الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جرح يتوضأ بزمزم الطفولة : التياع( قراءة في قصيدة -الى امرأة تتوضأ بالطفولة والوجع -للشاعر جوتيار تمر )

سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)

2008 / 5 / 14
الادب والفن


عندما يكون الوطن مائدة من رصاص واحاجي
ليس للشاعر الا ان يتأبطه كحبيبة دون سن النضوج ،
او كأحد جراح طيشها المستحب .
من هذه الكوة التي نقشتها بدموع النخيل ، على جبين الوطن ، سأحاول رسم صورة لجرح الوطن الذي يسكن الشاعر جوتيار تمر ... بل لاقاسمه لوعته ووجعه ... كي لايتحول الوطن الى حقيبة سفر ..، بل من اجل ان يبقى حبيبة مدللة نحتمل مشاكساتها دون شكوى ! هل لنا خيار آخر جوتيار ؟

كان في دمي وطنا وذكريات رديئة

... عن الخراب

كان الموت فيه مملكتي

في هذه الصورة الدقيقة – رغم قتامتها – يلامس الشاعر جوتيار صرخة الجرح الغائر في جسد الوطن ولحم ذاكرته الحي .. ويوازي بين خياراته – الجرح – التي تتكسر على الجدار نفسه : جدار الحرب ... جدار الموت الذي يطغي على ما سواه ليصير خيارا اوحدا ..

كان الموت فيه مملكتي

وهنا يقوم الاشكال الممض : ان نألف الهم حد الخدر ( وهو اوجع كل الهموم ) ، بتوصيف الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد ، وان يصير الموت مملكة ( ديمقراطية ) يتساوى فيها المالك والمملوك خلف الواح المرمر البارد .

الموت حبل ينفذ بنا الى سرة الوطن ..، يشدنا اليه ابدا ...
ويغذيه بدمائنا !


اناديك في وحشة ظلي من قحطي

كي ارسمك قصيدة ... وتميمة في طرف ضلعي

كي اعانق صورتك في الغياب

ومن اجل ( تحويل الآم الدم الى حبر ) ، كما يقول اليوت ، يعمد الشاعر جوتيار الى احلال الوطن في كيان الحبيبة ، ليتماهيان ويتجسدان في بهجة الجسد : كي يعانق صورته في غياب لحظة العشق ، ويعانق صورتها – الحبيبة – في جرح الوطن : حين يرتل آيات الدم ..

كنت في اللغة ... كنت افسر البكاء

حين يرتل وطني آيات الدم

واذا ما اجبرتنا لحظة العشق على قسمة بهجة اللغة بين الوطن والحبيبة فانهما سقتسمان كلمات العشق – في لحظة الشعر – بالتساوي ، ليذرفها الشعر دموعا ..

حين يرتل ( الوطن ) آيات الدم !

لماذا يرتل الوطن جروحه بآيات الدم ...؟
هل خانته اللغة جوتيار ؟ كيف تخون اللغة صناع الحرف ياجوتيار ؟
ماذا تبقى من الكوفة والبصرة اذن جوتيار ؟ هاهي ارواح المتنبي والسياب وسركون بولص وجان دمو ومحمود البريكان ، ترفرف حولي تبكي دماء اللغة : من يغتال لغتنا جوتيار ؟

سأكتب لصورتك احجية تتمرد على مسارات القدر
( الشعر فن اللغة ) يقول فاليري ، وعليه فاني سأقرأ ..

سأكتب لصورتك ( قصيدة ) تتمرد على مسارات القدر

لان الرصاصة التي تغتال جسد الشاعر لاتنال من روحه : القصيدة !

... على عشب يموت

ونخلة تنحني لشمس تبكي الوطن

ونخيل بويب السياب لاتنحني الا لشمس تبكي جرح العراق ... وشباك وفيقة الذي غبشت صفاء زجاجاته عواصف الحروب ، واطفأت قناديله رصاصات الغدر !

هنا ، في المدى ، ليل ناضج ، يشبه الدمع ...

يعيد للشهقة لونها

لصورتك فاكهتها ... كي ترتوي من الندى شفتاك

النقد ما وراء اللغة او ( ميتا لغة ) ..
ومهمة الناقد ( ان يجعل العمل موجودا ) .
ولان مثل هذا الانهمار الشعري يسمرني مشدوها امام ( فاكهة ) اللغة ،
ويفجر للشهقة ، في صدري ، نوبة اخرى ،
فاني سأرشد خطواتي باحدى تراتيل الكهان القديمة ، والتي جاءت على لسان الشاعرة راضية الشهايبي : كلما حللت بتفاصيلي ، حلقت شهقاتي
قصائد ، كي اتلمس طريقي ، مع الشاعر ، الى وجه الوطن / المعشوق ..

... ( الذي ) يغسله الليل

وتحاول تغييب نداه : جراح الموت / طيش الرغبات / اصوات المدافع وازيز الرصاص ... كي نعيد القدر الى مساره ..

ووجهك ( الذي ) يتلبسني في القصيد

... (و ) في تعبي قميص للقلب .

وعندما يكون وجه المعشوق قميص للقلب فانه سيحل بتفاصيله ...
ليطلق شهقاته قصائد ، كما تقول راضية .
( الاقاويل مصنوعة على عيني سامعها ولاجله ) ، وتلك المواجع كانت زمزما للتطهير ، يقترحه جوتيار على من احالوا الوطن : ( ذكريات رديئة
... عن الخراب ) .
فهل بينهم من يجيد سماع مواجع النخيل وشهقات الشعراء ؟
حسنا جوتيار ، سنهتدي بصرخات جان دمو وسركون والسياب والبريكان والبياتي وبلند ، لنرسم للوطن ..

( خطوة ) تتمرد على مسارات القدر ... والمستحيل ايضا !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان فضيل يتحدث عن جديد أعماله في صباح العر


.. الجزائر تقرر توسيع تدريس اللغة الإنجليزية إلى الصف الخامس ال




.. حياة كريمة.. مهمة تغيير ثقافة العمل الأهلى في مصر


.. شابة يمنية تتحدى الحرب واللجوء بالموسيقى




.. انتظروا مسابقة #فنى_مبتكر أكبر مسابقة في مصر لطلاب المدارس ا