الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تناسخ العقلية الأمنية!!

عدنان زاهر

2008 / 5 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


كثير من الأحداث الجارية و الواردة فى الاخبار فى الآونة الأخيرة، تستحق الاهتمام و التناول بالتحليل لمادتها، لكن فى أغلب الاحيان الوقت لا يسع و لا يكفى. بالرغم من ذلك هنالك بعض الاحداث تدفعك دفعا للكتابة عنها ، بالطبع لا تجد مناصا غير فعل ذلك. من بين تلك الشاكلة من الأحداث خبر قامت بنشره صحيفة الشرق الأوسط الصادرة بتاريخ 17 أبريل 2008 يتحدث عن هروب تسع سجناء من أحد السجون بالمغرب. تم الهروب بطريقة تشابه الى حد كبير الطريقة التى هرب بها الممثل المشهور " كلنت استوود " فى فيلم عرض فى سبعينات القرن الماضى بأسم " سجين الكتراز ". و الكتراز لمن لم يشاهد الفيلم سجن شيد فى جزيرة فى امريكا، توجد به اجراءات استثنائية لا توجد فى سجن آخر داخل الولايات المتحدة. السجن تم قفله من قبل السلطات بعد الهروب الذى حدث فيه. و اكتشاف أحداث من العنف كانت تمارس بداخله ، و تحول الآن الى متحف.

السجناء الذين فروا من السجن المركزى بمدينة القنيطرة " شمال المغرب "، و المدانين على خلفية الارهاب ( اثنان بالاعدام )، و اربعة بالسجن مدى الحياة و ثلاثة ب 20 عاما. هؤلاء السجناء قاموا بحفر حفرة بعمق مترين فى مرحاض داخل السجن، فى زنزانة عرضها 60 متر مستخدمين الادوات المنزلية المتواجدة داخل السجن، ثم شقوا نفقا طوله 22 مترا قادهم الى الحرية خارج السجن!!

وزير العدل المغربى فى تعليقه على ذلك الحدث، استند فى تبريره لهروب المساجين" المدهش" على نظرية المؤامرة، اضافة الى قلة عدد الحراس ، و ازدياد عددالمسجونين الاحتياطيين. و المقصود بالمسجونين الاحتياطين- فى حديث الوزير- هم اولئك النفر من المواطنين الذين يتم اعتقالهم، و يسجنون لفترات طويلة، دون تقديمهم للمحاكمة، وفى العادة يتم ذلك الاعتقال دون تقديم الاسباب لذلك الاجراء التعسفى غير القانونى، المخالف للقانون الدولى!!!

بعد ذلك التبرير " الفذ " طالب وزير العدل المغربى بزيادة عدد السجانين، دعمهم بالعتاد، و بناء سجون عصرية " متطورة "!! .

المعالجة التى طرحها وزير العدل المغربى هى " الروشتة " المعتادة التى دأبت الانظمة الدكتاتورية و اشباهها ، على تقديمها لحل قضايا ذات طبيعة سياسية، قانونية و اجتماعية. مثل هذه الانظمة تتجاهل عمدا جذور الاسباب المؤدية الى المشكلة ، تقفز فوقها لتغبيش الرؤى ، والالتفاف حولها. لتبيان وجهة نظرنا نأخذ مثالا واحدا من حديث الوزير المغربى ونناقشه. الوزير يقول أن احد الاسباب التى أدت لضعف الرقابة على المسجونين هو ازدياد عدد المعتقلين احتياطيا، و تلك مشكلة تحل سياسيا و عدليا وليس عن طريق زيادة القوة الامنية و بناء سجون حديثة و متطورة!

الحل يتمثل فى توفير الحرية و الديمقراطية، دعم المؤسسات العدلية بالكفاءت، تسهيل الاجراءات القانونية، ومن ثم بعد ذلك توفير الضمانات الاجتماعية المتمثله فى توفير فرص العيش الكريم و فرص العمل.

حديث الوزير المغربى يقودنى بشكل مباشر و دون جهدا لاستدعاء ما يدور فى سودان اليوم. سوف الجأ الى أخذ عينات متفرقة من احداث وقعت، مع عرض المنهج الذى عولجت به.

- وزير الداخلية السابق و المحول الى وزارة أخرى و ابان رئاسته لوزارة الداخلية و تحت دعوى محاربة الجريمة فى المجتمع ، الانفلات الحادث، طالب بزيادة عدد الشرطة و دعمها بالعتاد و السلاح. و بسند من السلطات العليا فى الدولة، تم تسليح الشرطة حتى اصبحت قوة ضاربة موازية للقوات المسلحة. اول الاعمال " المجيدة " التى قامت بها الشرطة بعد هذا التسليح ، هو اطلاق الرصاص على مظاهرة سلمية فى بورتسودان و قتل العشرات. استخدمت الاسلحة الثقيلة والقوة المفرطة فى مسألة لا تستوجب كل ذلك العنف المنفلت تجاه تنظيم موالى للسلطة ، حتى أضحت مدينة المهندسين بامدرمان ساحة للقتال. توجت اعمالها بضرب الجماهير العزل فى كجباروهم يعارضون بالهتافات قيام خزان فى منقطتهم، شيد دون رضاءهم ليموت العشرات.

- وزير العدل الجديد – الذى كان البعض يعتقد بانه سوف ينحاز الى سيادة حكم القانون باعتباره رجل قانون- كان أول اعماله بعد تبوأه مقعد الوزارة هو فرض الرقابة على الصحف و مصادرتها ، ثم اعتقال الصحفيين.

- نائب رئيس المجلس الوطنى فى مؤتمر صحفى قامت بنشره صحيفة السودانى الصادرة بتاريخ 7-5-2008 فى تعليق له على قانون الامن الوطنى الذى سوف يعرض ليجاز- دون معرفة الجهة التى قامت باعداده- حول الجزئية التى تتعلق بصلاحيات جهاز المخابرات، ذكر ( فى ظل وجود قوات أجنبية و أشكال اخرى من الوجود الاجنبى .......منح صلاحيات الشرطة لتمكينه من ممارسة عمله، موضحا ان الاعتقالات التى تمت من قبل جهاز الأمن فى الفترة الاخيرة عرض فيها المحتجزين للنيابة خلال 72 ساعة منبها بضرورة ادخال تعديلات على بعض مواد القانون الجنائى التى يمكن استخدامها بصبغة سياسية كالمادة 50 المتعلقة بتقويض النظام الدستورى ) ذلك يعنى ببساطة اطلاق يد الأجهزة الأمنية دون كابح لتفعل ماتشاء، فى وقت تتحدث فيه السلطة عن كفالة الحريات، سيادة حكم القانون و احترام الدستور!!

مما قمنا بسرده وعرضه يتضح أن الانظمة الديكتاتورية تلجأ بعقلية أمنية لتكميم أفواه المواطنين، و قمعهم مستغلة فى ذلك كل التراث المكافيلى لتبرير أفعالها.

عندما نقوم بتفكيك العقلية الامنية لدى السلطات الحاكمة فى الأنظمة الديكتاتورية و هى تقوم بمعالجة القضايا السياسية، الاجتماعية و الاقتصادية، نجدها عقلية واحدة، مهما كانت الشعارات التى تتشدق بها و الحدود المكانية و الزمانية التى تمارس فيها سلطاتها. كان ذلك فى المغرب، السودان او الواق الواق!!!

8 مايو 2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش


.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا




.. الاحتلال الإسرائيلي يدمر مستوصف الزيتون بمدينة غزة


.. بحضور نقابي بارز.. وقفة لطلاب ثانوية بباريس نصرة لفلسطين




.. من أذكى في الرياضيات والفيزياء الذكور أم الإناث؟