الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جامعة الأزهر الفلسطينية في مهب الريح

محمد أمين

2008 / 5 / 15
القضية الفلسطينية


كبقية الجامعات الفلسطينية، عاشت جامعة الأزهر ظروفا صعبة في ظل الاحتلال واستطاعت بفعل إرادة الصمود والتحدي عند قيادات سياسية وعند المخلصين من العاملين فيها والأهالي، أن تصمد وتستمر بالعملية التعليمية، وما ساعدها على ذلك عاملان:الأول المنح والمساعدات الخارجية، حيث كان مجلس الأمناء بمساعدة القيادة الفلسطينية يوفر لغالبية الطلبة منحا وقروضا من الدول العربية والصديقة، والثاني هو إرادة البقاء وإثبات الوجود في مواجهة الجامعة الإسلامية المحسوبة على حركة حماس، هذان العاملان الخارجيان كانا السبب في استمرارية الجامعة في الوجود ، إلا أن خللا كبيرا وأخطاء تراكمت عبر السنين أوصلت الجامعة لمهب الريح مما يهدد وجودها بالأساس أو يهدد وجودها كجامعة مستقلة تُشعر المنتسبين لها بالفخر.
كان يمكن لجامعة الأزهر في ظل الرعاية الرسمية والدعم الخارجي والأطر الأكاديمية الجيدة أن تكون جامعة فلسطين الأولى وان تتميز في مجال البحث والإبداع وفي استقطاب مزيد من الكفاءات العلمية لولا الخلل في الإدارة والتدخلات الحزبية في تسيير أمورها.وكنت خلال السنوات الماضية ومن خلال عدة لقاءات مع زملاء أكاديميين وبعض الطلبة الخريجين الذين ساعدتهم الظروف على الوصول لبريطانيا لاستكمال دراستهم العليا قد أطلعت على أمور مثيرة للاستغراب والغضب في نفس الوقت، حيث علمت أن بعض الأجهزة الأمنية قبل انقلاب حركة حماس كانت تتدخل في كل صغيرة وكبيرة من تعيين أعضاء هيئة التدريس والإداريين وفي تسجيل الطلبة دون توفر الشروط المطلوبة بل وفي تخريج طلبة دون استكمال دروسهم، وكان مجلس الطلبة المشكل من توازن مصالح أو توزيع مغانم ما بين جماعة دحلان والوقائي و حلس هو الآمر الناهي في الجامعة حتى على مستوى تعيين رؤساء الجامعات وإقالتهم، بل وصل الأمر لحد الاعتداء بالضرب على رؤساء جامعة وطردهم خارج الجامعة على يد طلبة من اتحاد الطلبة الذي تسيطر عليه الشبيبة الفتحاوية ،لا لشيء إلا لأنهم تجرءوا ووقفوا في وجه مطالب مجلس الطلبة وشباب التنظيم .لهذه الأسباب أصبحت الجامعة طاردة للكفاءات وليس محتضنة وجاذبة لها، وأصبح التعيين في موقع رئيس الجامعة أو العمادة وحتى رؤساء الأقسام والمواقع الإدارية الهامة، لا يعتمد على الكفاءة والخبرة والسمعة الطيبة، بل نتيجة الترضيات المتبادلة وتوزيع المصالح وتقديم خدمات بالمقابل، حتى تعيين رئيس الجامعة أصبح يخضع لشبكة المصالح وقدرته على إرضاء الجميع والتغاضي عن القانون، فالكفاءة والخبرة لم يعدا شرطا للتعيين في رئاسة الجامعة.

لكل هذه الأسباب ونتيجة تراكمات الماضي أصبحت جامعة الأزهر الفلسطينية تعيش اليوم مأزقا حقيقيا بعد الحسم العسكري لحركة حماس في حزيران الماضي، فالشبيبة الفتحاوية والأجهزة الأمنية التي كانت توفر لها الحماية لم يعد لها وجود، وأصبح مجلس الأمناء ومجلس الجامعة في حيص بيص وعاجزين عن الحفاظ على استقلالية بل بقاء الجامعة لأنهم لم يتعودوا أن يكونوا أصحاب قرار ورئيس الجامعة الذي يفتقر لأي مؤهل قيادي وجاءت به توازنات مصلحية وجهوية أصبح كل همه كيف يحافظ على موقعه حتى بتحالفه مع الشيطان.

ما دفعني للكتابة حول الموضوع هو إنكبابي وثلة من الباحثين على ورقة عمل حول الجامعات العربية، الأمر الذي جعلني على صلة ببعض الأصدقاء والزملاء في الجامعات الفلسطينية ومنهم زميل في جمعية أساتذة الجامعات في فلسطين، وكان من الممكن أن أوظف المعلومات التي وصلتني دون تخصيص أية جامعة بنقد لولا ما حدثني عنه الزميل من الجمعية عما حصل للبروفيسور إبراهيم براش الذي كان وزيرا للثقافة ثم قدم استقالته برسالته المشهورة والمثيرة، حيث أعلمني صديقي أن الدكتور براش كان قد حصل على إجازة سنة بدون راتب والقانون يعطيه الحق بقطع الإجازة والعودة للجامعة خلال السنة، وهذا ما فعل حيث تقدم بطلب للالتحاق بالجامعة في الفصل الدراسي الثاني بعد تقديم استقالته ولكنه فوجئ برفض رئيس الجامعة لطلبه وإنه سيتم البحث بطلبه العام القادم وبعقد جديد لأنه أصبح موظفا متقاعدا في نظر رئيس ومجلس الجامعة ! هذا الأمر أثارني لعدة أسباب :الأول أنني أعرف بان جامعات العالم تتسابق على احتضان الوزراء والمسئولين الكبار بعد تركهم للعمل وتتباهى هذه الجامعات بكون هؤلاء أعضاء هيئة تدريس عندها، والثاني أن عدة وزراء سابقين عادوا لجامعاتهم في فلسطين بنفس الوضعية الإدارية والمالية التي كانوا عليها قبل التحاقهم بالعمل الحكومي ، والسبب الثالث، أن توصلي بهذه المعلومة جاء متزامنا مع مقال للكاتب المصري الدكتور مجيد عبد الوحيد في عدة صحف ومواقع الكترونية حول استقالة براش حيث كتب يقول (مرت استقالة وزير الثقافة في السلطة الفلسطينية الدكتور إبراهيم إبراش كأنها لم تكن، رغم أن محتواها يكفي لتحريك الحجر. وربما لو كان في الوضع الفلسطيني بقية من حياة، لأقامته هذه الاستقالة ولم تقعده بما تضمنته من شهادة على عبثية المنهجين السائدين فيه. فقد أرادها الدكتور إبراش صرخة احتجاج على ما أسماه بحق "عبثية منهج من يقولون بالمقاومة، لكنهم يمارسونها بعيداً عن شروط ومتطلبات المقاومة الوطنية الحقيقية، وعبثية المفاوضات في ظل السياسة الإسرائيلية الراهنة. وفي كل من الحالتين هي عبثية مدمرة للمشروع الوطني الفلسطيني".
وإذ يعيد إبراش تذكيرنا بهذا المشروع الذي كدنا ننساه في ظل عبثية المنهجين السائدين في غزة ورام الله، فهو يحث ضمنياً كل المخلصين لهذا المشروع على البحث عن سبيل لاستعادته حتى لا يظل بعض الفلسطينيين يزعم أنه يقاوم فيما البعض الآخر يدعي أنه يفاوض.(

بالرغم من أنني لم ألتقي بالدكتور ابراش شخصيا إلا مرة واحدة في مؤتمر علمي بجامعة فيلادلفيا بعمان منذ سنوات ،إلا أنه معروف كواحد من ابرز الأكاديميين والمفكرين في فلسطين بل على مستوى العالم العربي حيث كتبه وأبحاثه تُدرس في أكثر من جامعة عربية وفلسطينية وكانت مداخلاته عبر الفضائيات تتسم بموضوعية وعمق بالتحليل، إلا أنه ليس فقط الحياء غاب عن المسؤولين في جامعة الأزهر بل قد تكون ظنون صديقي الأزهري صحيحة بأن رئيس الجامعة خضع كعادته لمطالب نافذين في السلطة ومؤثرين في الجامعة يريدون معاقبة الدكتور ابراش لأنه تجرأ على ترك حكومة فياض دون إذن من احد و في سابقة أحرجت كل المستوزرين من حركة فتح وبقية الفصائل وطلاب المناصب من الأكاديميين والمثقفين .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن وإسرائيل.. خلاف ينعكس على الداخل الأميركي| #أميركا_الي


.. قصف إسرائيلي عنيف شرقي رفح واستمرار توغل الاحتلال في حي الزي




.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف حرب إسرائيل على


.. ما الذي حققته زيارة مدير الاستخبارات الأمريكية في مفاوضات وق




.. إسرائيل تبلغ نهائي يوروفيجن 2024 وسط احتجاجات على مشاركتها ب