الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدكتاتور خبازا

كاظم الحسن

2008 / 5 / 13
كتابات ساخرة


في الانظمة الشمولية، يأخذ عالم الصورة ابعاداً كبيرة وذلك لادامة روح الهيمنة والتسلط من خلال اشعار الفرد بانه مراقب في كل مكان من قبل ما يسمى الاخ الاكبر، الذي تنتشر صوره باشكال مختلفة لكي تتناسب مع مختلف اوضاع الفرد المهنية او اشكال الاجهزة التابعة للدولة. ففي وزارة الاسكان والتعمير تجد صورة الدكتاتور وهو يحمل المسحاة، وزارة التربية تجد صورته وهو يلقي محاضرة على الطلبة، في المقهى يحتسي الشاي، في الجبهة ممسكا بالبندقية.ومن الطريف ان احد الاصدقاء روى لي عن صاحب احد افران الخبز، في مدينته علق صورة الدكتاتور في فرنه، وهو يقبل الحجر الاسود، ظنا منه انه يعمل خبازا!
ولم لا انه القائد الضرورة الذي يجيد كل شيء فهو في عز الحرب يكتب الروايات وفي السجن الشعر، والكتابات لا تتوقف عنه منها”حروف الجر في فكر القائد “.. الخ. يذكر مصوره الخاص انه كان اكثر الرؤساء ولعا بصوره الشخصية، وعندما غزا الكويت قام باهداء الصور والتماثيل التي تجسد شخصه الى الكويت وقايضها بالممتلكات والثروات الكويتية.في ذلك الزمن كانت هنالك وحدات عسكرية تشرف على حماية تماثيله وصوره، وعقوبات قاسية تنتظر من يعبث بها بل انها اصبحت نقطة دالة في بعض المناطق والمدن وعندما يطلب الراكب من سائق السيارة الوقوف قرب احد تماثيله، عليه ان يذكر اسم القائد ايضا بكامل القابه العسكرية التي حصل عليها زورا وبهتانا.
ولقد تعرض الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد الى جملة اعلامية ضارية، لانه مدح في شعره امير احدى دول الخليج، وكان هذا من المحرمات فلا يجوز له ان يشرك شخصا اخر الى جانب الدكتاتور في مديحه له، حتى لو كان رئيسا لدولة او اميرا حقق لشعبه الرفاهية والوفرة والحياة السعيدة، انه واحد لا شريك له!طالما انه فرد متعال، فانه بالضرورة يطلب من زواره كما اشيع عنه، ان لا ينظروا اليه الا عندما يتكلم مع احدهم، وهو الذي يقول انه يعرف خصمه من”عويناته “ اي البريء متهم حتى تثبت براءته.اما الصورة التي تجمعه مع ما يسمى مجلس قيادة الثورة وتعرض على التلفاز في عهده المباد، كانت تظهر هذا المجلس وانظاره شاخصة نحو الباب الذي يدخل منه الدكتاتور ورؤوسهم مائلة الى اليمين باقصى درجاتها وهي تتحرك مراقبة ظهوره حتى اللحظة التي يجلس فيها على الكرسي الغارق في الدم.وبعد ان اجهز على خصومه في العام 1979 فيما يسمى بالقضاء على المتآمرين في داخل الحزب، استبدل اللافتة التي كانت معلقة على جدران قاعة الاجتماع في القصر الجمهوري التي كتب عليها الاية الكريمة”وشاورهم بالامر“ باخرى اضاف اليها واذا عزمت فتوكل..الا ان الالاف من الصور والتماثيل التي صرفت عليها الاموال الطائلة من قبل الماكنة الاعلامية الضخمة للنظام وارهقت ميزانية العراق المالية، تلاشت واختزلت بالصورة التي اظهرته في الحفرة الشهيرة ملتحيا بائسا خائفا الى الحد الذي جعل حاشيته ينكرونها.وقد يكون سقوطه المدوي قد عبرت عنه لحظتان من الزمن السعيد لضحاياه وهما: لحظة سقوط تمثال الصنم في ساحة الفردوس والصورة التي ظهر فيها في الحفرة بحالة مزرية.لعل بقاء الدكتاتورية في سدة الحكم حتى بعد انهيار المؤسسات الخدمية والاقتصادية يعود الى عالم الصورة فحضوره الدائم عبر التلفاز وانقطاعه عن ممارسة اعماله خارج القصر تؤكد وجوده لاسيما اننا نعيش في مجتمعات تولي الصورة والظاهرة الصوتية اهتماما منقطع النظير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لما تعزم الكراش على سينما الصبح ??


.. موسيقى وأجواء بهجة في أول أيام العام الدراسى بجامعة القاهرة




.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد


.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم




.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?