الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحوة السياسية والخروج من النفق الطائفي

اياد محسن

2008 / 5 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يبدو إننا شعب لا يريد أن يدرك أن التفكير بالمصلحة الفردية والوطنية ليست جريمة تعاقب عليها الشرائع السماوية وان السعي لتحقيق المنفعة الإنسانية ليس ذنبا أو خطيئة توجب العقاب الشرعي... لا نريد أن ندرك ذلك نحن ...وسياسيونا يحاولون إبقائنا ندور في حلقة الجهل المفرغة موجهين أذهاننا للتفكير بالمصالح الغيبية الدينية للمذاهب التي ننتمي إليها والتي لا تحفظ إلا مصالحهم السياسية ومنافعهم الشخصية وتدفعنا بطبيعة الحال إلى أن نسكن بيوت خربة آيلة للسقوط وان لا نحظى بنظام صحي وتعليمي جيد في حين تدفعهم في الجانب الآخر إلى شراء بيوت وعمارات في دبي ولندن وبرلين وتجعل من أبنائهم ابناءا للمترفين في حين يبقى أبناءنا دافعي ضريبة بقاء أبناء المترفين في النعيم دما وفقرا ...
لا نريد أن ندرك ما يجب أن يدركه العقلاء ولأجل ذلك تأسس البناء السياسي للمجتمع على أسس طائفية ضيقة ولم يكن أساسه وطني يشمل مصلحة جميع من يستظل بمضلة هذا الوطن ويعيش على أرضه .
الكثير من شرائح المجتمع انقادت وراء البرامج الحزبية دون قراءة أو تمعن من اجل حكم الطائفة أو القومية وكان نتيجة طبيعية أن تخسر هذه الشرائح فرص الارتقاء بوضعها المعيشي وهذا الكلام ينطبق على جميع شرائح المجتمع واخص منها بالذكر شريحة المعلمين الذين صاروا مضربا للأمثال في بؤسهم وفقرهم وموطنا للعطف والشفقة حتى إن الطالب الصغير وهو يرى أستاذه فقيرا معدما يتمنى لمستقبله أي شيء إلا أن يكون معلما كالأستاذ الذي يراه !!! .
باعتبار هذه الشريحة تعيش الواقع العراقي فان أصواتها الانتخابية رغم أهميتها لم تحقق لها شيء يذكر على ارض الواقع لأنها تشتتت وتبعثرت بين الكتل والأحزاب الطائفية والقومية التي لم يفكر أي منها بهذه الشريحة ولم يقدم أي منها لصانعي أجيال المستقبل منجزا يستحق الذكر , بل ضلت هذه الشريحة تطالب بزيادة رواتبها أسوة بمعلمي إقليم كردستان ومارست في سبيل تحقيق ذلك الإضراب تلو الآخر لتحقيق مطالبها .
وفي الفترة الأخيرة شاهدنا مجموعة من المعلمين والمدرسين يعلنون عن تشكيل كيان سياسي يمثل هذه الشريحة ويدافع عن مصالحها ويسعى إلى تحقيق بعض المنجزات التي عجزوا عن تحقيقها في السابق وفي الحقيقة فان تشكيل مثل هذا التجمع يمثل صحوة في العمل السياسي وخطوة في طريق التصحيح وهو إنما يدل على إن أبناء المجتمع العراقي بدئوا باستيعاب الدرس وراحوا يخرجون من التخندقات المذهبية إلى العمل السياسي المبني على أساس تحقيق المصالح المشروعة وبذلك يمكن أن يجتمع المدرسون والمعلمون المنحدرين من مذاهب ومرجعيات دينية مختلفة وراء مشروع سياسي واحد يلبي طموحاتهم المشتركة وكذلك يمكن أن نكون أمام حالة من الانسجام الوطني بين الأبناء حيث الاندماج والابتعاد عن الأجندة الطائفية التي تحركها قوى من خارج الحدود , هذه الصحوة السياسية يمكن أن يتسع مداها لتشمل شرائح أخرى كالمهندسين والمحامين والأطباء ويمكن أن يتشكل كيان سياسي يمثل جميع الشرائح يهدف إلى بناء مشروع وطني ويسعى لتحقيق مصلحة المنضوين تحت لواءه بتشريعات قانونية متفق عليها .
إلا إن ما يمكن أن يعيق عمل مثل هذه الكتل السياسية هو إن مشروعها قد ينحصر بتحقيق مصلحة شريحة ويكون عاجزا عن وضع استراتيجيات لبناء الدولة وإيجاد حلول للمشاكل المختلفة وبالتالي عدم حصوله على غطاء شعبي كافي يمكنه من الاستمرار في المنافسة السياسية , كذلك فان من أهم المشاكل التي تواجه مثل هذه التشكيل هي مشكلة الدعم المادي وكيفية الحصول عليه خصوصا وان نجاح أي عمل سياسي يتوقف على مثل هذا الدعم الذي يمكن من خلاله إنشاء المكاتب في المحافظات وتغطية تكاليف الحملات الانتخابية وتوفير كافة متطلبات الاستمرار والنجاح وهذا ما يدفع الكثير من الأحزاب الناشئة إلى اللجوء إلى الدول الأجنبية للحصول على هذا الدعم الذي لن يكون مجانيا وتكون ضريبة الحصول عليه كبيرة قد تصل إلى التخلي عن الكثير من الثوابت الوطنية والانزلاق إلى مرحلة العمالة حين يكون الحزب أداة مستخدمة من قبل الدول الداعمة كما يحصل مع الكثير من الكتل والأحزاب الفاعلة في الساحة العراقية .
جميل أن يجمع الاختصاص والمصلحة المشتركة أبناء الشعب العراقي , وجميل أن يفكر المعلمون والمدرسون بالخوض في المجال السياسي ومنافسة لاعبين كبار كي لا تقتصر العملية على نخب سياسية معينة وكي تشعر بقية الكتل بوجود المنافسة والسعي بالتالي لتحقيق الأفضل .
في العديد من الدول الأوربية لا يوجد أكثر من حزبين أو ثلاثة يتنافسون في المعركة الانتخابية ويكون احد هذه الأحزاب ممثلا للعمال باعتبارهم الشريحة المهمة والواسعة في المجتمع مما يجعل منهم رقما صعبا يصعب تجاوزه في عملية صناعة القرار في هذه البلدان ويبدوا أن المجتمع العراقي يتجه نحو تصحيح المسار السياسي عن طريق رفض العمل الحزبي المتخندق طائفيا من خلال ظهور البدائل التي تمثل ضوء في نهاية النفق الطائفي ذلك النفق الذي خسرنا ونحن نسير فيه الملايين من أبناء هذا الشعب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمطار الغزيرة تغرق شوارع لبنان


.. تشييع جثماني الصحفي سالم أبو طيور ونجله بعد استشهادهما في غا




.. مطالب متواصلة بـ -تقنين- الذكاء الاصطناعي


.. اتهامات لصادق خان بفقدان السيطرة على لندن بفعل انتشار جرائم




.. -المطبخ العالمي- يستأنف عمله في غزة بعد مقتل 7 من موظفيه