الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بمناسبة تأسيس الجيش العراقي المنحل العراقيون بحاجة لجيش للعمل والبناء

وداد فاخر

2004 / 1 / 9
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


كان الجيش العراقي منذ تأسيسه على أيدي ضباط الدولة العثمانية ، الذين كانوا يحملون كل عنجهية الأتراك ونظرتهم الإستعلائية تجاه الشعوب التي كانت تقع تحت سيطرتهم، وإستعملت سياسة إستعمارية في ذلك الوقت لتذويب الشعوب وطمس لغاتها وعاداتها وتقاليدها القومية من خلال سياسة ( التتريك ) التي أدت لتخلف الشعوب المستعمرة ، ومحاولة تذويبها وصهرها في بوتقة الشعب التركي ، أداة قمعية بيد الدولة الحديثة ، لا أداة عمل وبناء ، وحمل ضباطه وضباط الصف روح التعالي على المواطنين العراقيين .
وإستغل الضباط القادمون من ذلك الجيش الشوفيني ، والذين كان يجري إختيارهم  وفق نسب طائفية وعشائرية ، المؤسسة العسكرية لأغراض شخصية وعشائرية بحتة . حيث كان أول ما عمله رفيق نوري السعيد ( مولود مخلص التكريتي ) أن اغرق الجيش العراقي بضباط من أهالي تكريت ، ناهيك عما فعله الضباط الآخرين من زج أبناء القرى القادمين منها ، فبدأ جيشا ً مناطقيا طائفيا قمعيا ، سخر لضرب أي تحرك أ و نهوض شعبي بدءا من عام 1933 حتى تأريخ سقوط نظام العفالقة في 9 نيسان 2003 ، ولوقتنا الراهن حيث يقوم ( نشامى ) الحرس الجمهوري والحرس الخاص وفدائيي صدام ، وضباط كبار ب ( جولات جهادية ) لتخريب الإقتصاد العراقي ، وضرب المنشآت الخدمية الحيوية ، وقتل المواطنين العراقيين الآمنين وترويعهم بحجة ( الجهاد ) وهم المعروف عنهم فسادهم ، وقلة حياءهم وإنتهاكهم لحرمة المواطنين العراقيين وجيرانهم إبتداءا ً من قادسية الشر حتى يومنا الحاضر .
وقد غزت الأفكار القومية الشوفينية عقلية الكثير من ضباط أبناء القرى المشبعين بالروح والأفكار العشائرية ، إبان المد النازي في ألمانيا الهتلرية في ثلاثينات القرن الماضي ، مدفوعة بعوامل قومية عديدة أهمها القضية الفلسطينية ، التي إستخدمت كشماعة لتآمر البعض ، وتسلق السلطة ، بدفع من مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني ، ومن قبله أحد الدخلاء على العراق والعراقيين والذي بنيت عقليته على المبادئ التركية الطورانية الحاقدة على العرب والعروبة أساسا أي ( ساطع الحصري ) . فكان أن بدا تدخل الجيش في السياسة العراقية وبصورة تخل بموازين القوى السياسية ، بواسطة فرض من يرتئوه أهلا لخدمة أغراضهم ، بعد تخطيطهم لقتل الفريق بكر صدقي قائد حركة عام 1936 ، المتهم بدعوته للقطرية وما نقل عنه بأنه رفع شعار ( العراق للعراقيين ) ، بواسطة من أطلق عليهم ( المربع الذهبي ) أو ( العقداء الأربعة ) وهم صلاح الدين الصباغ ورفاقه ، الذين أخذوا يسيرون الحكومات وفق مزاجهم ومصالحهم مستغلين في البداية ، ضعف شخصية الملك غازي بن فيصل وقلة درايته بالسياسة والحكم ، حتى حان الوقت للقيام بحركتهم التي سميت ب ( حركة مايس 1941 ) ، وبدعم وتأييد رشيد عالي الكيلاني والحاج أمين الحسيني وتنسيق سفير ألمانيا حينذاك الهر غروبا .
ومنذ تلك الحركة المشبعة بالفكر الشوفيني النازي ، أخذت أطماع الجيش في التزايد ، وسخر لضرب حركة التحرر الكردي في شمال العراق ، بوحشية لا مثيل لها ، تركت نتائج سلبية على العلاقة الأخوية بين الشعبين العربي والكردي ، وخلفت أثارا كبيرة من الدمار في المنطقة الكردية في شمال العراق .
وقد كان من نتيجة توجه القبول في الجيش بموجب النسب الطائفية والمناطقية أن زاد عدد المنتسبين أضعافا مضاعفة بسبب من سياسة تقريب الأهل والعشيرة لمراكز النفوذ والسلطة في الدولة الحديثة ، لذلك إرتفعت نسب مناطق ريفية معينة في غرب وشمال غرب العراق على نسب بقية المناطق مجتمعة ، ثم إنحصر النفوذ بعد إنقلاب 8 شباط 1963 الأسود ، ووصول البعث للسلطة ، في بلدات وعشائر معينة ، خاصة بعد أن سير المدنيين الجيش ووضعوه تحت إمرتهم وتصرفهم ، فأصبحت خطورته أكثر من الأول بعد أن سير المدني العسكري ، ووضعه تحت إمرته بسبب من جهل المدني  بالسلوك والتصرف العسكري .
