الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش المعركة الطلابية الأخيرة بمراكش

و. السرغيني

2008 / 5 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


عرفت الساحة الجامعية بمراكش تحركا نضاليا اتخذ له البعد الجماهيري الذي يستحقه، فعلى إثر التسمم الذي لحق بالعديد من قاطني الحي الجامعي انتفض الطلاب دفاعا عن سلامتهم البدنية والصحية وتنديدا بسياسة الاستهتار واللامسؤولية التي تعرفها مجمل مرافق الجامعة.
ودون الخوص في طبيعة السياسة التي ينهجها النظام كنظام رأسمالي تبعي قائم على الاستغلال والقمع والاستبداد والعمالة الإمبريالية سنحاول ربط الأحداث التي عرفتها مسارات المعركة الطلابية الأخيرة بمراكش، مقدرين في نفس الوقت كل التضحيات البطولية التي أبانت عنها قيادات وطلائع الحركة الطلابية بالموقع، وبشكل خاص مناضلو ومناضلات "النهج الديمقراطي القاعدي" بجميع تياراته ومجموعاته.. بما تعرفه الساحة السياسية والاجتماعية من تحركات ونضالات.
فلا يمكننا بالطبع أمام معطيات هذه المعركة البطولية إلا أن ندين الهجوم الوحشي الذي تعرضت له احتجاجات الطلبة والذي خلف بالمناسبة العديد من الجرحى والمعطوبين ومكسوري العظام.. دون إغفال التنكيل والاعتقال التعسفي الذي طال العشرات من الطلبة والطالبات حيث ستتقدم مجموعة منهم للمحاكمة بتهم واهية ملفقة معروفة بـ"التجمهر المسلح" و"العصيان"..الخ
وفي نفس السياق لا يمكننا كذلك إلاٌ أن نشيد بهذه النضالات الطلابية التي ترتكز على ملفات حقيقية يمكنها أن تلف الطلبة حول قادتهم التقدميين ويمكنها أن تعيد وحدة الصفوف التقدمية وأن تفتح النقاش حول واقع ومستقبل الحركة الطلابية والتعليم والجامعة.. وتطورات الصراعات الطبقية ببلادنا وفي سائر المعمور.
فالهامش الذي استهدفنا توسيعه في هذه الظرفية يتعلق بمستجدات المعارك والصراعات الطبقية الدائرة رحاها بهذا البلد. لربطها بواقع الجامعة وبدور الحركة الطلابية التقدمية في هذه الصراعات. فهل يعقل أن تتخلف الحركة الطلابية بتياراتها التقدمية عن معركة المناهضة للغلاء، بما تشكله هذه المعركة من حركية واستنهاض جماهيري ومن تطوير الصراعات الطبقية ومن تعديل للموازين الطبقية وما حققه هذا التعديل من تجديد في الطلائع والقيادات الشابة والجذرية التي أحسنت التأقلم والتكيف مع شعارات ومطالب الجماهير المناهضة للزيادات المهولة في أسعار المواد والخدمات الأساسية.
وإذا كانت العديد من المواقع الجامعية ما زالت في عداد الحصون القاعدية المنيعة وما زالت بالتالي مجالا للفعل الطلابي التقدمي فلا يعقل ألاٌ تدرج ملفات الغلاء ومعارك مناهضتها في جدول أعمال ونضالات الحركة الطلابية، ولا يعقل كذلك أن تتخلف تيارات النضال الطلابي القاعدي في المناهضة والمشاركة في تجربة التنسيقيات المحلية لمناهضة الغلاء والزيادات في الأسعار.
سيكون من باب التأكيد وفقط، إذا صرحنا بمواقفنا، التي لا يجب تأويلها و لا لي عنقها، مواقفنا المبدئية والصادقة تجاه إطار الطلبة العتيد إوطم والذي يعتبر مهمة استرجاعه وهيكلته بوصلة موجهة لاقتراحاتنا المتواضعة والنسبية. وبالتالي فمنطلقاتنا كانت وستظل وحدوية في أهدافها وفي أساليبها، وحدوية تجاه الجماهير والطلبة من أبناء الكادحين أولا، وتجاه جميع التيارات التقدمية القاعدية وغير القاعدية التي تعتبر معركة الغلاء والخوصصة معركتها، ثانيا.
اقتراحاتنا تنطلق من كون الطلبة أبناء الكادحين متضررين بشكل مباشر وغير مباشر بجميع الزيادات التي ألهبت أسعار المواد الغذائية والخدمات فالطلبة يستهلكون الخبز والحليب والزيت والزبدة والسكر.. الطلبة يحتاجون الطبيب والأدوية.. الطلبة يمتطون الحافلات والقطارات والطاكسيات.. الطلبة يحتاجون الكتب والأدوات المدرسية.. الطلبة يضطرون للكراء واستهلاك الماء والكهرباء..الخ وبالتالي لا يمكن اعتبار المعركة من أجل مناهضة الغلاء، معركة غريبة أو مقحومة في مجالات اهتماماتهم. فالمعركة معركتهم بل ويمكن اعتبارهم من أوائل ضحاياها أي منذ انطلاق المخطط الإمبريالي لسنة 83 ـ التقويم الهيكلي ـ الذي أعدم مبدأ تعميم المنح وقزٌم قيمتها لتصبح الآن امتياز وليس حقا يستفيد منه عموم الطلبة.
اقتراحنا الأول يتعلق بملف الاعتقال السياسي وما شابه من تعثر وزبونية مقيتة بل أحيانا تصرفات لا مبدئية.. وبالتالي وجب تدخل المناضلين من كافة التيارات القاعدية والماركسية الطلابية وغير الطلابية لأخذ الملف على عاتق الشرفاء من القادة والطلائع المبدئيين الذين لا يميزن بين المعتقلين ولا يصنفوهم حسب الوظائف والمراتب والانتماء ودرجات المعرفة والمواقع الاجتماعية..الخ فلا فرق بين معتقل ومعتقل والحال أنهم جميعا وراء القضبان، لا فرق بين معتقل الرأي وبين معتقل الحركات الاحتجاجية المطالبة بالحق في السكن أو التطبيب أو التعليم.. أو معتقلي الحركات المناهضة للغلاء أو الخوصصة أو التهميش أو البطالة..الخ
فجميع المتضررين من سياسة النظام القائم على الاستغلال والاستبداد مضطرون في يوم من الأيام للاحتجاج والانتفاض ضد هذه السياسة وبالتالي حظهم قائم لا محالة، في أن يضربوا ويعنفوا وينكل بهم ويحتجزوا.. ويحاكموا حتى.. وواجبنا إذن أن نتابع الملفات الخاصة بجميع المجموعات والفئات التي تتعرض للاعتقال والمحاكمة بوسائلنا المنسجمة مع منظورنا وتصورنا لقضية الاعتقال السياسي باعتبارها قضية طبقية ثابتة ودائمة مرتبطة باستمرار النظام القائم على الطبقية واللامساواة.
وبالنظر لطبيعة المقال الذي لا نريده أن يتشعب في شروحات لن يتسع المجال لها هنا، سنكتفي وبتركيز بتقدير اقتراحاتنا العملية وهي اقتراحات موجهة أساسا لمناضلي ومناضلات الحركة القاعدية والحملم، على أن تتشكل لجن تنسيقية تتكلف بجميع ما يتعلق بملفات الاعتقال السياسي بدءا من الفضح والتشهير بالنظام القمعي القائم، إلى تنظيم الزيارات للمعتقلين ولعائلاتهم ومرورا بتكثيف حملات الدعم المادي والمعنوي ـ ندوات، مقالات، وقفات ومسيرات احتجاجية..الخ ـ
لجن تنسيقية نودها أن تتجاوز تجارب الجمعيات الحقوقية المحجوزة والمنصهرة في ثقافة "التوافقات" و"التشاركات الجمعوية والمدنية"..الخ وبألاٌ يحكمها منطق المكاتب وكراسيها المريحة، وبألاٌ تعرقل عملها خطابات وأساليب الشرعية وبأن تحتكم لمبادئها ولمهامها النبيلة بالاعتماد على النضال والكفاح والصدق مع جميع المعتقلين.
اقتراحنا الثاني يخص الحركة من أجل مناهضة الغلاء والتي نرى من اللازم وان تتشكل لجان طلابية ميدانية تتكفل بالتنظيم والتأطير لنضالات الطلبة في هذا المجال إضافة لربط تحركها بما يتشكل خارج الجامعة من تنسيقيات محلية للغرض نفسه.. وبالتالي لا يجب تبخيس هذا العمل بل يجب اعتباره من أولويات العمل الثوري في هذه المرحلة بالنظر لما اكتسبته آليات التنسيقيات من مصداقية وسط الكادحين وبالنظر كذلك لما راكمه المناضلون الجذريون من تجارب وعلاقات راقية مع الطلائع الشبابية داخل الأحياء الشعبية والمهمشة.. إذ لا يمكن القفز على الأدوار التي خلقتها تجربة التنسيقيات في الميدان حين تجاوزت انتظارية الأحزاب والنقابات وجميع التيارات الانتخابية المرتبطة بها.
فعمل التنسيقيات ونضال الحركة من اجل مناهضة الغلاء، نضال جماهيري يجب على جميع المناضلين المرتبطين بمشروع الطبقة العاملة أن ينخرطوا فيه بقوة وحزم دون أن يتخلفوا عن مهامهم الثورية الأخرى وبشكل خاص مهام المساهمة في بناء حزب الطبقة العاملة المستقل "الشرط الذي لا بد منه" لكي تجسد الطبقة العاملة رسالتها التاريخية كطبقة قائدة لجيش الكادحين نحو ضفة الانتصار على الغلاء وعلى المتسببين في الغلاء. وهي مهام لا يمكن فصلها عن مهام الارتباط بالنضالات الجماهيرية وبجميع أشكال الاحتجاج الطبقية.
فأمام هذا الغليان الطبقي الذي امتد فورانه إلى أقصى القرى وإلى أعمق الأحياء المهمشة في المدن.. أمام هذا الضغط الشعبي العارم الذي أفاق الأحزاب الإصلاحية ونقاباتها من سباتها.. أمام حملة الإضرابات التي يخوضها العمال والعاملات والمستخدمين والموظفين الصغار.. أمام هبٌة الانتفاضات العفوية الشعبية هنا وهناك.. لا يمكن للمناضلين اليساريين الجذريين أن يتخلفوا، تحت أية ذريعة، عن هذه النضالات، بل يجب الانخراط في جميع النضالات والاحتجاجات والتأهب لجميع الانفجارات الانتفاضية لمدها بخبرة المناضلين التنظيمية والتأطيرية. يجب الاقتناع كل الاقتناع بالمواقع القيادية التي يجب أن نحتلها خلال هذه الظرفية، وإذا كنا عاجزين فلا يجب أن نبرر عجزنا برمي المسؤولية على القيادات السياسية الإصلاحية ونقاباتها الانتظارية التي شاخت قبل زمان ولم تعد لها بالتالي القدرة على قتل ذبابة.
واجبنا رفع التحدي والنضال بكل كفاحية واستماتة جنبا على جنب مع الكادحين ومع الشباب العامل، الطالب والتلميذ.. واجبنا مد الأيدي لكل الرفاق المكافحين الذين ما زالت لم تحصل لديهم القناعة بالانخراط في العمل الجماهيري.. واجبنا العمل بثقة وفق منظومة وحدة ـ نقد ـ وحدة مع جميع الرفاق اليساريين، الاشتراكيين، الشيوعيين والماركسيين اللينينيين.
فمنظورنا للعمل الجماهيري مغاير لمنظور الأحزاب والتيارات السياسية الإصلاحيين وبين الانعزالية والذيلية يوجد طريق ثالث، وضعنا لبناته الأولى وسنمضي في تجربتنا إلى جانب حلفائنا ورفاقنا في الحركة القاعدية وداخل الحملم وكذلك بمعية الرفاق الصادقين والمبدئيين داخل الحركة اليسارية التقدمية جمعاء.

انتهى

و. السرغيني
04 ماي 2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمطار الغزيرة تغرق شوارع لبنان


.. تشييع جثماني الصحفي سالم أبو طيور ونجله بعد استشهادهما في غا




.. مطالب متواصلة بـ -تقنين- الذكاء الاصطناعي


.. اتهامات لصادق خان بفقدان السيطرة على لندن بفعل انتشار جرائم




.. -المطبخ العالمي- يستأنف عمله في غزة بعد مقتل 7 من موظفيه