الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


((( نحن و - أصعب قرار...في الإختيار- )))

أغادير أمين

2008 / 5 / 15
العلاقات الجنسية والاسرية


كنت حينها طفلة صغيرة
عندما سمعت جارتنا تتكلم في حديث وجلسة (عصرونية )
حيث تجتمع نساء المنطقة للدردشة,وماقالته بقي محفوراً في ذاكرتي لحد الآن:
(( احسن شي الوحده تتزوج برضى اهلها وباختيار اهلها لزوجها وحتى لوكانت هي ماتجرعه وماتريده لأن اذا فشل الزواج رح تگول لهم "شفتو هذا اختياركم مو اختياري , لو خاليني اني اختار كان انسعدت مع حبيبي لكن انتو دمرتو حياتي باختياركم لزوجي دون ان اريده"
وعلى هالشي مارح يگدرون يأذوها ولا يسمموها بالكلام ولا يعيّروها وانما رح يسكتون ويبقون شايلين الذنب بداخلهم لأنهم همّه السبب في فشل حياة بنتهم الزوجية,لو كانو خاليها هي تختار حبيبها وتتزوجه ,الله العالم اذا تطلقت منه, ورب العالمين ياكلون راسها ويدمروها ويخبلوها ويحطمون حياتها لأن هذا كان اختيارها )).
وسمعت جارتنا الأخرى تجيبها فتقول ((( لاعيني لا , اتزوج بگلبي احسن ,اخذ اللي احبه اهم شي ,مو اللي بعقلي ولا اللي اهلي يريدوه, لأنه اذا افشل اگول المهم اني اخذت اللي احبه وفشلت ,مو اخذت اللي اهلي رادوه وبعقلي و نفس الشي فشلت))).
طبعا أنا حينها ماكنت اعي هذا الكلام ولا تبعاته ولا اسبابه ولا نتائجه .
اما اليوم وبعد هذا النضج والعقل وبعد رؤيتي لكثير من شرائح مجتمعي ومشاكل صديقاتي وسعادة الاخريات النادرة.
تغيرت نظرتي لكلام جارتيّ وتغير مفهومي لحوارهما ذاك.
واصبحت اهمس لنفسي ( هاي شچانو يحچون وشنو هالمنطق هذا ؟؟؟ )

فراودتني اسئلة تخص هذا المجال:

هل يستحق ( الحبيب- الحبيبة )التضحية وان نبيع الدنيا والأهل لأجل اقامة حياة عائلية زوجية مستقرة دون موافقة الأهل والمجتمع؟؟؟

هل يحق للأهل ان يجبروا ابناءهم وبناتهم على شريك الحياة؟؟؟

عندما تأخذ الانسان ,مشاعر العواطف الجياشة,سواء كان (رجلا ام امراة),
يُخيل اليه انه سيبيع الدنيا ومافيها لأجل شريك العمر,خاصة اذا كان هناك معارض لهذا الزواج(الاهل المجتمع الأصحاب الخ)
,نجده يغمض عينيه ويصمّ اذنيه عن صوت العقل,وعند الأرتباط تقع المأساة فرغم كل مشاعرالحب والوله والعشق تفشل العلاقة الزوجية سواء ادت الى الطلاق ام لم تؤدِ ,نتيجة تصرف فردي ذاتي او عاطفي.
الشيء المؤلم اننا نجدهم يلقون حجة الفشل على ( شماعة سوء وخطأ الأختيار ).
حياتنا غريبة عجيبة ومليئة بالكثير:

* شاب حنون شريف محترم طيب يحب حبيبته بقوة لكن لظروف اجتماعية نجد ان اهله يرفضون الأقتران بها لا لعيب شخصي فيها وانما للفارق الأجتماعي والمستوى الفكري الذي يفصل بينهما.هو من مركز عالٍ جدا وهي من بيئة بسيطة جدا . كذلك ينطبق المثال على الأنثى لو قلبنا الأدوار.

*او رجل يحمل كل صفات الرجولة معنى ومادة يحب امراة ( ارملة او مطلقة ) ولديها اطفال , لكن اهله يرفضون الزواج لأنه هو اصلا لم يسبق له الزواج ولا الطلاق ولا الترمل ولا الخطبة حتى.
وايضا لو قلبنا الحاله وكان هو المطلق او الأرمل ولديه اطفال ويتقدم للزواج من امراة يحبها وتحبه نجد في احيان كثيرة اهلها يرفضون طبعا للسبب نفسه لأنها بعدها بكر وبنت بنوت ويقولون لها( يا حب يا بطيخ انتي من كل عقلچ تتزوجين هيچ واحد ).
*فتاة مقبولة الشكل والمستوى هي والشاب متكافئان من كل النواحي وما من منغص ينغص الزواج ولا معارض , لكن بعد الأرتباط نرى ان العلاقة الزوجية فشلت لأي سبب كان في اكثر الأحيان كغيرها من العلاقات , او يعيشون بكل مودة وتمشي الحياة دون منغصات.
*انثى اخرى عقلانية تزوجت من رجل رفيع المستوى فكرت بعقلها ووازنت تصرفاتها وحكمت تفكيرها وارتبطت برجل يستحق ان تعيش معه طول حياتها , ربما تفشل العلاقة التي من هذا النوع احيانا لأنها تخلو من العاطفة والمشاعر, وربما تنجح اذا كان الطرفان متفقين على هذا النوع العقلاني الذي يحسب لكل شي حسابه حتى العاطفة.
للأسف هذه حقيقة مجتمعنا الشرقي, حالات الأنفصال والطلاق اكثر بكثير من رؤيتنا وسماعنا لزيجات سعيدة هانئة فرحة طوال مسيرة الحياة الزوجية.
والأهل والابناء يخطئون ويصيبون لكن بنسب متفاوتة, نادرا جدا مايخطيء الأهل وكثيرا مايخطيء الأبناء, ليس فقط في امور الزواج وانما في كافة مجالات الحياة .
لن اخوض في اسباب ولا حتى في تفاصيل الفشل والنجاح ,الامثلة التي ذكرتها اعلاه فيها من عاش بنجاح التجربة بهناء وسعادة حقيقية ولو ان هذه تكون حالات نادرة الحدوث, ويسعد الأهل لسعادة ابنائهم.
كلامي هنا عن ( الإختيار ) ودور العقل والقلب في هذا المسار.
قرار الزواج صعب جدا والتكافؤ الفكري والثقافي والأجتماعي والمادي والعمري فيه مهم جدا ورضى الجميع في هذه المسألة مهم جدا جدا
لأن الزواج ( ارتباط عائلة بعائلة وليس فقط بنتا بشاب).
طبعا
يحق للانسان ان يختار شريك الحياة ولا يحق لأي كائن من كان ان يرغمه ويخضعه للآخر بعنف الأجبار , الفتاة يحق لها ان تختار شريك حياتها هي من ستعيش معه وتاكل وتنام, وكذلك يحق للشاب .

لكن
كثيرا مايكون (نبض القلب )مخطئا فالعاطفة والاحاسيس عرضة للتغيير, والمشاعر والحب والرغبة تذهب وترحل واحيانا للاسف تنمحي امام الحياة الزوجية ومصاعبها ومسؤولياتها والأطفال واختلاف الميول والطبائع عندما يعيش البعض مع الاخر تحت سقف واحد, لأن احلام الحب والرغبة شيء, و حقيقة الزواج ومسؤولياته شيء ثانٍ تماما.نادرا مايحافظ الحب على جذوته متقدا مشتعلا لسنين طوال في خضم اعباء مسؤولية البيت والاسرة والعمل.

ومما يؤسف له ايضا ان (صوت العقل )احيانا لايكفي لحسن الاختيار, فالإنسان كتلة من المشاعر والأحساس والعواطف
اذا اقترن كل شي ( بحسبة رياضيات وبمعادلة كيمائية ) ستتجرد الحياة العائلية من روح المرح والفرح وحلاوة نار اللقاء, لأن الحياة روح بقلب وجسد لا جماد ولا جفاف.
يحصل ايضا ان يكون الاهل احيانا متعصبين جدا وغير متفهمين لرغبة الأبناء,من باب العناد أو التسلط وليس خبرة وتجربة , نجدهم يؤذون اولادهم وبناتهم في اجبارهم على الشريك او رفضه فتكون النتيجة ايضا فاشلة, فكم من عائلات عريقة وذات سمعة طيبة يكون ابنها غير كفؤ كزوج لبنت الناس, والعكس صحيح.

هناك ايضا شباب وشابات في بيئات ومجتمعات شرقية يرضخون لرغبة الأهل في اختيار شريك الحياة, وبكل اذعان يقبلون.
ومايحدث ايضا ان يقع ماهو مؤلم وهو ان الشريك لم يكن على ( المرام ) فتظهر خلافات وعيوب كثيرة كالخيانة وسوء المعاملة وعدم التفهم ,واحيانا اخرى تسير الحياة الزوجية بكل رضى وقناعة وتمر مرور الكرام ويعيشون مع بعضهما بقية حياتهما.
ما اود قوله :
من محاسن تطور الحياة عن السابق وتغيّر وتفتح العقول والتفكير ان اصبح الأنسان يستطيع ان يعبر عن رغبته بمن يرتبط بكل صراحة .
والناس مختلفون في كل شيء, هناك من يعشق العاطفة وهناك من يُسيّد المال ومنهم من يفضل السمعة والأخلاق في الأرتباط .وهناك من يحترم صوت العقل.

مامن قاعدة في الحياة ( لأن كل شيء في الدنيا نسبي وليس مطلقا)
وإن نجحت علاقة ما او فشلت لايعني ان ذلك بسبب سوء او حسن الأختيار وانما يعود ذلك لأختلاف الطبائع والميول والاخلاق من انسان لانسان.

لذلك لاتنطبق تجربة على اخرى , فلكل عصر وانسان تجاربهما الخاصة .
و ( اللي جوه الملعب مو مثل اللي بره الملعب )

المشكلة في الجيل الجديد الحديث انه يرى نفسه دوما على حق وكل من يقف في طريقه يكون مخطئا. حميّة الشباب وعنفوانه تصوران رغبة الأهل هي المخطئة بحقهم في الوقت الراهن لكن في حقيقة الامر ان الأهل يحاولون حماية فلذات اكبادهم من اي خسائر نفسية ومادية فينصحونهم ويرشدونهم نحو الصواب
و" كثيرا ما يكون كلام وراي الأهل صائبا " .
الاحتواء اهم شي , ان يحتوي الاهل ابناءهم في اختيار شريك الحياة ويتفهموا رغبتهم ويجنبوهم قدر المستطاع فشل التجربة, من يدري ربما تُكتب لهم السعادة.
وفي المقابل على الأبناء احترام الأهل
لأن للأهل نظرة خاصة فبتجارب حياتهم وبكبر عقولهم وسنين عمرهم يمتلكون خبرة كبيرة في الحياة يستطيعون ان يجنبوا ابناءهم وبناتهم فشل التجربة التي سيعيشها الابن والبنت , ليس فقط في الإرتباط وانما في كل امور الحياة.
لكم من قلبي وعقلي رقة همسات حروفي الناعمة المتواضعة :
ماأجمل وماأحلى ان نحكم العقل والقلب ويكون ارتباطنا بمن نحب ونرغب برضى الأهل والكل, دون منغصات ,ومتكافئا من كل النواحي ومبنياً على التفاهم والمحبة والصدق,
فإن كتب الله السعادة , عشنا سعداء , وإن لم يكتب لاسمح الله , المهم انه تم برضا الكل وجميع الاطراف.
لأن الزواج ( قسمة ونصيب) وكل شي بمشيئة الله سبحانه وتعالى , لا نملك غير أن نسأله الحكمة وحسن البصيرة.
امنياتي للجميع بحياة سعيدة وهانئة تكون نعمة من الله نحمده ونشكره عليها طول العمر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تؤثر وسائل التواصل على نظرة الشباب لتكاليف الزواج؟


.. الصحفية غدير الشرعبي




.. لوحة كوزيت


.. شاعرة كردية الحرية تولد الإبداع




.. اطفال غزة يحلمون بالعودة إلى ديارهم