الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حجاب باتجاهين -2-2

سامي العباس

2008 / 5 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


أن نشبه أسلافنا في عصر الانحطاط أكثر من أسلافنا في القرون الهجرية الخمسة الأولى , يمكن لعلم الوراثة أن يبرر شطره البيولوجي ..أما الشطر الأنثربيولوجي منه " الثقافة والأخلاق والحقوق والمؤسسات الاجتماعية" حيث تخفف قوانين الوراثة صرامتها ,وينفتح الباب واسعا على مصادر إعادة النظر بالصفات الثقافية والأخلاقية ..الخ ..فالمدرسة ومنا هج التعليم ووسائل الإعلام السمعية والبصرية وقنوات التثاقف مع العالم المتنوع والمختلف ..الخ ..جميعها تعطينا الفرصة لإعادة تشكيل وترتيب فضاءنا العقلي وأنماط سلوكنا وأذواقنا الفردية والجمعية ..فهذه جميعها خاضعة بهذه النسبة أو تلك للإرادة ..أو بتعبير أكثر دقة لمن يمتلك هذه الإرادة ..من هنا ينفتح الباب على مساءلة النخب :السياسية والدينية والاقتصادية – وهي جميعها على تشابك حقول عملها , تمتلك هذه الإرادة – فهي التي فلترت بإرادتها : تراث الأجداد من جهة, وثقافات العصر من جهة ثانية .ورسمت بانحيازاتها لهذا الخيار أو ذاك على مقلبي التراث /المعاصرة : الخط البياني لأوضاع العرب والمسلمين في القرن الماضي ..
أن تغيب عن مكتباتنا ومنا هجنا التعليمية ,ونتاجنا الفكري والأدبي والفني ما راكمته كتراث مكتوب " الإنسية العربية في القرن الرابع الهجري "- كما حاول أن يلفت النظر إلى ذلك منذ باشر مسيرته الفكرية المفكر الجزائري محمد أركون-شهادة على نوعية التراث الذي مالت إلى توظيفه في الحاضر : النخب الدينية والاقتصادية العربية على وجه الخصوص ..
فأن ’تترك على سبيل المثال الأمراض الجسدية والنفسية لعامتنا في أيدي المطببين " بالطب النبوي" وهو صلى الله عليه وسلم الذي اعتذر لأهل يثرب في حادثة تأبير النخل المشهورة , يدفعنا لمساءلة نخبنا الدينية عن موقفها العقلي . ونخبنا المالية عن دورها اللوجستي ..فالفضائيات ودور النشر والمواقع الالكترونية ..الخ..
التي تصرف عليها أموال النفط وغيره لإعادة إنتاج عصر الانحطاط , تشير بإصبع الاتهام إلى الجهات المسؤولة عن فشلنا في التموضع داخل خط الأمم الناهضة من عثارها ..
لقد سَبَقَنا الهنود والصينيون رغم أنه أيقظنا من نومنا القروسطي وإياهم نفس المهماز الأوربي ..
لا يمكن رمي المسؤولية عن هذا الوضع الذي نحن فيه على غير عاتق النخب العربية -الإسلامية التي ارتضت أن تقيم حجابا باتجاهين :
1- جهة التراث الذي راكمته الإنسية العربية في القرون الهجرية الخمسة الأولى ..فغابت رموزه عن التداول ..ولم تحتل ولو جزءا يسيرا من الفضاء الفكري والديني لعرب ومسلمي القرن العشرين .
أين حصة ابن مسكويه في تشكيل تصورنا عن المرحلة التدشينية للإسلام الأولي من حصة ابن الأثير؟
وقد فاقم من المشكلة تضايف عاملين :
-الأول قدم عهد التراث الأولي قياسا إلى تراث المرحلة العثمانية- الصفوية وما يتفتق عن هذا التفاوت في العمر من تفاوت في التعرض لمخاطر الفقد أو التنقيص أو التحريف تبعا لتبدل المزاج الديني أو السياسي ..إلخ ..
- والثاني : التجاهل و الإهمال المتعمد المتصل بخيارات النخب التي تحدثنا عنه سابقا ..
2- جهة العصر الذي تحتل فيه إنجازات الغرب في حقل الفلسفة والعلوم الإنسانية موقع الصدارة ..
لقد وفر فائض المعرفة فائضا في القوة .و..’ولدتْ اتجاهات الهيمنة والسياسات الاستفزازية على أرضية هذا الفائض ..كل ذلك سهّل على دعوات القطيعة الثقافية مع الغرب التحول إلى إيديولوجيات شعبية ..وقد تفاوتت حدة هذا من مرحلة إلى أخرى تبعا للخلفية السسيولوجية للنخب المسيطرة ..
إلا أن هذا يجب ألا يخفي النتائج الواحدة التي تتمخض عنها فلترة الرشدية - كذروة من ذرى الإنسية العربية –
وفلترة الحداثة الغربية ..الإستنقاع إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