الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقلية اقصاء الاخر الفلسطيني

سامر خير احمد

2004 / 1 / 11
القضية الفلسطينية


    منذ انتفاضة عام 1987، طفت على السطح الفلسطيني ازمة ثانية اضافة الى ازمة الصراع مع اسرائيل، هي ازمة الانقسام على الذات، فطرف يقوده ياسر عرفات يعرف القضية الفلسطينية على انها كيفية الوصول الى اتفاق مع اسرائيل يفضي الى اقامة دولة في الضفة الغربية وغزة، واخر تقوده حركة حماس يرى ان القضية هي مسألة تحرير كامل التراب الفلسطيني من البحر الى النهر وعودة اللاجئين الى ديارهم.
    لقد اديرت ازمة الانقسام على الذات هذه منذ بروزها وفق عقلية اقصاء الاخر الفلسطيني عوضا عن التفاهم معه، فبدلاً من ان يعمل الطرفان على تحديد هدف مشترك يكون عنوانا للنضال، اخذ ياسر عرفات يحاول الاتفاق مع اسرائيل ويعمل على اقصاء حماس وطمس فاعليتها في الان نفسه، بينما اخذت حماس تحارب اسرائيل وسلطة عرفات معاً، وهكذا ضاع الهدف بالنسبة للشعب الفلسطيني، وبات لا يعرف لاي شيء يحارب، فهو يريد مقاومة اسرائيل وفي الوقت ذاته يرحب بأي بارقة امل تنتج عن اتفاق سلام معها!
   غير ان التجربة الفلسطينية منذ اتفاق اوسلو 1993 برهنت ان ايا من الطرفين غير قادر واقعيا على اقصاء الاخر تماما بحيث يجعل هدفه هو الهدف المتفق عليه للشعب الفلسطيني ورغم ذلك لا يزال كل واحد من الطرفين يجتهد في اثبات انه هو الممثل الحقيقي لرغبة الشعب. وان الاخر انما يشتت جهود الشعب الفلسطيني، فالسلطة الوطنية ترى انها هي القيادة الشرعية والتاريخية والمنتخبة للشعب الفلسطيني وان حماس ومعسكرها يعطلون بعملياتهم القتالية ضد اسرائيل فرص حل القضية واقامة الدولة، فيما حماس ومن معها يرون انهم هم المعبّر الحقيقي عن ارادة الشعب في القتال والتحرير وإن السلطة وتفرعاتها انما يضيعون جهود الفلسطينيين في محاولات لا طائل من ورائها للاتفاق مع اسرائيل.
    مؤخرا، حين التوصل الى «وثيقة جنيف» اخذ الطرف المؤيد لها يروج لفكرتها عبر مهاجمة الطرف الذي يرفضها واثبات انه «يخرّب» مشروع الاستقلال الفلسطيني، فيما الطرف المعارض لها اخذ يناهضها عبر مهاجمة مؤيديها والتشكيك بهم، وهكذا فإن هذه الوثيقة لن يكون لها حظ في التطبيق كسابقاتها حتى ولو وافقت عليها اسرائيل ومضت في تطبيقها، فالطرف الفلسطيني الرافض قادر على تقويضها ب"عملية" واحدة ضد اسرائيل، كذلك فان حماس ومجموعتها لن يكونوا قادرين على «التحرير» حتى لو قاتلوا مئات السنين ما دام هناك طرف مستعد دائما للاتفاق مع اسرائيل وتحويل العداء الى وئام.
   وستستمر ازمة القضية الفلسطينية الداخلية هذه ما لم تتوقف عقلية اقصاء الاخر الفلسطيني وما لم يدرك الطرفان ان حل القضية يبدأ باتفاقهما على هدف مشترك يمكن تحقيقه، ولو بتقاسم الادوار، وبحيث يكون هو الهدف المتفق عليه لاغلبية الشعب، فقد كان حال القضية افضل فيما مضى حين كان الفلسطينيون كلهم يعرفون ما يريدون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة ثوران بركان جبل إيبو في إندونيسيا وارتفاع الرماد لنحو 5


.. لافروف: روسيا جاهزة إذا أرادت الغرب القتال على أرض أوكرانيا




.. العرب قديما تعرفوا على الأشياء بالأسماء والعلم الحديث استخدم


.. مصير مجهول لطلاب غزة بسبب الحرب المتواصلة على القطاع




.. دراسة: استخدام الحرائق كسلاح في حرب السودان.. والنيران دمرت