الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصيف والكهرباء .. نأسف لانقطاع التيار إلى الأبد

حيدر السلامي

2008 / 5 / 14
كتابات ساخرة


كلما يقترب الصيف ، وهو الفصل اللاهب عراقياً وعربياً ، وعلى جميع المستويات ومع مختلف الطقوس ، تبشر وزارة الكهرباء العراقية بتحسن مفترض في التوزيع المبرمج للطاقة الكهربائية. وتعد المواطنين بموسم معتدل سياسياً وخدمياً ، وتيار مستمر بلا انقطاع.
وتسبق ذلك تأكيدات بالتغلب على المشكلات الفنية التي كانت تحول دائماً دون تحقيق الأداء الأمثل في هذا القطاع الحيوي والهام. وتلحقه تصريحات عن صفقات واتفاقات أبرمت أو سيتم عقدها مع الدولة (س) والشركة (ص) لتزويد العراق بالطاقة المطلوبة أو لتجهيزه بمحطات توليد جيدة أو لإصلاح محطاته القديمة ، فيكثر اللغط وتتناقل العيون والشفاه والأيدي والألسن والآذان وكل الحواس العراقية الأنباء. وتبدأ التسريبات الموثوقة والهمسات المؤكدة عن تبرع المسؤول الفلاني أو الجهة الفلانية الوطنية أو الدينية أو الإنسانية بنصب مولدات النعمة المجهولة في المدينة الكذائية والمنطقة العلاّنية.
وفي وسط هذه الدوامة الخبرية والمزايدة السياسية والمناقصة الدعائية على حساب الشعب المسكين ، يصحو الأمل المنعش للروح ويتعملق الحلم البنفسجي وتقوم من بين ركام الأوراق والذاكرة المشاريع المؤجلة وتنتفض المواعيد المؤملة ويبدأ الكلام عن عيشة رغيدة وحياة سعيدة ينعم فيها العراقيون بالراحة بعد تعب السنين العجاف وتشرئب الطماح المكبوتة بأعناقها و...و... ولكن..!
مع هبوب أول لفحة هجير عراقية تنهار المنظومة الوطنية وتسقط الوعود وتفتضح الكلمات المعسولة التي شيدت ناطحات سحاب من الخيال أو الخبال.. لا فرق. ويتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود فتعود حليمة لعادتها القديمة ويذهب كل شيء أدراج الرياح.
فإذا بالقطع المبرمج تمتد وحداته الزمنية وترتفع مع ارتفاع درجات الحرارة ويبدأ الحديث القديم الجديد عن الأعطاب والأعطال والأتلاف والأخلال المستديمة والطارئة على الأسلاك والموصلات والقابلوات الناقلة جراء الأحمال الزائدة وإهمال الحكومة البائدة والتجاوزات الكثيرة على الشبكة المنيرة.
ناهيك عن القتل العشوائي والتخريب المنظم والهجمات الإرهابية التي تلحق الأضرار بالبنى التحتية وتتسبب بالانقطاع التام والإنطفاء العام. وهكذا وبهذا تعود لجميع التبريرات الحياة وتبدأ المماطلات والتسويفات بالسين وسوف وأخواتها وبنات عماتها وخالاتها وهلم جراً ونصباً ورفعاً إلى أن يأذن الله بحلول شتاء بارد قد يُنسي الحر ويقلل بعض الشيء من الشتيمة.
فينصدم المواطن (الغلبان) ويلعن الساعة (السوده) التي ولد فيها وتبوء أحلامه بالخيبة والخسران والندم على ما كان وما سيكون.. ويؤول الأمر به إما لاجئاً إلى الزوايا والتكايا يندب حظه العاثر ويردد (الله حي) أو كاتباً إلى مواقع النت لينشر غسيله ساخراً من القدر ومن نفسه ومن كل شيء وكل لاشيء.
وتسبت حينئذٍ كل آماله في الراحة والعمل السفر وبناء المستقبل وتكوين الذات والتدفئة والتبريد...إلخ...إلخ.. في وحل الانتظار المألوف لما سيأتي وما لا يأتي من جديد. يمني النفس صيفاً تلو صيف وشتاءً إثر شتاء بانتظار القادم اللايأتي ليحل له معضلة الكهرباء التي عصي حلها حتى على أمريكا ملكة العالم وسيدة العولمة..
نعم.. يعود العراقي السابت يحلم بتحسن قريب حتمي للكهرباء الوطنية وخلاص حقيقي أبدي من المولدات الكازية الانتهازية أو لعلها (نازية). ويظل يدور ويدور حول نفسه ثم لا ينتهي الأمر إلا بموته كمداً وحسرة أو بإعلان مثيرٍ من وزارة الأسلاك الباردة تقول فيه (نأسف لانقطاع التيار الكهربائي في هذا البلد إلى الأبد).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا


.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور




.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان


.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل




.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين