل مذهولٌ لما سمع ، وهو ما بينه وبين نفسه يردد كلمة " إرهابي ، إرهابــــي " ، فلحق بها ، وهو يصيح : ( كيف يمكنك أن تقولي ذلك وأنت تعرفين ما الذي حدث ؟).

فتوقفت عندها واستدارت نحوه والغضب بادٍ عليها قائلةً : ( ليس هذا فقط ، وإنما عليك من الآن أن تبحث له عن مكانٍ آخر ليعيش فيه ، فأنا لا يمكن أن أعيش في بيتٍ واحد مع شخص كهذا ).

فعاد واستوقفها قائلاً : ( ولكن هذا ليس عدلاً ، إنه مجرد تشابه أسماء ! ) .

عندئذٍ أجابته دون أن تلتفت إليه : ( وما أدراني أنا ؟ )بعدها توقفت للحظة ، والتفتت إليه للمرة الثانية وقالت : ( بالمناسبة ، طَلِّقْـني!) ، ثم عادت ، واستدارت ، ومضت إلى طريقها ، أما هو فوقف في مكانه يحاول أن يفهم ما يحدث من حوله ، وكأن العالم كله قد تحول في دقائق إلى كوكبٍ آخر ، والناس أيضاً إلى أشخاصٍ آخرين ، وتمنى آنذاك من الأرض أن تُشَقَّ و تبتلعهُ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |


.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه




.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز


.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال




.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا