الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبقة العاملة والاشتراكية، لازال العالم بحاجة الى ماركس بمناسبة الاول من ايار يوم العمال العالمي

مؤيد احمد
(Muayad Ahmed)

2008 / 5 / 12
ملف الاول من آيار 2008 - أفاق الماركسية واليسار ودور الطبقة العاملة في عهد العولمة


كلما مرت المجتمعات المعاصرة بالتحولات الاجتماعية والانعطافات والازمات السياسية، تصاعدت فيها الاصوات من مختلف الجهات ومن الاعماق الرجعية قائلة، تارة، بان المجتمع في طور من التطور الاجتماعي والاقتصادي ادنى مما يؤهله للحديث عن دور العمال او في مرحلة سياسية متباينة غير مناسبة مع ادخال مفهوم "الاشتراكية" و"الحركة العمالية" في الحياة السياسية لذلك المجتمع. فهذه الاصوات الرجعية كانت تتصاعد سابقا خلال القرن العشرين ولا زالت عادة فيما كان يسمى ببلدان العالم الثالث.
ويستمرالحديث على نفس المنوال اليوم، ففي اوقات الازمات السياسية الخانقة، وسيطرة القوى الفاشية والميليشية القومية والدينية والمذهبية على الاوضاع، واثناء فقدان ثقة الجماهير بالسياسة وفقدان الامل بالمبادرة السياسية الجماهيرية، يقولون لنا بان العمال والحركة العمالية هي لا شئ، الطبقة العاملة مدمرة والحركة العمالية مبعثرة وضعيفة. ويقولون بان الموضوع المطروح في اولويات الاجندة السياسية لتلك المجتمعات والقضايا السياسية في هذه الفترة ليست متعلقة بالعمال والحركة العمالية بل متعلقة بعموم المجتمع وبخلاص المجتمع من سيطرة تلك القوى. خلاصة القول، وبجرة قلم يمسحون من على الساحة الاجتماعية للبلد المعني طبقة اجتماعية كاملة وبالاخص الموقع والدور السياسي الحاسم الذي يمكن ان تلعبها تلك الطبقة في خضم تلك الاوضاع المتغيرة. فتجد جميع التيارات الاجتماعية البرجوازية الاخرى تبريرا لتسليح نفسها وتدخل الساحة وهي مسلحة, لكنها تعتبر اقدام العمال والحركة الشيوعية العمالية على الارتقاء بقواها جريمة وكأن هذه الطبقة ليست لها الحق في تسليح نفسها والدفاع عن حياتها ومكتسابتها او ان تلعب اي دور سياسي قيادي في مراحل الازمات السياسية التي تمر بها المجتمع.
ان هذا التشويه وهذا الانكار لدور العمال كطبقة اجتماعية مستقلة والطبقة الثورية الوحيدة في المجتمعات المعاصرة، يستمر ويعاد طرحها حتى في الاوضاع السياسية المقبلة على التحولات، عندما يكون المجتمع يمر في اتون تغيرات ثورية وانبثاق حركات شعبية عارمة لاحداث تغيرات سياسية معينة فيه. فهذه المرة يقولون لنا بان العمال لا يمكنهم ان يقودوا ثورة منفصلة اذ ان الثورة هي "شعبية" والجميع مشاركون فيها. ويصيحون باعلى الاصوات بانه لا يمكن الحديث عن الثورة العمالية والثورة الاشتراكية ولا يمكن الحديث عن المجالس العمالية ودور العمال المستقل اذ ان ذلك يحدث انشقاق في صفوف