الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات الكويتية – ديمقراطية تحت السيطرة

ابراهيم علاء الدين

2008 / 5 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


يتوجه الاف الكويتيين يوم السبت المقبل لصناديق الاقتراع لانتخاب خمسين مرشحا لعضوية مجلس الامة وسط غابة من الشعارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لو التزم المرشحين الذين سيحالفهم الحظ بعشرة بالمائة منها لجعلوا من الكويت دولة يتنافس الشعراء في التغني بها ويتباهى بانتمائها الى امة العرب كل عربي من المحيط الى الخليج لما ستكون عليه من رقي وحضارة وتطور ونماء وازدهار.
تحقيق عشرة بالمائة فقط من الشعارات التي رفعها المرشحون اثناء حملتهم الانتخابية كفيلة بالفاء القبلية والعشائرية والواسطة والمحسوبية والاهم من كل ذلك الحسد والمنافسة غير الشريفة بين اثريائها، وتقضي على الفتنة الطائفية التي بدأت تطل برأسها ، وتحسن الخدمات الصحية وتطور التعليم وتقضي على البيروقراطية المتفشية في الجهاز الحكومي وتنهي ازمة البطالة المقنعة في مؤسسات الدولة , وتضع حدا لانتشار المخدرات وهي مشكلة متنامية في البلاد، وتؤدي الى انحسار المد الديني والمذهبي ، وتحسن من المستوى المعيشي للمواطنين ، وتعمل على تعديل السلوك الاستهلاكي المدمر للمجتمع والاسرة.
لكن وللاسف الشديد فشعارات المرشحين ستذهب ادراج الرياح ما ان تقفل صناديق الاقتراع , وذلك لسبب بسيط وهو ان معظم المرشحين لا يؤمنوا اصلا بالشعارات التي رفعوها , والادهى من ذلك ان المرشح ليس هو من يختارشعاره عن ايمان عميق وادراك حقيقي لمعناه وضرورته بل ان من يضع شعارات معظم المرشحين هي لجان اعلامية يتم تعيينها لفترة الانتخابات بهدف مداعبة عواطف المواطنين واستدراج اصواتهم.
ففي الوقت الذي رفع بعض النواب شعارات تتحدث عن النزاهة والشفافية نجدهم يبرمون صفقات غير نزيهه والبعض رفع شعارات عن الذدق والامانة تجدة يقوم بشراء الاصوات وهناك اسعار يتحدث عنها المواطنين لهذا المرشح او ذاك حتى ان بعض المواطنين يقولونها علنا في اوساطهم ومجالسهم (من يدفع لنا اكثر ننتخبه).
والمواطنين بصورة عامة ان المرشحين ومهما كانت الشعارات التي يرفعوها غان المواطنين مقتنعين بان المرشح يسعى لتحقيق مصالحه الخاصة ومصالح اقربائه والمقربين منه, وفي ذلك قدر كبير من الصحة.
وقد حدثني احد الاصدقاء الصحفيين الكويتيين عن بعض تجاربه مع المرشحين فقال في احدى الدورات الانتخابية اتصل بي طبيب اسنان وقال انه يريد الاستعانة بصحفي يساعده في حملته الانتخابية حيث انه ينوي ترشيح نفسه، واضاف الصحفي انه القى بالطبيب وناقش معه خطة اعلامية للحملة الانتخابية , لكنه وقبل ان يحل الموعد المتفقعليه لبدء الحملة تراجع الطبيب عن موقفه وقرر عدم ترشيح نفسه.
فلما سالته عن سبب فتوره وتراجعه عن قراره قال " يا اخي ان دخلي يصل الى حوالي 600 دينار في اليوم في عيادتي الخاصة وعندي مشروع لتطوير العيادة سيرفع دخلي الى حوالي 1000 دينار في اليوم ، فاذا نجح بالانتخبات كم ساكسب من العضوية؟
واضاف الطبيب .. قال لي البعض ان صفقة واحدة قد اربح منها نصف مليون دينار، لكن اخرين قالوا لي ان هذا الامر غير مضمون لان هناك نواب اكثر خبرة وتجربة ولديهم علاقات وصلات اكثر عمقا وهؤلاء هم الذين يحققون المكاسب فيما بعض النواب يخرجون من المجلس كما دخلوه لا يستفيدوا شيئا سوى راتبهم الذي لا يتجاوز 2500 دينار شهريا.
هذا نموذج من المرشحين مع العلم ان الخطة الاعلامية التي وضعها صديقي الصحفي لحملته تضمنت شعارات رنانة عن الانتماء الوطني والوطن والمواطن والشرف والنزاهة والامانة وحقوق المراة والطفل الى اخره.
والمواطنين الكويتيين في المنطقة العاشرة قبل اعادة تقسيم الدوائر وجعلها عشرة بدلا من 25 اختير مرشح ونجح بالانتخابات بطريقة كانت بالنسبة له اشبه بالخيال.
فقد كان هذا الشخص موظفا بسيطا في الجمعية (السوق المركزي) التابعة للمنطقة التي يسكن فيها وحدث بالصدفة ان ذهب الى ديوانية القبيلة في احد المساءات وكان يجري في تلك الديوانية الاتفاق على مرشح للقبيلة وفق ما كان يسمى (الانتخابات الفرعية) واختلفت القبيلة على تحديد اي من المتقدمين فاتفقوا على ان يتم اختيار اول من يحضر الى الديوانية وصادف ان كان ذاك الرجل موظف الجمعية اول من دخل فاختارته القبيلة والتزمت بالتصويت له ونجح بالانتخابات ، وكانت حدود مساهمته لا تتعدى رفع يده للموافقة على المشاريع والاقتراحات التي تقدمها الحكومة، لانه على حد قوله لم ينسى ان احد ابناء الاسرة الحاكمة كان يرسل لها الخراف التي كان يقدمها لمناصريه وضيوفه في مقره الانتخابي .
مثل اخر بطله نائب يعتبر من ابرز نواب التيار الاسلامي قال لي صديق صحفي كويتي انه كان يتناول الغداء عنده في منزله واثناء الغداء لم يترك النائب وصفا سيئا الا ووصف به وزير النفط وهو احد ابناء الاسرة وقال انه سيعمل كذا وكذا وكذا وانه لن يترك مشروع الوزير يرى النور، وكان النائب يتحدث بغضب شديد وتاثر من يسمعه يظن ان النائب ربما يغتال الوزير اذا ما اصرعلى مشروعه.
وفي اليوم التالي كان هناك حلقة نقاشية حول النفط تنظمها احدى كليات جامعة الكويت وكان الوزير والنائب مدعوان للتحدث في الحلقة النقاشية.
وفي البهو الكبير اسفل القاعة المخصصة للحلقة كان النائب عابسا وجادا جدا يسلم على الناس بطرف اصابعه ، وفجأة دخل وزير النفط فتقدم الحضور للترحيب والسلام عليهم وكان في مقدمتهم النائب العظيم الذ ارتسمت بسمة عريضة على وجهه وانحنى انحناءة يابانية وهو يسلم على الوزير.
واثناء كلمته في الحلقة النقاشية لم يتطرق مطلقا للتعليق على مشروع الوزير.
وهناك مرشحين نجاحهم مضمون مثل ذلك الذي يغير وحدات تكييف الهواء لمواطني دائرته قبل كل دورة انتخابية، وذلك الذي ينتمي لقبيلة كبيرة , واخر يحظى بدعم الحكومة، واخرين تقف خلفهم ثرواتهم الطائلة، الى جانب التكتيكات والتحالفات بين الحكومة وبعض الكتل السياسية والقبلية ولعشائرية.
ولا بد من ذكر ان الترشح للانتخابات مسالة مكلفة ماليا جدا حيث يضطر المرشحين لاقامة الولائم يوميا في غالب الاحيان ، بالاضافة الى تقديم الهدايا على سبيل الرشوة (احد المرشحين بالانتخابات السابقة قدم زجاجات عطر للنساء حتى ينتخبوه) الى جانب تكليف الحملات الاعلامية التي دخلت القنوات الفضائية هذا العام منافسا قويا للصحف ، بالاضافة الى تعيين معظم المرشحين في الدورة الحالية لموظفات يقمن بعملية تسويق (تيلي ماركتنغ ) اي الاتصال بالمواطنين والدعاية للمرشحين.
ومع ذلك واي كانت الملاحظات والسلبيات والاخطاء والتجاوزات التي تكتنف الانتخابات الكويتية الا انها تعتبر ميزة للكويت تستحق الثناء والاعجاب وسط غابة الديكتاتورية السائدة في عالمنا العربي .
نتمنى ان يختار المواطن الكويتي المرشح الجدير بالثقة بغض النظر عن علاقة القرابة والدم والانتماء السياسي ، ففي الكويت هناك فرصة حقيقية لحقيق درجة اعلى من الديمقراطية ، وهذا لا يعني وجود اي وهم بانها مهما ارتقت سظل في اطار السيطرة وفي حدود ما هو مسموح فالخطوط الحمراء موجودة ولن نيستطيع احد تجاوزها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الثقة بين شيرين بيوتي و جلال عمارة ???? | Trust Me


.. حملة بايدن تعلن جمع 264 مليون دولار من المانحين في الربع الث




.. إسرائيل ترسل مدير الموساد فقط للدوحة بعد أن كانت أعلنت عزمها


.. بريطانيا.. كير ستارمر: التغيير يتطلب وقتا لكن عملية التغيير




.. تفاؤل حذر بشأن إحراز تقدم في المفاوضات بين إسرائيل وحماس للت