لكن هذا الأمر إزداد سوءا برجوع البعث للسلطة مرة أخرى بعد إنقلاب 17 تموز 1968 ، بالتعاون مع عبد الرزاق النايف وإبراهيم الداوود ، وتطبيق البعث لسياسة التبعيث التي إقتصرت في البداية على تركيز السلطة بيد الحزبيين من أبناء العشيرة التكريتية ، ومن يواليهم من أبناء القرى الغربية والشمالية الغربية ، ثم بدأ التحول التدريجي لحصر النفوذ العسكري والسياسي في نطاق العائلة بعد قادسية الشر المشئومة ، وصولا إلى تركيز قيادة الجيش والدولة بيد الشخص الفرد الذي أصبح هو الكل في الكل بموجب المقولة الديماغوجية ( إذا قال صدام قال العراق ) ، بعد الخسارة المريعة للجيش العراقي في حرب تحرير الكويت ، التي قاد الجيش العراقي فيها جهلة وأميين أمثال المقبور حسين كامل ، وعلي كيمياوي ، وعزت الدوري، وقتلة ومجرمين مطلوبين للعدالة العراقية والدولية من الجنرالات المزيفين .
وقد أدت تلكم الهزيمة الشنعاء وما تبعها من قمع وتصفيات للقادة والضباط القلة المخلصين ، إلى تدهور قدرات الجيش القتالية ، وهبوط معنوياته ، وإنتشار حالات الهروب من بين صفوفه ، بعد أضيفت لقيادته شخصيات أمية متخلفة كالمقبور قصي صدام حسين ، وعبد حمود ، وعسكري غير كفؤ  ك ( سلطان هاشم أحمد ) الذي كانت الوسيلة الوحيدة لتسلقه قيادة الجيش هو توقيعه صك إستسلام ( خيمة صفوان ) ، بعد الهزيمة من الكويت .
ثم كانت الطامة الكبرى في معركة ( الحواسم ) الأخيرة التي شكل الجهلة والأميون واللصوص والقتلة فيها الجزء الأكبر من قادة الجيش العراقي بدءا ً من ( حارس البوابة الشرقية ) مرورا بقصي وعبد حمود ، وعزت الدوري وعلي كيمياوي ، وبقية الشلة من القتلة واللصوص والمطلوبين للعدالة . ولو سجل أولئك الذين قادوا الجيش العراقي في الحرب الأخيرة مآثرة واحدة ، ودافعوا عن شبر واحد من العراق بدل أن يختبئوا في جحور هيئوها لمثل ذلك اليوم لتغيرت نظرة العراقيين والعالم لهم ، لكنهم إنشغلوا في كيفية تدبير الإختباء وترتيب أسباب الهروب من العراق ، على الطريقة الأصلية التي نشئوا عليها كلصوص وقطاع طرق ، بعد أن نهبوا  مليارات الدولارات من بنوك الدولة العراقية .
من كل هذا نخلص إلى نتيجة منطقية ، تبعدنا كلية عن التفاخر بجيش لم يقدم للعراق والعراقيين سوى القتل والدمار وإنقاد بصورة عمياء بعد ذلك لقتلة ولصوص وقطاع طرق سخروه لمآربهم الشخصية في الإعتداء والعدوان على العراقيين وجيرانهم ، مشبعين بروح عشائرية عدوانية بعيدة كل البعد عن المثل والأخلاق العربية والإسلامية . والسؤال الذي يجب أن يجيب عليه أي معترض على نفور العراقيين من الجيش العراقي وترحيبهم بحله : هو ماذا قدم الجيش العراقي للعراق والعراقيين  ، ولم شارك في الكثير من أعمال القمع والتقتيل ، وبماذا يتحجج البعض ممن يرفعون الآن ( راية ) المقاومة من بقايا جيش العفالقة ، بالسقوط المخزي لنظامهم العفن ، أمام تقدم قوات الحلفاء بسهولة لم يشهد التأريخ مثيلا لها ؟ .
لذا فإن غالبية الشعب العراقي لم تر في الجيش العراقي السابق سوى أداة قمع وهدر لثروات العراق وموارده التي تمثلت في شراء الأسلحة وتكديسها، وهو من ضرب أهلنا الابرياء في المدينة الشهيدة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية ، وكذلك إخوتنا في الأهوار ، ومن وقف مع الطاغية الساقط في عام 1991 ، وضرب أهلنا ومقدساتنا بالصواريخ والدبابات  ، ولم يكن سوى مادة للإنفاق على ترفيه كبار القادة والضباط على حساب راحة وأموال العراقيين .
وكل أملنا أن يتم تأسيس جيش جديد مبني على روح المحبة والتضحية من أجل الوطن ، ويكون وسيلة للعراقيين في السراء والضراء ، أي أن يكون مدافعا عن حدوده ، ومشاركا في عملية إعادة إعماره .، لا أن يكون عالة علية وأداة لإستنزاف ثرواته وقمع أبنائه .

 

* كاتب وصحفي عراقي مقيم في النمسا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدم المنازل الفلسطينية وتوسيع المستوطنات.. استراتيجية إسرائي


.. مجدي شطة وا?غانيه ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. قتلى واقتحام للبرلمان.. ما أسباب الغضب والاحتجاجات في كينيا؟


.. الجنائية الدولية تدين إسلامياً متشدداً بارتكاب فظائع في تمبك




.. فرنسا.. أتال لبارديلا حول مزدوجي الجنسية: -أنت تقول نعم لتما