الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الذكرى الستين لتأسيس إسرائيل

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2008 / 5 / 17
القضية الفلسطينية


بينما تحتفل إسرائيل هذه الأيام بمرور 60 عاما على تأسيسها ، يقوم الفلسطينيون ، وعرب ومسلمون بإحياء ما يعرف بيوم "النكبة".
فبعد انسحاب بريطانيا من فلسطين في 14 مايو/ أيار 1948، أعلن ديفيد بن غوريون قيام إسرائيل، وعودة الشعب اليهودي إلى ما أسماه أرضه التاريخية.
ستون عاما شهدت خلالها منطقة الشرق الأوسط صراعات دامية راح ضحيتها الآلاف من الطرفين. ولا يزال كثير من العرب والمسلمين يحلمون دائما بزوال إسرائيل ، أو بمجيء يوم يقدرون فيه على رميها في البحر ، و تكرار السبي البابلي.
وقد أعلن هزتزل بعد انتهاء المؤتمر الصهيوني الأول المنعقد في مدينة بال السويسرية عام 1889 : " قمت ُ بوضع حجر الأساس للدولة اليهودية". ولا شك أن هكذا ادعاء ، وفي تلك الفترة الزمنية ، كان صعبا تصديقه، لكن الزمن كشف أن هرتزل فد اتفق مع القوى العظمى في ذلك العصر ، خصوصا بريطانيا العظمى التي كانت تستعمر القدس ، على اقامة وطن قومي لليهود . وقد صاحب تحقيق هذا الحلم المعجزة في أواخر القرن التاسع عشر سياسة توسعية صهيونية و اعتداءات دموية ، وارهاب ومجازر بحق السكان الفلسطينيين ، و هجرة يهود كثرين إلى فلسطين ، واقامة لوبيات قوية في مراكز القرار للقوى العظمى.

و قبل مئة عام من الآن كتب نجيب عازوري باللغة الفرنسية كتاباً عنوانه: «يقظة الأمة العربية»، صدر في باريس قبل أن يترجم لاحقاً إلى اللغة العربية. في هذا الكتاب تنبؤ عجيب ، لم يصل إليه سوى كاتب القصص الكابوسية فرانز كافكا في قصته القصيرة " عرب وبنات آوى" ، يتضمن تنبؤ عازوري العبقري أمراً أكثر وضوحاً وتحديداً حين يقول: «ظاهرتان هامتان، لهما نفس الطبيعة بيد أنهما متعارضتان، لم تجذبا انتباه أحد حتى الآن تتضحان في هذه الآونة في تركيا الآسيوية أعني: يقظة الأمة العربية وجهد اليهود الخفي لإعادة تكوين مملكة إسرائيل القديمة على نطاق واسع، مصير هاتين الحركتين هو أن تتعارضا باستمرار حتى تنتصر إحداهن على الأخرى...».

بلا شك أن الذكرى الستين لتأسيس إسرائيل تعتبر من أهم الأحداث التاريخية في الشرق الأوسط ، والتي غيرت مسير التاريخ في الشرق الأوسط والغرب . فسكان فلسطين اليوم كلهم ولدوا إما في فترة الحروب التي اندلعت بين العرب وإسرائيل ، أو في ظل الاحتلال الإسرائيلي. وهؤلاء إن لم يقتلوا إثر العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، أو اضطروا إلى العيش في منافي الغربة، فالباقون في ظل الاحتلال تقل أعمارهم عن الستين. فالقمع والإرهاب الدائم بالإضافة إلى الفقر و الضيق الاقتصادي و شحة الأدوية والعلاج و الغذاء قد قصر من معدلات العمر للفلسطينيين. فنادرا ما يلقى المرء عائلة فلسطينية لم تفقد أحد أفرادها في الحروب والمعارك ، أو قضى تحت التعذيب في السجون الإسرائيلية ، أو إرهاب العصابات الإرهابية مثل حماس و الجهاد التي كانت تحظى بدعم الموساد وأمريكا لمواجهة الميول اليسارية للمنظمات الفلسطينية الأخرى.المنظمات الإسلامية في فلسطين، بعد أن اشتد ساعدها، وطدت صلاتها مع إيران، و كذلك حظيت بمساندة سوريا.وتقوم المنظمات الإسلامية بعمليات إرهابية عمياء ، تقوم بإطلاق صواريخ على المدن الحدودية الإسرائيلية ردا الهجمات الواسعة من الأرض و السماء و كوموندوزات الموت الإسرائيلية ، و تقوم بعمليات التفخيخ والتفجير المطاعم و محطات الحافلات الإسرائيلية ، يكون ضحاياها ناس أبرياء .
ومن الواضح أنه لا ينبغي النظر إلى جرائم العصابات الدينية و قوات الاحتلال الإسرائيلية بنفس النظرة ، وخاصة أن عاملا مهما من عوامل نمو وانتشار الفرق الدينية في فلسطين ولبنان قد أفرزته جرائم حكومة إسرائيل .
واليوم باتت الأوضاع في الشرق الأوسط أخطر مما عليه في أي زمن آخر. فهناك حروب و مجازر في العراق وأفغانستان، كما أن حربا سبه أهلية تجري في لبنان بين حزب الله و الجماعات الطائفية ألأخرى. حزب الله و حلفاؤه مدعوم من النظامين الإيراني والسوري، في وقت تقف أمريكا وإسرائيل وراء المجاميع اللبنانية الأخرى. وإن الاتحاد الأوروبي يلهث في هذا السياق وراء مصالحه الاقتصادية والسياسية. ولا يستبعد أن تدخل إسرائيل في هذه المواجهات عسكريا وبشكل مكشوف.
و في هذه الأجواء الظالمة يكون شعب لبنان دائما ضحية النزاعات الداخلية و التدخلات الخارجية للامبريالية الأمريكية وإسرائيل و إيران وسوريا و غيرها. ويمكن أن تتحول أحداث لبنان إلى شرارة لاندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط. وحقا، أن ما يشكل عائقا عصيا أمام تعايش جماهير إسرائيل وفلسطين في وئام و أمن وأمان وإخاء هو النظام الحاكم في إسرائيل و منظمته الجاسوسية الدموية الموساد ، وكذلك العصابات الدينية الفلسطينية واللبنانية و أوساط الجمهورية الإسلامية الإيرانية . هذه الجماهير الواسعة الكادحة في إسرائيل وفلسطين ملت، بل تستهجن وتدين شعارات الحرب و الدماء، والخطب الحمقاء الداعية إلى سفك الدماء و تحقير الآخر. هذه الشعارات والخطب الفاشستية لا تعمل سوى على استمرار الحروب والاحتلال والعدوان و قتل الأبرياء بمختلف ما يسمى انتماءاتهم القومية والوطنية و ...
وقد أصبح من البديهي. إن المساعي الإنسانية والعقلانية والواقعية يجب أن تتركز على إزالة أسباب العداء و التشنج والحزازات بين شعبي إسرائيل وفلسطين بأسرع ما يمكن .
إن جماهير إسرائيل وفلسطين قد أعلنت في كل مناسبة، وبمختلف الأساليب " كفى ! كفى ! لسفك الدماء. يجب وضع حد لهذه المأساة و الكارثة الإنسانية، لكي يعيش شعب البلدين في سلام و أمان مع بعض.

لعل أفضل حالة لإنهاء هذه الخصومات القديمة التي تركت جراحا وندوبا عميقة ، هو تشكيل دولة مشتركة إسرائيلية فلسطينية ، يعيش فيها الفلسطينيون واليهود كمواطنين متساوي الحقوق والواجبات ، هذه الدولة المشتركة كفيل بإزالة آثار العدوان الإسرائيلي و الإرهاب و اندمال جراح الماضي .
واليوم تعمل منظمات عديدة، وشخصيات سياسية و اجتماعية وثقافية وفنية في إسرائيل، وتنشط مدافعة عن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني. وثمة كثر من العسكر الإسرائيليين هربوا من الجيش رافضين قتال الفلسطينيين، ويتضامنون علنا مع المنظمات الفلسطينية، بل ينشطون فيها كأعضاء ومؤازرين.
وثمة عوائق دولية أمام تحقيق السلام، منها، على الرأي العام العالمي مطالبة الإدارة الأمريكية الكف عن حمايتها المطلقة لإسرائيل, أن لا تنظر إلى إسرائيل كحديقتها الخلفية، وقاعدتها لابتزاز الدول العربية سياسيا واقتصاديا وعسكريا. فالإدارة الأمريكية خصصت سنويا ملياري دولار هبة لإسرائيل، وتقوم أمريكا بإبطال أي قرار دولي في الأمم المتحدة ضد سياسات إسرائيل العدوانية. فإسرائيل أمست مستودعا كبيرا لأنواع أسلحة الدمار الشامل والعتاد و القنابل الأمريكية.
وإن حظر امتلاك الأسلحة النووية، وأسلحة الدمار الشامل يجب أن يشمل كل الدول بما فيها إسرائيل التي تملك أكثر من 200 قنبلة نووية، وإيران وأمريكا.
. إن القوى التقدمية والمتمدنة في منطقتنا بالتضامن مع القوى الإنسانية الشريفة في أمريكا والعالم ، من عمالية وشيوعية ونسائية تحررية تمتلك من القوة في حال تنظيمها و تعبئة قواها الخلاقة ، تكفلها لعب الدور الأساس في تحقيق هذه الأهداف ، من فرض التراجع على الأنظمة والقوى الرجعية ، وتركها الجماهير أن تعيش في تضامن و سلام وأمن وأمان .
إن أنظمة مدنية وشعبية في العراق وإيران وسوريا سوف تلعب دورا مؤثرا في عمليات السلام في الشرق الأوسط ، و في تقوية الحركات التحررية و الديمقراطية في المنطقة.
إن من أولويات القوى التقدمية والتحررية مساندة الحقوق الإنسانية والاجتماعية للشعب الفلسطيني ، وحقه في تقرير مصيره ، وإدانة سياسات التجويع و الإرهاب الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، والعلميات الإرهابية للعصابات الدينية المختلفة.لقد كانت اقامة اسرائيل حلم اليهود المضطهين في أوروبا ، واليوم آن الوان لتخيق حلم الدولة العلمانية والديمقراطية المشتركة للفلطينيين واليهود و باقي السكان ، دولة المواطنة الحقة والعدل والمساواة لجميع سكان اسرائيل وفلسطين.

2008-05-16












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المناظرة الرئاسية بين بايدن وترامب على CNN.. إليك أبرز اللقط


.. رغم تراجع الرئيس عن توقيع مشروع الموازنة.. استمرار المظاهرات




.. انفعال بايدن على ترمب بسبب -قدامى المحاربين-


.. عائلات قتلى ومحتجزين إسرائيليين تلجأ للمحكمة العليا للمطالبة




.. سي إن إن تحقق في تصريحات ترمب: بايدن تمكن من توفير 15.6 مليو