الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشكلة ليست في راسبوتين الاردن وحده

ناهض حتر

2008 / 5 / 10
كتابات ساخرة


لا يتمتع رئيس الديوان الملكي، بأية قوة خارج وظيفته: لا تسنده عشيرة ولا منطقة ولا حزب ولا حتى صالون سياسي، وليس له شعبية من أي نوع . وهو ، ببساطة ، مكروه بين الناس ، كما بين النخب. ويجرؤ عليه المنتقدون من دون حساب كالذي يجرونه عندما ينتقدون مسئولا صغيرا له حيثية ما. عوض الله لا يمثل شيئا في المجتمع الأردني ، أي شيء . وهو لن يجد ، حالما يغادر الوظيفة ، مَن يقول له -”مرحبا -”، بل لن يحميه أحد من التطاول عليه ، بحيث أنني استغربت شراءه قصرا ببضعة ملايين ، اللهم إلا إذا كان على سبيل الاستثمار..
فهل يتوقع عوض الله أنه يستطيع العيش في الأردن عندما ترتفع عنه الحماية الملكية؟
عوض الله جاء إلى الأردن مطلع التسعينيات ، باحثا عن عمل . وكان حتى سنة 2000 يتقاضى راتبا لا يزيد عن ألف دينار، عندما ضاع مرة ، كاد يبكي جزعاً. لكن عوض الله ، الآن، مليونير حقيقي ، يقال أن ثروته بعشرات الملايين ، وهناك مَن يقول بمئات الملايين . وقد حصدها، أنى كانت ، وهو في مواقع مسئولية . فهي، إذن، ناجمة عن وجوده في تلك المواقع . وهو ما يتطلب تحويل الرجل إلى النائب العام .

ويحتل عوض الله، من دون أي أساس سياسي أو دستوري، مكانا رئيسيا في دائرة القرار في النظام الأردني . وهو مفوّض بصلاحيات ليست لدى المكلف ، دستوريا، بالولاية العامة، أي رئيس الوزراء، أو المكلف بأمن النظام ، أي مدير المخابرات. وهو يتدخل في القرارات الاقتصادية ، بل يصنع معظمها ، بعيدا عن الهيئات المعنية والإجراءات القانونية المعتادة. وهو يقوم بأدوار سياسية ، ويقترح سياسات..... ودوره ، في كل ذلك، يُغضب النخب ، كما يُغضب الشعب.

لكن هل المشكلة حقا هي في شخص باسم عوض الله ، أم في الآلية السياسية غير الديمقراطية التي تسمح لشخص ليست له أية حيثية اجتماعية أو سياسية أو انتخابية ، أن يقفز من موظف إلى الرجل الثاني في النظام السياسي ؟

من الممكن أن يتم إخراج باسم عوض الله من الديوان ومن البلد ـ بصحبة ملايينناـ ثم يأتي سواه ، وتبدأ اللعبة من جديد !! وهذا هو ما سيحصل بالضبط ، عاجلا أم آجلا.

القضية هي دستورية وشرعية آلية اتخاذ القرار في البلد . وهذه الآلية ، الآن ، فردية ومغلقة وغامضة ومتجاوزة لنصوص الدستور وروحه ، وللأعراف السياسية. وهي تتم خارج الهيئات الدستورية، كالبرلمان والحكومة . وهما هيئتان تم تهميشهما كليا ، وسلب صلاحياتهما الدستورية .

ورئيس الوزراء ـ بغض النظر عن شخصه ـ مسئول، دستوريا ، أمام البرلمان ، وسياسيا أمام الشعب والتاريخ ، وأخلاقيا ، أمام الله والوطن ، عن استخدام صلاحياته في الولاية العامة. وقبول أي رئيس وزراء بالتخلي عن تلك الصلاحيات لغيره ، هو بمثابة التخلي عن الأمانة . كذلك الحال بالنسبة لمجلسي النواب والأعيان.

رئيس الديوان الملكي هو ، دستوريا، موظف في الحكومة ، وليس ندا لرئيس الحكومة. فكيف يقبل الرؤساء الأجلاء بالانحناء أمام أوامر شخص هو ، في النهاية ، موظف ، بلا صلاحيات ولا حيثية . وهو يحكم البلد ، ويقرر سياساتها ؟ مَن منحه ذلك التفويض؟ وبأي حق ؟

هل حقا أن رئيس الوزراء ، نادر الذهبي، لا يعرف بأمر بيوعات الأراضي العامة، وليس ، عنده، عنها بيان ؟ الأرجح نعم ، لكن الأكيد أن أعضاء مجلس الوزراء والبرلمان بمجلسيه ، لا يعرفون اكثر مما يعرف المواطن العادي حول كل ما يدور.

المشكلة ليست في الشخص ، وإنما في الآلية غير الدستورية وغير الديمقراطية للحكم . ولقد أصبح إنقاذ البلد ، الآن، منوطا بتغيير تلك الآلية جذريا ، على أساس انتخابات نزيهة وفق نظام انتخابي ديمقراطي، وبرلمان قوي تنبثق عنه حكومة مسئولة تمسك بصلاحياتها الدستورية في الولاية العامة ، على أن يأخذ رئيس الديوان الملكي ،من الأن فصاعدا، دوره الطبيعي كموظف حكومي في خدمة الملك. وهي وظيفة وليست دورا.

أخيرا، أذكر ، هنا، بأن الدستور الأردني يتوفر على نص حازم يمنح صلاحيات الولاية العامة لمجلس الوزراء، حتى أن -” أوامر الملك الشفوية أو الخطية لا تعفي الوزراء من مسئوليتهم-”








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محامي ترامب السابق -مايكل كوهين- يعترف بـ-الكذب- نيابة عنه ف


.. أحمد عز يقترب من انتهاء تصوير فيلم -فرقة الموت- ويدخل غرف ال




.. كلمة أخيرة - الروايات التاريخية هل لازم تعرض التاريخ بدقة؟..


.. تفاعلكم الحلقة كاملة | حوار مع الكاتب السعودي أسامة المسلم و




.. تفاعلكم | الناقد طارق الشناوي يرد على القضية المرفوعة ضده من