الثورة، ويستمر هذا السيناريو باشكال مختلفة. ما يكمن في قلب مجمل هذه الادعاءات هو منطق وقانون الصراع الطبقي, وجوهرها هو تحريضات سياسية مضادة للمصالح الطبقية للعمال وآفاقها ودورها السياسي الثوري في تغيير المجتمع. ان تلك الادعاءات ليست حول عقلانية او عدم عقلانية التاكتيك، صحة او خطأ المنهج السياسي، بل هو حول الغاء دور العمال كطبقة ذات مصالح سياسية واجتماعية مستقلة في المجتمع ودورها في احداث التغيرات السياسية والاجتماعية الثورية.
ان تطبيق التاكتيك السياسي الماركسي لتقوية الحركة العمالية والشيوعية العمالية وبهدف مواجهة مراحل معقدة من الحياة السياسية للمجتمعات شئ، والنفي الكامل والقطيعة التامة مع الحركة العمالية والشيوعية العمالية والاصرار على عدم لياقة هذه الحركة في القيام بشئ، او في خوض نضال سياسي مستقل وطبقي، شئ اخر. ان تاريخ الصراع الطبقي في العالم الراسمالي ملئ باللحظات والاحداث السياسية التي بادرت العمال الى دخول معترك الساحة السياسية والاسلحة بايديها في اوضاع كان فيه المجتمع في اتون اعقد الازمات واشد الدمار. ان الفرق الجوهري هو ان في تلك الاوقات الثورية كانت هناك افاق امام العمال وثقة بالمستقبل بسبب اوضاع المجتمع الثورية ووجود احزاب ثورية شيوعية وعمالية مقتدرة ايضا ولكن في لحظات مازق المجتمع في العصر الحالي وفي اوضاع السيناريو الاسود حيث لا تبقى لدى الناس امل بالمستقبل و عندما لا يتوفر احزاب شيوعية عمالية مقتدرة تتغير الامور. رغم التفاوت النوعي بين الحالتين، اوضاع الثورة واوضاع التراجع، غير ان الحل في كلتا الحالتين هو اقدام التيارات والاحزاب السياسية الشيوعية العمالية المتعلقة بهذه الطبقة الثورية الوحيدة في عصرنا بالعمل الثوري المقدام .
الطبقة العاملة و ماركس
رغم ان البرجوازية ودولها واحزابها وتياراتها تحسب الف حساب لاي تحرك عمالي في ميدان النضال الاقتصادي والاجتماعي غير ان خوفها الاساسي ليس في كون الطبقة العاملة قادرة على خوض النضال في هذا الميدان والتطوير بالحركات المطلبية، وفرض مطالبها الاقتصادية. كما ان خوفها ليس حتى من تدخل العمال في السياسة على العموم, اذ ان البرجوازية تجر العمال عادة الى السياسة وبالتالي تريد ان يدخل العمال الحياة السياسية ولكن كملحق للتيارات والاحزاب السياسية البرجوازية وفي خدمة مصالح الحركات القومية والليبرالية والاسلامية وغيرها.
ان خوف البرجوازية العالمية الاساسي في كل مكان من الحركة العمالية والعمال هو اقتران تحركات هذه الطبقة باسم ماركس، بالاشتراكية والشيوعية، بالبديل الطبقي العمالي الاقتصادي بوجه راس المال، بامكانية قيام الطبقة العاملة بممارسة سياسة طبقية مستقلة وبالثورة وبوجود تيار وتقليد سياسي وفكري معين داخل الحركة العمالية متمثلة بالشيوعية العمالية.

الطبقة العاملة
والشيوعية العمالية
الاهم هنا هو ان الشيوعية المعاصرة لا يمكنها بطبيعة الحال، بعد انهيار الشيوعية الرسمية، شيوعية البرجوازية للكتلة السوفيتية، وترك شيوعية المثقفين والطلبة للساحة وقيام الحركات القومية والوطنية بتصفية حساباتها مع الماركسية، الا ان تكون شيوعية عمالية، ترجع الشيوعية للطبقة الاجتماعية الوحيدة التي يمكن ان تطبق في وحدة واحدة اعتراض العامل ونظرية ماركس. ان الشيوعية العمالية وكما وضحها منصور حكمت هو الرجوع مرة اخرى الى الشيوعية بوصفها نقد العمال العملي بوجه راس المال وبوصف الماركسية نظرية هذا الاعتراض الاجتماعي وحصيلة له وليس العكس.
ان البرجوازية العالمية ومختلف تياراتها القومية والدينية والطائفية والليبرالية والنئو ليبرالية والفاشية وغيرها تديم هجومها الشرس على الماركسية وعلى الطبقة العاملة والشيوعية وتسعى ان تضع الشيوعية في هوامش المجتمعات وان تعرفها للعالم بانها كانت ستالينية وراسمالية الدولة او بالاحرى تسعى بان توهم العالم بان الشيوعية العمالية في الواقع ليست الا شيوعية برجوازية.
رغم ان الاشتراكية والامال التحررية والماركسية تواجه اشد الهجمات شراسة من قبل البرجوازية العالمية ولكن الراسمالية عاجزة عن البقاء لحظة واحدة بدون العمل الماجور بدون تجسيد اكبر للامساواة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بدون افقار الجميع من اجل ادامة سيطرة حفنة من البرجوازيين على حياة البشرية اي بدون ان تثبت من جديد كل يوم وكل لحظة بان ماركس هو صحيح وان العالم بحاجة اليه اذا اراد الانسان ان يرفع راية عالم افضل عالم خال من الظلم والاضطهاد والحروب, عالم يسوده الحرية والمساواة.
هذا وبالرغم من كل المصاعب التي تواجهها الحركة العمالية الان اثر الهجوم البرجوازي غير انها تخلصت من العقد والتشويهات التي احدثتها الستالينية والشيوعية البرجوازية الرسمية على الحركة العمالية والشيوعية.
صحيح ان الطبقة العاملة كحركة ليست قوية في معترك الميدان السياسي العالمي وغير موحدة وعلاقة نضال هذه الحركة بنظرية ماركس تلقت ضربات كبيرة غير ان ذلك ليس بسبب تقليل شدة التنقاضات الاجتماعية بين العمل وراس المال، ليس بسبب سيادة "الوفاق الطبقي" و"السلم" الاجتماعي، ليس بسبب كون الراسمالية اكثر "عصرية" و"مدنية" من ذي قبل وليس بسبب "نهاية التاريخ " و عهد ما "فوق امبريالية"! وطبعا ليس من باب عدم صحة ماركس، انما هو بسبب كون الحركة العمالية لم تستطع ان تخرج باحزاب سياسية شيوعية عمالية مقتدرة وثورية قادرة على الصعود لاداء مهام العصر. انها متعلقة باوضاع العامل الذاتي للثورة، اي اوضاع جبهة القوى الطبقية العمالية ونواقصها من حيث الاقتدار السياسي والحزبي والفكري في حربها مع راس المال.
ان البرجوازية العالمية واقفة في ميدان الرجعية السياسية فلا يمكنها ان تقدم على انجاز اي شئ سياسي تقدمي للبشرية. ان بقاء سيطرة راس المال, راس المال المالي والاقطاب الامبريالية العالمية على رقاب البشرية المعاصرة واحتمالات نشوب الحروب بينها مع ما تنجم عن ذلك من المآسي، تخلق جملة من المعضلات والمسائل والتعقيدات السياسية التي تستلزم تطبيق التاكتيك الثوري الماركسي في مواجهتها. كما وفي خضم صراعات البرجوازية العالمية تنبثق التوازنات الجديدة في ميزان القوى العالمية وتظهر كما هو الحال الان الحركات الرجعية الاخرى مثل الاسلاميزيزم واليمين المتطرف والفاشية والشوفينية القومية وغيرها.
فكما اشرت فميا سبق ان هذه الاوضاع تخلق وبشكل معقد جملة من المسائل السياسية والمعضلات الاجتماعية واوضاع انتقالية وتحولات سياسية عميقة وواسعة تستوجب مواجهتها بالتاكتيكات السياسية الماركسية الثورية كي تستطع الطبقة العاملة بان تتحرك وان تلعب دورها الثوري في هذه المسارات. ولكن في قلب هذه الاوضاع وفي مواجهتها تبقى المسالة الاساسية الا وهي انماء حركة طبقية مستقلة للعمال والحضور على راس الحركة العمالية بمثابة حركة سياسية واجتماعية وطبقية ثورية مستقلة عن باق الطبقات الاخرى. ان ايديولوجيا الاستقلال الطبقي العمالي واستقلالية مهامها الطبقية وعملها المستقل مهمة سياسية لا يمكن التقليل من شانها اذ انها ليست مجرد وصف العامل وتقديس الحياة كعامل انها مسالة متعلقة بالشيوعية وموقع الطبقة العاملة المحوري في بناء عالم افضل.عاش الاول من أيار يوم الاقتدار والتضامن الطبقي العمالي.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. ماذا حمل المقترح المصري؟ | #مراس


.. جنود أميركيون وسفينة بريطانية لبناء رصيف المساعدات في غزة




.. زيلينسكي يجدد دعوته للغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي | #مرا


.. إسرائيليون غاضبون يغلقون بالنيران الطريق الرئيسي السريع في ت




.. المظاهرات المنددة بحرب غزة تمتد لأكثر من 40 جامعة أميركية |