الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في مواجهة جدية للتهديد التركي – السوري

جان كورد

2004 / 1 / 8
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


في الوقت الذي تقترب فيه سورية من الحلف التركي – الإسرائيلي فإنها تقوم بالمشاركة مع تركيا بتهديد الشعب الكردي، لأنهما تجدان في الكرد ضعفا وتشتتا وتفرقا، إلا أن هذا يدل في الوقت ذاته على ضعف سوريا في مواجهة أعدائها وتذلل حكومتها لمن يفرض عليها شروطها القاسية.                    
 
منذ اندلاع الثورة الكردية الكبيرة عام 1961 بقيادة الرئيس الخالد مصطفى البارزاني وحزبه العريق في النضال ، الحزب الديموقراطي الكردستاني، وقفت سوريا موقف العداء للحركة التحررية الكردية وسارعت إلى حشد كل طاقاتها السياسية لتأليب زعماء الكرد السوريين على قيادة الثورة وأجبرت بعضهم على إرسال برقيات الاستنكار ضد البارزاني الخالد متهمة إياه بالملا الأحمر، الشيوعي، الملحد، وبنفس الوقت الذي اتهمته فيه بالعمالة للإمبريالية والصهيونية، ساخرة بذلك من وعي الشعب السوري وقواه الوطنية التي كانت تميز جيدا بين الشيوعية والامبريالية والصهيونية. كما سارعت حكومة الانفصال السورية إلى تنفيذ مشروع الاحصاء الاستثنائي عام 1962 الذي تم بموجبه تجريد مئات الألوف من الأكراد من حق المواطنة في أرض آبائهم وأجدادهم..                                                               
وبعد انتزاع السلطة في سوريا عن طريق انقلاب عسكري من قبل حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1963 استعر أوار الحرب النفسية على الشعب الكردي وقامت الحكومة العنصرية بإرسال قوات اليرموك السورية بقيادة العقيد فهد الشاعر (درزي) للمشاركة في حملات الإبادة والتقتيل والتشريد ضد شعب كردستان العراق إلى جانب الجيش العراقي، كما ازداد اضطهاد الشعب الكردي في الجزء السوري من كردستان وكثرت المشاريع السرية والعلنية التي استهدفت إنهاء الوجود القومي الكردي في البلاد، من خلال التعريب والتشريد والتهجير والتعذيب وملاحقة الوطنيين الأكراد ومنع كل ما يتعلق بالكرد وكردستان في دور الكتب وفي المدارس والإعلام، بل في مختلف أوجه الحياة، ظنا من البعثيين بأنهم سيقضون على الوجود الكردي خلال سنوات قلائل وبممارسة شتى صنوف الاضطهاد العنصري البغيض، إلا أن ذلك فشل فشلا ذريعا مثلما فشلت قوات اليرموك آنذاك في تحقيق أي انتصار عسكري يذكر على قوات البيشمركه الكردية البطلة.                                                                            
ومنذ استيلاء البعث على الحكم وإلى اليوم فإن سياسته تجاه الشعب الكردي تتسم بالحقد القومي والكراهية والتفرقة والتمييز ضد ثاني أكبر قومية في البلاد، أما في الأجزاء الأخرى من كردستان فقد اتسمت بالعداء الباطني والعون الظاهري، فلقد ألب السوريون الأحزاب الكردية العراقية على بعضها بحجة أنها تدعم "اليساري" ضد " اليميني" ، كما دعمت حزب العمال الكردستاني وسخرته لمآربها بحيث نقل الحزب معركته الأساسية من كردستان الشمالي إلى كردستان الجنوبي، واقترف بذلك أكبر جريمة تاريخية بحق الشعب الأمة الكردية المضطهدة والمجزأة، إذ نشبت حرب كردية – كردية التهمت نيرانها آلاف الشباب الأكراد، ومن بينهم عدد كبير من الكرد السوريين، بحيث تولد شعور بالكراهية بين أبناء شمال كردستان وجنوب كردستان، كما كان الحال بين شمال فيتنام وجنوبها، أو بين شمال كوريا وجنوبها. وهكذا يعتبر الخلاف الكردي - الكردي من أهم إنجازات حزب البعث العربي السوري التي شاركته فيه الأحزاب الكردية - مع الأسف – هذا الخلاف الذي سبب للشعب الكردي مشاكل عديدة لاتزال آثارها بادية للعيان حتى اليوم.                                                                                                                   
طبعا لا يجوز أبدا نسيان الدورالتركي الكبير في تأجيج نار النزاع الداخلي بين أطراف الحركة الوطنية الكردية ، وحقيقة فإن تركيا شريك دائم لأي نزاع داخلي في الحركة الكردية، بل هذا من مهامها لما له من تأثير إيجابي في مصالحها الحيوية في المنطقة. وحسب اعتراف بعض كبار ضباط الجيش العراقي القدامى فإن ضباطا من قيادة الجيش التركي كانت تشارك عمليا إلى جانب العراقيين في إدارة الحرب على الثورة الكردية إلى جانب ضباط ارتباط إيرانيين منذ عام 1963.                                           
ومعلوم أن وزراء الخارجية الايرانية والتركية والسورية كانوا يلتقون بشكل دوري ورسمي منذ عام 1991 لملاحقة الموضوع الكردي وتطوراته إلى أن تمكنوا من تأجيج نارالخلاف والاقتتال الكردي – الكردي بين القوى الرئيسية في كردستان، وبذلك حققوا مآرب دولهم ونفذوا مشاريع حكوماتهم، والكرد – مع الأسف – كانوا يقسمون هذه الدول إلى أصدقاء وأعداء، كل حسب مصالحه الحزبية الضيقة.           
وتأتي زيارة الأسد إلى أوروبا لتكرس تلك السياسة العدوانية تجاه أي طموح قومي كردي، ويبدو أن سوريا عازمة على الاستمرار في السيرعلى طريق معادة الشعب الكردي إرضاء لتركيا التي لاتخفي نواياها الشريرة ضد مصالح الشعبين العربي والكردي على حد سواء، وبذلك فإن سوريا اختارت مسلكا يضر بمصالح الأمة العربية عموما والشعب السوري على وجه الخصوص. وهذا ما سيجرها إلى أخطاء أكبر في المستقبل، فالكرد ليسوا كما يظن قادة حزب البعث من أولئك الذي يحنون رؤوسهم لكل ريح تهب عليهم، وهم أثبتوا جدارتهم النضالية تاريخيا ومشهورون بكفاحهم من أجل الحرية التي هم مستعدون دائما لدفع ثمنها كما قال عنهم جواهر لال نهرو... وإن دخول سوريا في خدمة المصالح الاستعمارية التركية سيعرضها لأضرار كبيرة بالتأكيد إن حاولت العبث بما أنجزه الكرد في كردستان العراق حتى الآن في ظل الحرية.                                                                                                                  
ولذلك فإن على الكرد الذين لن يخيفهم هذا التهديد الثنائي، السوري – التركي، أن يردوا على هذه الهجمة العدوانية الماكرة بإعلان تضامنهم مع بعضهم بعضا وتماسكهم ووحدتهم وتلاقيهم وخروجهم إلى ساحة التحدي كقوة موحدة لشعب كبير، يفوق عدد سكانه مجموع الشعب السوري بمرتين على الأقل، وتمتد ساحته النضالية عبر إيران والعراق وتركيا وسوريا، وله من الطاقات ما يكفي لتحطيم كل المؤامرات التي تحاك ضده في السر والعلن، وذلك بالاعتماد على تضامن القوى الديموقراطية العربية والفارسية والتركية التي ترفض سحق ما حققه الكرد في كردستان العراق منذ عام 1991.                                 
ويؤسفني القول بأن الحزبين الكبيرين في كردستان العراق لم يوحدا حتى اليوم إدارة الاقليم، رغم الحاجة الماسة لذلك منذ إعلان أمريكا الحرب على نظام صدام حسين البائد عام 2003، ويريدان مع ذلك إعلان ذلك كبشرى عظيمة للشعب الكردي في وقت قريب، في حين كان يجب توحيد الإدارتين منذ سنين طويلة  لما له من أهمية سياسية واستراتيجية كبير، وليؤكد الحزبان بذلك مصداقيتهما وحرصهما الشديد على وحدة الاقليم الذي يتقاسمانه منذ الحرب الهوجاء بينهما في أواسط التسعينات، والتي لاشك في أن أصابع ايرانية وتركية وسورية كانت وراء اندلاعها.                                                                         
إن أفضل رد على التهديد السوري – التركي المشترك هو العمل من أجل تسريع وتيرة النضال من أجل الوحدة الوطنية الكردية، وتغليب الصالح العام الكردي على المنفعة الحزبية الضيقة، وتقريب وجهات النظر في مختلف المسائل الهامة التي تطرح على أطراف الحركة. وهذا يتطلب مؤتمرات متتالية واسعة ومشاركة فعالة للشعب الكردي في القرار السياسي من خلال استفتاءات ومناقشات وحوارات بين الجميع دون استثناء.                                                                                                                
في آخر حوار للدكتور محمود عثمان، عضو مجلس الحكم الانتقالي في العراق، مع جريدة الحياة في 6/1/2004 قال بأنه لو استفتي الشعب الكردي الآن لطالب كثيرون منه بالاستقلال عوضا عن الفيدرالية، وأقول: إذا فلنستفي الشعب الكردي إن كنا فعلا نؤمن بالديموقراطية، وأعتقد بأن شعوب العالم ستحترم إرادة الشعب الكردي طالما هي إرادة حرة، وعندها لن تتمكن الحكومات التي تهدد شعبنا من عمل أي شيء.                                                                                                                         

ولايسعني إلا أن أردد بصدد التهديد القائم على الشعب الكردي في أذن الحكومة السورية التي بدأت تنسج على منوال الترك الذين هددوها وأهانوها من قبل، يوم طالبوا برأس عبد الله أوجلان، قول الشاعر العربي الكبيرالجواهري:                                                                                                                                                     شعب دعائمه الجماجم والدم              تتحطم الدنيا ولايتحطم                                           








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحطم طائرة الرئيس الإيراني.. أبرز ما حدث في الساعات الأخيرة


.. مصادر إيرانية: جميع ركاب الطائرة الهليكوبتر التي كانت تقل ال




.. الصور الأولى لحطام طائرة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي ووزير


.. العثور على حطام طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على قمة




.. جيش الكونغو الديمقراطية يحبط محاولة انقلابية