الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجتمع القرود

صبيحة شبر

2008 / 5 / 16
الادب والفن



ضرب على الطاولة المستديرة أمامه بغضب ، رافعا صوته :
- الا تسمعين الكلام ؟ كم مرة ألقنك الدرس؟
القيود في معصمي ، والقدمان ملتهبتان من أثر الوقوف ، اعتدت على احترام النساء في مجتمعي ، وتقديم الكراسي للاستراحة ، حين يكون الجميع وقوفا.
جميع الحضور جالسون في مقاعد وثيرة ، يستمعون الى رئيسهم ، بانتباه ، وانا قد أدمتني قدماي ، انظر الى محفلهم بتوسل ، عل احدهم يفهم ما ارمي اليه ، ويتخلى عن جلوسه اكراما لي.
وجوه خالية من التعبير ، تحسن الاصغاء ، والاقتداء بما يقوم به الناس المتعلمون من حركات ، حركات مدروسة بعناية فائقة ،
- لن ارفع صوتي ، ولن اتلف اعصابي .
أظل مصغية الى حديثه الحيادي ، متمنية ان كلماته تنجح أخيرا في الافصاح عما يريد توصيله لي من أوامر
ينهمك جميع الحضور في حركاتهم ، السلال في ايديهم يصنعون منها اشياء جميلة ، سوف يعرضونها للبيع
- هذه المخلوقة لن تفهم
تعييني الكلمات ، وتنهك طاقتي على الاحتمال ، تهمتي كبيرة كما يبدو لي ، ولكني لم اتوصل بعد الى ادراك كنهها
- جماعتك ولوا الى غير رجعة.
اود ان احرك يدي ، وان اكون قادرة على المسير ، ألاحظ ان اطرافي جميعها مربوطة.
تحوك اياديهم السلال بمهارة فائقة ، وانا حيرى ، أحاول ان امرن نفسي على اكتساب الهدوء ، الذي وجدت انهم يتصفون به ، كلماتهم هادئة ، لاصراخ فيها ، ملابسهم أنيقة ، وحركاتهم واضحة ، وانا الغريبة بينهم ، لاافقه مما يراد مني ، ينطلف صوت الرئيس امرا :
- لقد نفذ صبري معك ، انتم معشر أغبياء ، لاتملكون القدرة على استعمال عقولكم.
اياديهم تتحرك باستمرار ، تنتج اشياء جميلة تفيدهم ، للحصول على الربح والاموال ، فهم يحبون ان يقوموا بشراء ما يحتاجون
- معشركم قوم اشقياء.
تتراكم امامهم كتب كثيرة ،قد تكدست عليها امواج من الغبار ، على مر سنين طويلة ، وانا قد أعياني الوقوف الطويل ، والنظر الى وجوههم علني اظفر بالجواب
ينظر الي الحاضرون باستغراب ، يتبادلون الكلام بينهم بلغة لاأفهمها، تطلق منهم همهمات واشارات اتمكن بعد جهد من فك رموزها :
- اضحكوا عليها ، كما ضحك عليكم قومها ، عاملوها بالمثل
يطيلون الي النظرات المتهكمة ، وانا بينهم صماء عمياء ، لاتفقه من لغتهم شيئا ، وقد أتعبها ان تجد نفسها بعد مسيرة العمر هذه ، موضعا للهزء والسخرية ،من هؤلاء القوم الغرباء ، صحيح من الكثير من افراد قومي قد سخر من الاخرين ، وضحك عليهم ، وسلبهم بعض ما يملكون ، ولكني لم افعل شيئا يسيء الى احد من الناس ، او يسبب لها الأذى ، او نوعا من الخسارة المادية او المعنوية ، وحاولت ان اكون باشة باسمة مع الجميع ، حتى اؤلئك الذين يحبون دائما ان يضروا بالاخرين ، ليثيروا الضحك والاستهزاء.
يبدو ان الرئيس قد فهم ما يجول في عقلي"
- انك لم تسيئي الينا ، ولكن قومك فعلوا
كم ناديت ان يلقى كل امريء ما جنت يداه ، دون ان يحاسب على جريرته ابنه او صديقة او الابعدون من أقربائه ، ولكن محاولاتي تلك ، لم يكتب لها النجاح ، بقي في الناس قوم يضحكون على الذقون ، وينقذون انفسهم من العقاب ، ويكونون من الذكاء وشدة الدهاء ان يكسبوا الاعجاب من الاصدقاء والمعارف بدلا من العقاب ، والتصفيق والتهليل ، وهم يستحقون التوبيخ والتقريع ، لم يكن بيدي تحسين اخلاق الناس وتصرفاتهم
وانا منهمكة في التفكير المتواصل الطويل ، يأتيني صوت الرئيس قائلا:-
- لن نعاقبك كما عاقبنا جماعتك ، نحن نتوخى العدالة ، ولكننا سنجعلك اضحوكة بعض الوقت.
يصفق بيديه امرا :
- هاتوا القفص
لايجدون صعوبة في ادخالي داخله ، فانا مربوطة اليدين والقدمين

يشير رئيسهم الى الكتب المتراكمة جبالا ويقول :
- معشركم البلداء قد بذروا تعب البشرية في امور لاتنفع ، ولا تسمن من جوع
يقلب الرئيس الكتاب الاول ، تتناثر صفحاته ، ينفخ فيها ، تتساقط الاوراق على البساط المزركش ، المنسوج بعناية
- جمعنا كل سمومكم ، وسوف نتخلص منها
كتب هائلة تتراكم ، طبقات فوق بعضها ، تتساقط اوراقها بفعل الرطوبة والنسيان
أحاول ان اتذكر كم مضى لي ، في هذا المكان ، اين اصدقائي ، واخوتي والأشخاص الذين أحبهم؟
- جنسكم أثبت فشله ، واستحق ان يباد.
انظر الى جبال الكتب المتراكمة ، والتي اصفرّت اوراقها بفعل هبوب الرياح الخريفية ، التي ما فتئت تحمل الدمار الى اراضينا القاحلة ، التي جعلوها جرداء
اتذكر عدد الكتب التي تعبت طوال عمري في كتابتها ، محاولة ان اعثر على عنوانها في ركام عقلي الافل ، فلا اعثر على المراد ، تذهب محاولاتي ادراج الرياح
- حكمتم العالم ، فسببتم الاضرار به ، وهذه جريمتكم النكراء ، سوف تبصرين انت نهايتها ، وانقاذنا من شرورها.
ينفخ الرئيس في اكوام الكتب التي عفا عليها الزمان ، والاوراق التي لاتطير بفعل الرياح ، يجعلها في وسط القاعة
- هاتوا نشعل الاوراق ، ونتدفأ بالحرارة المنبعثة
يلتفت الرئيس الي ناصحا قومه :
- ذروها الى النار ، ليستمر الدفء ، ويسود الاستقرار
صبيحة شبر

12 – 5 - 2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?


.. بالطبل والزغاريد??.. الاستوديو اتملى بهجة وفرحة لأبطال فيلم




.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو


.. غير محظوظ لو شاهدت واحدا من هذه الأفلام #الصباح_مع_مها




.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف