الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاكمة العصر!

سامر خير احمد

2004 / 1 / 10
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


يعتقد موفق الربيعي عضو مجلس الحكم المؤقت في العراق ان محاكمة صدام حسين ستكون «محاكمة العصر» لانها يمكن ان تكشف تورط جهات مختلفة عربية واقليمية واجنبية في فضائح ارتبطت بممارسات صدام حسين حين كان في السلطة، وهو ايضا لا يستبعد ان تكون الولايات المتحدة التي قبضت على صدام وستقوم بتسليمه لمحكمة عراقية -فيما يرى الربيعي- واحدة من هذه الجهات المتورطة!
هذه الصورة المثالية لما سيحدث لا يمكن ان تكون واقعية، لكن لنفترض انها حدثت فعلا، فلماذا تكون محاكمة صدام رمزا للعصر؟ هل يثق الناس اصلا بمن سيكشف صدام فضائحهم بمن فيهم اميركا حتى يكون الامر خارقا للعادة ومثيرا للاستغراب؟ لو ان صدام فعل ذلك حقا لقدم بشهادته ادلة اضافية على فساد المتواطئين معه حول العالم، الذين هم بالتأكيد معروفون ومكشوفون، كما ظل فساده هو معروفا ومكشوفا.
ليس من مبرر لتسمية «محاكمة العصر» هذه، الا اذا كان سببها ان المحاكمة تخص رئيس دولة كان لها جيش قوي وكبير واراد بامكانات دولته هذه ان يحقق عظمة شخصية فجر بذلك الويلات على شعبه والشعوب العربية والمسلمة المجاورة، وبهذا المعنى يكون من وظيفة المحاكمة ان توضح لامثال صدام ان المرء حين يكون على رأس السلطة فانه يكون في موقع غاية في الجد لا في لعبة او تسلية او نزهة.
ولما كان الامر غير ذلك لان اميركا التي هي محل اتهام مثل صدام تماما ليست محل ثقة بحيث تسمح بمحاكمة شريفة تماما تكشف المستور المفضوح كله، فان هذه التسمية ليست مناسبة، وقد تكون مضللة عن غير قصد لانها تعطي المحاكمة المصداقية مقدما.
«محاكمة العصر» التي تستحق هذه التسمية هي تلك التي تكشف الاسباب التي جعلت الامة محنطة تاريخيا في محلها حتى انها تبدو خارج العصر بينما هي -في الوقت نفسه- تتمايل على كلمات الخطابات وتساوي القول الصاخب بالعمل والانجاز، ان محاكمة العصر الحقيقية هي تلك التي تبصر الامة باسباب بقائها خارج العصر!
تجربة صدام في الحكم ليست اكثر من تجربة زعيم عصابة، استطاع وعصابته السطو على املاك ليست له فاستخدمها لمصلحته الشخصية، واعطي افراد عصابته شيئا من غنائمها، وهي بذلك ليست تجربة دولة ونظام حكم بالمعنى المتعارف عليه، ولهذا تكون محاكمة زعيم العصابة وما تيسر من افرادها مجرد محاكمة عادية لاي مجرم يتزعم عصابة مافيا او قاطعي طريق، ومن الظلم تسميتها «محاكمة العصر» لانها بذلك تعطي المتهمين فيها قدرا اكبر من الذي يستحقونه في صفحات التاريخ، وتمنح الروايات والمعلومات التي ستتضمنها وزنا يتجاوز الحقيقة.
لن يكون في الدنيا محاكمة تستحق ان تنسب الى العصر، ما دامت اميركا العدوانية الكاذبة هي سيدة العالم والمحرك الاساسي لاحداثه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا تحظى سيارة بيك أب بشعبية كبيرة؟ | عالم السرعة


.. -بقنابل أمريكية تزن 2000 رطل-.. شاهد كيف علق حسام زملط على ت




.. عودة مرتقبة لمقتدى الصدر إلى المشهد السياسي| #الظهيرة


.. تقارير عن خطة لإدارة إسرائيلية مدنية لقطاع غزة لمدة قد تصل إ




.. قذائف تطلق من الطائرات المروحية الإسرائيلية على شمال غزة