الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب الله: الدمل الأصولي الخبيث

عارف علوان

2008 / 5 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


كلما ادّعى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر أن سلاح المقاومة لن يستخدم ضد اللبنانيين، كنت أقول لنفسي، أو لمن يجلس معي، إن هذا الرجل كذاب ومريب! لأن أي ميليشيا تزيد تسلحها باطراد سوف تحتاج إلى سلطات إجرائية تحمي بها أمنها، ولن يتحقق ذلك إلاّ على حساب أمن الدولة. وهذا ما حصل في السبعينات مع أبو عمار، الذي ظل يطالب الدولة اللبنانية بسلطات إضافية باسم حماية ما يسميه أمن المقاومة الفلسطينية إلى أن أصبحت تلك المقاومة أقوى من الدولة مما أدى إلى نشوب الحرب الأهلية السابقة.
وإذا كان التمثيل الطائفي في لبنان يعبّر عن ويحفظ حقوق الفئات المذهبية في المشاركة السياسية، فإن تأسيس حزب الله من قبل المخابرات الإيرانية أواخر السبعينات أضاف إلى المفهوم السياسي للطائفية بعداً أصولياً وظلامياً يتماهى مع التشريعات الغيبية المنصوص عليها في دستور دولة الملالي في إيران، حيث غطت تعاليم حزب الله وأوامره المذهبية ثلث مناطق لبنان بالعباءة السوداء واللحى الكثة، وهذه سابقة لم تكن متبعة من قبل أي طائفة لبنانية، لأن الطوائف تختلف شكلياً من ناحية المذهب لكنها ظلت علمانية في حياتها اليومية، أي مساوية لبقية الطوائف في صفات الاجتماعية.
وإمعاناً في إضفاء الصبغة الإيرانية على طائفة الشيعة في لبنان، رفع حزب الله صور الخميني وخامئني ذات الأطر الضخمة على الطرق العامة وفوق جدران المنازل المرتفعة.
كلنا نعرف أن شعار تصدير الثورة الإسلامية الذي رفعته دولة الخميني كان الهدف منه إيجاد مناطق نفوذ لإيران في البلدان العربية من خلال توظيف الوجود العربي الشيعي، ونعرف أيضاً أن حسن نصر الله ارتبط منذ فترة شبابه بالمخابرات الإيرانية التي خططت وتولت تنفيذ هذا المشروع عبر إقامة المستشفيات المتنقلة وتوزيع الدواء مجاناً على شيعة لبنان في الجنوب، ثم تخصيص المعونات لعدد من كبار السنّ والأرامل، ومن خلال هذا المدخل الخبيث ظهر ما أصبح فيما بعد حزب الله، الذي اصطدم مع حركة أمل الشيعية، لكن العلمانية. وباسم "المقاوم" انتحلت طهران لها وجوداً عسكرياً فاق من ناحية التسلح والرصيد المالي جميع الميليشيات الأخرى التي اشتركت في الحرب الأهلية التي نزعت سلاحها تنفيذاً لاتفاق الطائف. بعدها راح حزب الله يمنع ويحارب أي فئة أخرى كانت تقاوم بقايا الوجود الإسرائيلي الذي احتفظ له بشريط حدودي بانتظار الحصول على ضمانات بعدم الاعتداء على الأراضي الإسرائيلية!
كانت مشكلة فلسطين، وما تزال، لعنة العرب الكبرى، وسبب خَبَالهم العقلي والعاطفي، رغم كل ما فعله ياسر عرفات في الأردن ثم في لبنان وأخيراً في الضفة الغربية التي تسلمها بعد اتفاق أوسلو! وبما أن حزب الله صعد نفس المركب الذي يسمح بكل أنواع الشغب، ويقبل أي شعوذة ظلامية تتنافى مع التمدن، يجد اللبنانيون والعرب اليوم أنفسهم من جديد حيال ميليشيا مسلحة أقوى من الدولة اللبنانية، وهذه المرة ذات جذور إيرانية!
إنها المقاومة! مقاومة إسرائيل التي تعمي، كشعار، أبصار العرب، مهما استخدمت من طرق ملتوية، ومهما شكلت من خطر على أمنهم وسيادة دولهم وحياة أبنائهم وتقدم مجتمعاتهم! لقد حرم العرب أنفسهم من كل شيء جميل في الحياة، من حرية وإبداع وانفتاح وتطور من أجل وهم اسمه "المقاومة" لم يحقق يوماً غير الأكاذيب والهلوسات النفسية!
لعل حسن نصر يشعر في هذه اللحظة أن من حقه إشعال النار في أي دولة عربية، أو تدمير أي مجتمع عربي، لأنه ببساطة "مقاوم" صفق له نصف العرب في حرب تموز 2005، رغم أنه اعترف في خطابه الأخير (الأربعاء) بتدمير 200 ألف منزل وتشريد مليون لبناني من بيوتهم نتيجة ردّ الفعل الإسرائيلي على خطف الجنديين!
استطراداً، لعل الفرق بين سعد الحريري وحسن نصر الله أن الأول رجل اقتصاد وبناء وتنمية، لذلك أمر أنصاره أمس الأول (الخميس) بترك مقارهم ومكاتبهم الإعلامية ليخوض حزب الله الحرب الأهلية لوحده في شوارع بيروت. أما الثاني، حسن نصر الله، فهو مخلوق ينتعش خياله التكتيكي عندما تسيل دماء البشر على الأرض. وقد تعلم إصدار أوامر بالسجن والخطف والقتل الصريح والاغتيالات وشن الحروب إلى أن غلظت طبيعته، وأصبحت الحرب الأهلية من دواعي تحفزه الخطابي، الدليل أنه منذ طرد اللبنانيون الجيش السوري ومخابراته من بلدهم عام 2005، وحين نصر الله يهدد وينذر ويتوعد لبنان بالحرب الأهلية، لأن ما يلحق بالنظام السوري يمسّ النظام الإيراني بصورة مباشرة بسبب الحلف الإستراتيجي بينهما!
إن بعض العرب، مسؤولين أو كتّاب أو أصحاب مؤسسات إعلامية، تكاد شحومهم البدنية والفكرية تذوب من الحماس لدى سماع كلمة "مقاومة"، أي إطلاق خرطوش أو صاروخ على إسرائيل، شرط أن ينطلق من لبنان. ليس من سوريا ولا من قطر ولا من الجزائر، بل من لبنان بالذات! وهؤلاء لا يعنيهم بشيء شعب لبنان بما يمثله من وجه حضاري في المنطقة لما عرف عنه من قدرات في الإبداع والابتكار والتطور السريع، كما لا يعنيهم، ولا يخجلهم ظهور دولة أصولية للملالي على أرض لبنان!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو