الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أطفالنا العراقيون وطفولتهم الضائعة

صبيحة شبر

2008 / 5 / 12
حقوق الاطفال والشبيبة


كل دارس لأحوال امة من الامم ، يجب ان يعرف اولا الظروف الحياتية التي يمر بها الاطفال ، وما هي طرق تعليمهم وتربيتهم ، والألعاب التي تقدم اليهم ، ليكتسبوا العلم والمعرفة ، ويتعلموا اصول الحياة ، ويكتسبون المهارات المتعددة ، كي تكون حيواتهم افضل من حياة من سبقهم
ولكن نظرة متفحصة لأحوال الاطفال العراقيين ، تتضح لنا جليا ان الامر يتدهور باستمرار ، وان طفولتنا رغم ما شابها من حرمان ، فانها افضل بكثير ، مما يمر به الاطفال العراقيون ، من يتم وحرمان من ابسط الحقوق التي يتمتع بها اطفال العالم ، ومن تحمل للمسؤوليات الثقيلة مبكرا ، مما لايتناسب مع صغر سنهم ، فالحروب الطويلة التي أشعلها النظام السابق ، والاعدامات الكثيرة التي طالت الالاف من الناس ، والعدوان الامريكي على عراقنا الحبيب ، والعمليات التفجيرية التي قام بها المتطرفون ، كل هذه العوامل مجتمعة ، جعلت الاطفال العراقيين محرومين ، مما يتمتع به اطفال العالم من مكاسب ومن قدرة على الفرح ، ومن ابتكار للالعاب التي تحمل البهجة الى عالم الطفل ، وتمنحه المعرفة الضرورية كي يكون مواطنا فعالا وانسانا سليما من الامراض البدنية والنفسية.
العناية بالاطفال وتنشئتهم تنشئة صحية ، من المباديء الاساسية ،التي يضعها علماء التربية والتعليم ، والاجتماع نصب اعينهم ، فماذا فعلنا نحن العراقيين للقيام بهذا الواجب ، ولانقاذ معشر الاطفال من حيواتهم التعيسة؟
وكيف يتعلم الاطفال في المدارس ؟ وما هي المعلومات التي تغرس في نفوسهم كي يكونوا فاعلين ، يشاركون في عملية البناء ، ذوي شخصيات قوية ، سعداء يتمتعون باشباع الهوايات وتكوين الصداقات ، والقيام بالاعمال التي تتناسب مع مقدراتهم وميولهم ؟
ونحن الان في محاولة ترتيب البيت العراقي ، وازاحة الأشواك التي تعترض طريقه في التقدم والازدهار ، يجب ان نولي الاطفال العناية التي يستحقونها ، فهم بناة الستقبل ، وغارسو شتلات السعادة في ارضنا التي تعاونت الكثير من الايادي ، لجعلها قاحلة لاتنبت الا الاحجار الموضوعة في طريق تحقيق الغايات الكبيرة .
ان الطفل ليس كالنبات الطبيعي ينمو لوحده ، بل هو بحاجة الى العناية الفائقة والرعاية الكبيرة ، كي يشب واثقا من نفسه ومن امكاناته ، وانه عراقي يتشابه مع بني البشر في كثير من الصفات ، الا انه يتصف ايضا ببعض الخصوصية ، التي اثبتها التاريخ ان العراق بلد اصيل ، وذو حضارة متعددة ضاربة في الاعماق
ان الطفل العراقي يجد نفسه ،محاطا بكثير من الممنوعات ، من عدم القدرة على الغذاء الصحي ، واللباس الجميل اللائق ، والسكن المناسب ، والقيام بالهوايات الجميلة ، او تكوين الصداقات ، وكثير من الاطفال يواجهون بكلمات مانعة كثيرة ، مثل الحرام او العيب ، فيشب الطفل خجولا ، مترددا ، مقلدا لاراء الكبار ، او متشبها لمن كان في بيئات اخرى من الناحية الشكلية ، وليس بالعلم والمعنويات العالية والرغبة في الابتكار ، فالطفل عندنا يتعلم الحفظ نصا ، دون مناقشة ما يقوم بحفظه ، ومع اليقين الثابت ، ان الحفظ يفيد في النواحي الادبية ، مثل قرض الشعر ، الا انه لايفيد في مجالات اخرى ، مثل حفظ دروس التاريخ او الجغرافية ،التي لايمكن ان تعطى بدون مناقشة عقلية للحوادث ، لان زمن الامس رغم الضياء المنبعث منه ، قد لايعني انه مناسب ليومنا المختلف عنه تمام الاختلاف.
بعض الاباء والامهات ، يحسنون تربية اولادهم بمحض الصدفة فقط ، فهم لم يتلقوا تدريبا ، يؤهلهم للقيام بواجبات التربية للاطفال ، في سني حياتهم الاولى ، والتي تعتبر بنظر علماء النفس وعلماء الاجتماع ، من اخطر سنوات العمر ، وعليها المعول لتكوين الاجيال ، فمعظم الاباء يقلدون في التربية اباءهم ، فهم قساة غليظي الكلام يسارعون الى العقاب لاقل كلمة او هفوة ، لانهم وجدوا تلك المعاملة من ابائهم ، وهنا قد لايختلف المثقفون ، الذين حصلوا على التعليم العالي عن غير المثقفين ، أحيانا أفاجأ من القسوة غير المبررة ، التي يعامل بها بعض الاباء ابناءهم ، فلا يمكن القيام بالتربية الصحيحة الا بمعرفة الحاجات الاساسية للطفل للنمو الجسمي والعقلي والنفسي والعاطفي ، ومن المعلوم ان الطفل ينمو من المرحلة الجنينية ، حيث يحتاج الى الغذاء المتوازن ،والى هدوء الام وعدم انفعالها ، فكم من ام عراقية استطاعت ان تضمن الهدوء في عالم يدعو الى العنف ؟ والى عدم احترام الاخرين وتقديرهم ، بسبب الخلاف الفكري والتباين في وجهات النظر ، ثم يأتي دور البيئة ، وهنا نبين اهمية التوافق الزوجي ، في منح الطفل الشعور بالامان العاطفي ، والتعلم على احترام الاخر ، مهما كانت الاختلافات في الاراء كبيرة ، كما ان تدريب الطفل على كيفية اختيار الصديق الجيد ، واحترام الاخرين والدفاع عن القيم ، مثل التعاون ، ومساعدة المحتاج ، والدفاع عن الضعيف ، وحب الوطن والارتباط به.
فالطفل العراقي يكتسب المعارف ، من البيئة التي ينشأ فيها ، فاذا ما شب وكبر وكثرت معارفه ، فان مصادرها قد تكون متعددة ، والافضل ان يكون قادرا ، على اختيار على الهوايات المتعددة ، التي تمنحه الفائدة والمتعة معا ، وتغرس فيه حب المعرفة ، وتقدير العلماء والباحثين والعاملين المخلصين ، كما انه يجب الانصات اليه ، حين يبدي رأيه ، وعدم محاولة السخرية من افكاره ، ومن طريقة لفظه لبعض الحروف ، او من تخويفه من الجن ، ومن غرس بعض الصفات في نفسه ، مثل الجبن والتردد ، وعدم قول الحقيقة كما يراها هو ، وليس تلك التي يفرضها عليه الاخرون ، والطاعة لاتطلب لذاتها ، وانما يجب ان يتعلم الطفل ، كيف يحترم الانظمة والقوانين ، التي تحافظ على الحقوق العامة وعلى الحريات الجمعية ،
طرق التخويف من العقاب البدني ، والتعليم على الطاعة ، هي السائدة في تربية الاطفال ، مما ينتج عنها ، عدم الثقة بالنفس وازدرائها ، كما ان المقارنة التي قد يجريها بعض الاباء ، بين اطفالهم واطفال غيرهم ، راغبين منها ان يجعلوا الطفل حريصا ، على اكتساب بعض المهارات ، الا انها قد لاتأتي بأكلها ،كما احب الاباء ورغبوا ، فتنقلب الى نتيجة عكسية.
فمطلوب من الابوين ان يتفهما حاجات اطفالهما ، والا يقتصر المربون على اكساب العلوم فقط ، بل ان الجانب العاطفي ، وتوفير الاحترام للطفل ، واشعاره انه مقدر من قبل عائلته ، والمجتمع تساهم كثيرا ،في صقل شخصيته وتقويتها ، واستعمال العقاب البدني يضر كثيرا بشخصية الطفل، ويؤدي الى انهزاميتها ،وخاصة حين يقوم المعلمون بضرب الاطفال ، امام اقرانهم ، وتدريب الاطفال على ان يكونوا احرارا ، معبرين عن انفسهم ،من الطرق الناجحة جدا في علم التربية ، ولكن بشرط الا يضروا بحقوق الاخرين وحرياتهم ، لذلك علينا ان نوجه الاطفال من غير عنف ، وان نرشدهم الى الصواب بدون قسوة ، وان نتحاور معهم محترمين صغر سنهم ، وقصور تجربتهم الحياتية ، وان نقنعهم بما نراه صحيحا بذكر الدلائل والبراهين دون ان نلجأ الى الاجبار.
ان ثروة الشعوب تقاس بما تهئيه لاطفالها ،من تربية وتعليم ومن طرق صائبة. تحترم فيهم الانسان ، وتقدر الكفاءات وتصون الحريات ، وتدافع عن الحقوق .
فما احوجنا الى فهم اطفالنا ، وتوفير التربية الصحيحة لهم ، وتدريبهم على اكتساب المعارف ، التي تصقل شخصيتهم وتجعلهم معتمدين على انفسهم حين يدخلون مرحلة الشباب ، فيساهمون في صنع الحياة الاجمل ،لأنفسهم أولا ، ولأسرهم ثانيا ، ولمجتمعهم ووطنهم ثالثا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أبو حمزة: الطريق الوحيد لاستعادة الأسرى هو الانسحاب من غزة


.. جبال من القمامة بالقرب من خيام النازحين جنوب غزة




.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق


.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟




.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع