الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عار الصحافة العربية

جهاد الرنتيسي

2008 / 5 / 15
الصحافة والاعلام


تحول فن التذاكي ، و الفهلوة ، هربا من اتخاذ المواقف الى اسلوب حياة لدى السواد الاعظم من الصحافة العربية .

فقد جرت العادة على اتاحة اللحظة الرمادية الممتدة منذ عقود هوامش للمراوغة واخفاء بشاعة هذه الحقيقة .

الا ان هذه الامكانية تنحسر لدى الاقتراب من العواصف والمنعطفات الحادة ، كما هو الحال مع غزو مليشيات حزب الله اللبناني لبيروت ، تنفيذا للاجندة الايرانية التي لا تخفى على صناع الراي العام العربي ، وان حاولوا تجاهلها خشية مواجهة وعي هجين مدجج بالشعارات ، او بفعل اغواء جمهور يبحث عن الوهم ، وتتملكه شهوة التعويض النفسي .

وسواء كان الاغواء او الخوف من الشارع وراء دفن غالبية الصحافة العربية راسها في الرمال يلتقي اداؤها عند نقاط محددة .

احدى هذه النقاط تحميل بعض الكتاب الغالبية اللبنانية مسؤولية التصعيد الميداني في بيروت وكأنها الجهة التي عبثت بامن اللبنانيين واستباحت دماءهم رغم ثبوت عدم امتلاكها للسلاح.

ورغم استناد هذا الطرح الى قراري الحكومة اللبنانية المتعلقين بامن المطار وشبكة الاتصالات يسقط عند قراءته بالحدود الدنيا من المنطق .

فالقرارين يندرجان في سياق السيادة التي يفترض على اية حكومة في العالم الحفاظ عليها .

ولا يوجد وطني في الكون يقبل بان تكون قرارات حكومة بلاده مرتهنة في ايدي جماعة سياسية مهما كان صخب الشعارات التي ترفعها .

فلم يحدث في اي وقت مضى ان اديرت دولة في الكون براسين وحكومتين وجيشين ورؤيتين سياسيتين الا وكان الصدام الداخلي نهاية العلاقة بين هذين الراسين .

قد تظهر في هذا البلد او ذاك جماعات متعاطفة مع هذا الطرف الاقليمي او ذاك ، ولكن هذا التعاطف لا يعني ان تتحول هذه الاطراف والمحاور الاقليمية الى شركاء في السيادة والقرار السياسي ، وان افترضنا جدلا وجود نوايا حسنة من قبيل مواجهة اسرائيل لدى هذه الجماعات .

ولكن الهوس السياسي لدى بعض اصحاب الاقلام النزقة اسقط هذه الاعتبارات لتتحول الاكثرية اللبنانية التي اختارت النضال السلمي الى طرف معتدي ويظهر الطرف المدجج بالسلاح طرفا معتدى عليه وهو يستبيح الحد الادني من السلم الاهلي اللبناني .

بعض الكتاب ياخذ على الاكثرية اللبنانية علاقتها الجيدة مع الغرب وكأن العزلة السياسية بنماذجها السوري والايراني والحمساوي الخيار الاجدى لادارة الدول وخدمة الشعوب .

وهذا الطرح كسابقه يدلل على اضطراب تفكير اصحابه حين يؤخذ في الاعتبار انعدام الاستقرار السياسي والمعيشي ـ بنسب متفاوتة ـ في قطاع غزة وسوريا وايران .

اخرون ذهبوا بعيدا في التشفي بما حل بقوى 14 اذار لدى قيام حزب الله بانقلابه على حالة الهدوء المشوب بالحذر .

فمثل هذا التطور يعني بوجهة نظرهم خذلانا اميركيا لتيار الاعتدال العربي الذي يواجه تحديات المحافظة على الدولة العربية التي صار بقاءها مطلبا وسط مؤشرات التشظي .

ووصل الوهم بالعائمين على ماء حسن نصر الله حد الدعوة الى حل توافقي بين الاكثرية والمعارضة مع الدفاع عن سلاح حزب الله بكل ما ينطوي عليه هذا السلاح من دلالات تدخل اقليمي .

وفي غمرة الدفاع عن باطل حزب الله وحلفائه تجاهل بعض الكتاب حرية التعبير التي انتهكتها مليشيات الحزب وهي تقصف وسائل اعلام في مدينة عرفت على مدى التاريخ بانها الملاذ الآمن للتفكير الهادئ .

وتخلو قواميس المتحمسين لانقلاب حزب الله من القتلى والجرحى والترويع الذي لحق باللبنانيين .

مثل هذه النزعة تجسد حالة تمثل السياستين السورية والايرانية في العراق ولبنان وفلسطين ، تلك الفلسفة التي تقوم على اغراق العالم بالدم ان امكن ، لا لشئ ، سوى بقاء النظام .

الخطوات التي قطعها السواد الاعظم من الصحافة العربية مكشوفة الى حد الشفقة ، وسرعان ما تظهر بؤس رؤية وتحليل اصحابها ، وعلى القارئ ان يحتفظ ببعض الذاكرة لمحاسبتها حين يكتشف مدى التضليل الذي مورس عليه ، وقوى التنوير العربية مطالبة باخذ دورها حتى لا تبقى ادوات توجيه الراي العام رهينة لمروجي البضائع الرخيصة , ومحترفي تضليل الغوغاء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة