الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا الأسد... ممانعة أم مصافحة!!!

بشار السبيعي

2008 / 5 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


السؤال اليوم في واشنطن عن مدى قدرة البيت الأبيض والكونغرس الأمريكي على تغيير سياسة الرئيس السوري بشار الأسد من المواجهة المباشرة مع واشنطن وإسرائيل إلى المصالحة المنشودة والمساعدة المرغوبة للبيت الأبيض.

لإيجاد الأجوبة لهذه الأسئلة المحيرة، لابد لنا من سرد موجزلمافعله ويفعله النظام السوري منذ حرب العراق إلى يومنا هذا. فبعد أن إستطاعت الدول العربية الموالية للغرب في المنطقة أن تجزم ما كان سيحصل لنظام الإستبداد العراقي الذي أودى بالرئيس صدام حسين إلى حبل المشنقة، ,وإتخذت المواقف العقلانية والمناسبة لسلامة شعبها وكيانها الإقليمي، رأت سورية تحت قيادة الشبل الأسدي أن مصالح الشعب السوري القومية والعربية تكمن في المواجهة والممانعة وإفشال المشروع الأمريكي في المنطقة، متجاهلة مصلحة شعبها ومستقبلهم وسلامة أمنها ودولتها من المخاطر المحدقة في المنطقة.

فبعد أن إجتاحت القوات الأمريكية العراق وأطاحت بنظام صدام حسين عام 2003، رأينا كيف لعبت سورية الدور الأكبر في تسهيل مرور الجماعات الجهادية المسلحة عبر أراضيها وكفت أبصار أجهزة أمنها، المعروفة بمهاراتها العالية للفتك بأبناء شعبها، عن تلك التحركات المشبوهه ليصبح مطار دمشق الدولي ومعابر الحدود الأرضية للدولة السورية الجهات المنشودة من قبل الإنتحاريين وطالبين الشهادة في قتال الكفرة والمعتدين على العراق. ولم تتحرك القيادة السورية للعمل على ضبط الحدود والحركة لهؤلاء الفرق حتى إرتفعت حدة وتيرة الضغوط الأمريكية والدولية لتهدد وجودية النظام نفسه وأصبحت حتمية سقوط الأنظمة الديكتاتورية ونظرية الدومينو القادم على كل من جابه سياسية الإدارة الأمريكية في المنطقة تتداول في صفحات الإعلام وقنوات الإخبار العالمية.

إهتز العالم العربي بعد أن دخلت القوات الأمريكية مباشرة في العراق وأصبح الخطر الوجودي للأنظمة الديكتاتورية مجسماً أكثر من أي وقت مضى، فبعد أن رأت هذه الأنظمة أن الولايات المتحدة تحت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش قد تخلت عن سياسة الإحتواء للأخطار المهددة لمصالحها في المنطقة وإنتهجت سياسة الهجوم الوقائي على أي من تلك الأخطار، رأينا أول ثمار تلك السياسة الجديدة تظهر بعد أن تخلت ليبيا القذافي عن برنامجها النووي وأطلقت رياح المساومة بإعترافها رسمياً بالتبني لعمليات الإرهاب السابقة وتعويض عائلات الضحايا مادياً لينقذ القذافي نفسه من عواقب كانت تنتظره و نظامه الإرهابي إن لم يستجيب لرغبة المجتمع الدولي بإيقاف الدعم للإرهاب و التخلي عن طموحاته في إقتناء السلاح النووي ، ليلحق بعدها بركاب بقية الأنظمة العربية الموالية للغرب.

الشبل الأسدي لم يتعظ من القذافي، وظن أنه في كرسي القيادة و ربان السفينة السورية من دون إعتبار للمخاطر الداخلية والخارجية التي تعسف في سوريا اليوم وتضعها في خانة العداء والنميمة لجيرانها العرب إقليمياً و دول الغرب عالمياً.

ففي لبنان وبعد أن إضطرت سوريا لسحب جيشها كاملاً من الأراضي اللبنانية، بعد مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وتوجيه إصبع الإتهام في الإغتيال نحو النظام السوري، لم يقبل بشار الأسد هزيمته بعد ثورة الأرز السلمية عام 2005 الذي عبر فيها الشعب اللبناني على قدرته للتخلص من الوجود السوري لأكثر من 29 عاماً في وطنه، فأوعز لحلفاؤه وأعوانه في حزب الله على الإستقالة من الحكومة الوطنية اللبنانية والإضراب العام لتعطيل إنتخاب الرئيس الجديد للدولة مرة بعد أخرى حتى يحقق حلمه في عودة الهيمنة السورية على لبنان ويُقوِضَ إستقلاله وأمنه، أملاً أن يؤدي ذلك العمل لإيقاف المحكمة الدولية الناظرة في إغتيال الرئيس الحريري، وراح يزرع الفتنة والخراب في لبنان بين أبناء الوطن الواحد ويشيد بمواقف المعارضة اللبنانية التي شلِّت الحياة العامة للمواطن اللبناني وجمدت مؤسسات الدولة بجميع أشكالها ووضعت لبنان مرة أخرى على حافة الهاوية.

لم يكتف الرئيس الأسد بتجميد الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية في لبنان، فقد ركب موجة الخراب والدمار على ظهر حليفه في لبنان خلال العدوان الإسرائيلي في 2006 على أرضه، وراح يزاود في شعارات المقاومة والصمود والتصدي، بينما كان أحد رجاله في واشنطن يفاوض سرياً مع إسرائيل لإعادة الجولان المحتل، وينحر حليفه في حزب الله ليقدمه عرباناً لإسرائيل في معبد المساومة والخداع مقابل هضبات الجولان الخصيب. وبكل إزدراء وإستخفاف في قدرة الشعب السوري على تفهم المخاطر والأحداث، وقف الرئيس الوراث يخطب في برلمانه المؤلف من عصبة من أصحاب المصالح والمحسوبية الذي أصبح الفساد محرابهم والتملق للقائد شهاداتهم للكفاءة على مناصبهم، ليندد بمواقف إخوانه الرؤساء والملوك العرب خلال الحرب ويوصفهم ب"أنصاف الرجال"!

بعد أن ساعد شبل العروبة والصمود على تخريب الجوار في العراق ولبنان، وبعد أن شعر بالعزلة السياسية والإقتصادية التي فرضتها عليه الولايات المتحدة وحلفائها، ذهب ليرتمي في أحضان دولة التعصب والإرهاب الإيرانية ويفتح أبواب الغزو الإقتصادي والديني والعسكري والأيديولوجي لأحمدي نجاد ليبسط نفوذه عبر الأراضي السورية ويجعلها المعبر الرئيسي لإمداد حليفه اللبناني حزب الله بالسلاح والعتاد. مع العلم أن هذا التحالف الإستراتيجي بين سوريا وإيران يرجع في مقوماته الفكرية والعقائدية إلى زمن الرئيس الأب حافظ الأسد، ولكن مافعله بشار الأسد في تعزيز وتقوية العلاقة بين البلدين في السنوات الأخيرة زاد من عزلته الإقليمية و أيقظ مخاوف أخوانه العرب في السعودية ومصر والأردن، وأشعل نارالفتنة في العراق ولبنان.

نعود إلى ماطرحناه مسبقاً عن الحديث الجاري اليوم في واشنطن عن إمكانية البيت الأبيض والكونغرس الأمريكي على فتح القنوات الرسمية للحديث مع دمشق وفوائده.
مع أن البيت الأبيض و إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش كانت قد أيقنت مبكراً أن النظام في دمشق ليس له القدرة أو المقدرة على تغيير مبادئه ومواقفه لإن ذلك يعني تقويض سلطته و يشكل خطراً على كيانه ووجوده اللاشرعي، فلم يكن أمامها إلا التعبير عن إستيائها لسياسة النظام بسحب السفير الأمريكي من دمشق في عام 2005 بعد مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. ولكننا مانزال نسمع بعض الأصوات في الكونغرس الأمريكي ومراكز الدراسات والأبحاث المختصة في الشرق الأوسط في واشنطن يدعون إلى فتح تلك القنوات الرسمية للحديث مع دمشق لإنجاح أو تسهيل المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الجديد. ومن المستغرب اليوم أن نسمع أكثر الأصوات الداعمة لفتح قنوات الحديث تأتي من اللوبي الإسرائيلي الممثل بمنظمة (Aipac ) .

هل أصبحت إسرائيل ومناصريها في واشنطن حليف بشار الأسد الوحيد؟ مالذي جعل العدو الأول لسوريا يغير موقفه الثابت منذ أكثر من خمس عقود من الزمن؟
كيف أصبح بشار الأسد محبوب اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، مع العلم أنه مازال يرفع راية الصمود والتصدي، ويحمل شعار المقاومة والممانعة؟


وللحديث تتمة.....










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وللحديث بقيه
صقر عوض ( 2011 / 1 / 6 - 23:43 )
ما رأيك يا استاذ بشار السبيعي بتعيين سفير للولايات المتحده الامريكيه وبقرار رئاسي بعد مرور سنيين طويله على سحب سفيرهم من دمشق العروبه هل غيرت سوريا العرب مواقفها بعد عداء امريكا والغرب لها أم بقيت على نفس المواقف والتوجهات حبذا لو كان موقفك ومقالك غير متحيز ونحن دائما يحدونا الامل بمواقف من المثقفين العلمانيين ان يكونوا الوجه الصادق الامين لمسيرة هذه الامه لقيادتها من الظلمات الى النور بالعلم والمعرفه والتحليل الصادق دون تبرج لأي كائن تحت أي ظرف ، سوريا في الممانعه وعلى رأسها وما موقفها من العراق إلا مع مقاومة ألإحتلال وإخراجه من أرض العراق وأجزم بأنها ضد قتل وتفجير المدنيين أو إذائهم وفي لبنان مع مقاومة الاحتلال ألإسرائيلي ومجازره على أرض لبنان وفلسطين وللأسف لم أقرأ لك موقفا يعارض هذا الاحتلال في العراق أو لبنان أو فلسطين على ألأقل ضمن مقالك أعلاه أم أنك لاتعلم بوجوده رازحا وقاتلا لمئات آلاف العراقيين واللبنانيين والفلسطيين نأمل نحن العامه أن نرى مقالا مروس بإسم الكاتب الكبير بشار السبيعي يطرح به تصوره لأحتلال أرض عربيه وسبل مقاومته والطريق ألأمثل لإخراجه من أرضنا لنصبح أحرار

اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا