الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعب يعيش في المنافي وحكومته تستورد العمالة المصرية

علي بداي

2008 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


كلما اردت ان اتمالك نفسي فلا انساق وراء موجة انتقاد حكومتنا المنتخبة، حتى وان كانت هذه الموجة من الانتقادات محقة
كلما وجدت ان حكومتنا المحترمة لاتقدر لي ( ولالغيري من مسانديها) هذا الموقف، فتضعني مرارا متكررة بموقف صعب وانا احاول ايجاد الاعذار لتصرف الوزير (سين) وتصريح الوزير (ص)
وكلما كبحت جماح نفسي، فلا أعلق على أخبار الفساد الاخلاقي والمالي والمهني المتسربة من الوزارات ومجالس البلديات والمحافظات معللا اياها أولا بان ليس كل ما يقال صحيح وثانيا ان ليس كل ماكان صحيحا بصالح للنشر ، تفاجؤني هذه الحكومة بماهو متناقض من مواقف!

كان المبدأ لدي أن أتجنب تصيد اخطاء الحكومة غير المقصودة، خاصة وأن هؤلاء الذين يشكلونها قد أتوا للحكم بطريقة تختلف عن تلك التي ألفناها في عالمنا الشرق أوسطي العجيب هذا، فكنت اقول لنفسي بان الحكومة تواجه تركة الماضي وفساد الحاضر، وحصار دول الجوار ومعاركها ذات البدايات والتي ليست لها نهايات، فأقول لزملائي ان نتصرف بحكمة مع بعض الغسيل الوسخ، غير الصالح للتعليق في الهواء الطلق،فنعالج اسباب اتساخه بعيدا عن رمي التهم جزافا وبالباطل، ولا نندفع مع تيار النقد الشمولي الهادم.
لكنني أعترف لكم الان بأن سياستي هذه لم تكن دائما موفقة، فلقد وجدت ذاتي مرارا متخلفا عن الركب الذي يعرف مالا اعرف، بل ان البعض ( وهذا موضوع حديث أخر) فسر مواقفي تلك على انها رضوخا لتهديد مافيات الفساد ومليشيات الظلام ، فقررت أن أطوٌ ل لساني قليلا هذه المرة، عسى ان يكون لطول اللسان جدوى.

منذ خمس سنين، والحكومة تضع الارهاب والارهابيين في اولى قائمة اولياتها، وهي محقة بذلك ، والمعادلة هنا واضحة ومتوازنة ومنطقية خالية من اللبس، فالمشاريع معطلة بسبب الارهاب والبطالة مستشرية لان المشاريع معطلة ، والبطالة مصدر تنمية وتغذية وأدامة للارهاب وللارهابيين. وحين انفقت الحكومة المال والجهد لملاحقة الارهاب ، وأعلنت انتصارها ( وانتصارنا) عليه زفت لنا بشرى الاعمار داعية ايانا الى ان نستقبل عامنا الجديد ( الذي عتق الان وكاد يشيخ) بالهلاهل ونسميه "عام الاعمار" فأستقبلناه بما يليق به واسميناه عام الخير .
والان تأتي الحكومة قبيل انتهاء النصف الاول من هذا العام المبارك لتزف البشرى لمواطنيها بان الارهاب قد ولى الادبار وان الخير العراقي قادم فها هو وزير الصناعة يدعو من القاهرة لقدوم نصف مليون مصري لتشغيل مشاريع النفط وغير النفط متمتعين بكل مزايا الضيافة العربية الاصيلة من كرم وتحويل رأسمال واشغال العقارات و..و..و

نصف مليون مصري، فيما يعيش داخل الوطن الام ملايين البؤساء الذين لايجدون قوت يومهم ، ويقتات البعض منهم على الصدقات! او المزابل او الجرائم
نصف مليون مصري في وقت لايجد فيه الالاف من الشباب العراقي المتسكع بعد تخرجه من الجامعات امامه سوى احلام الهجرة الى مواطن اللجوء، او الانسياق دون رغبة ولا وعي للوقوف ضد تيار التغيير الديموقراطي.
نصف مليون مصري ، لو افترضنا ان كل خمسة منهم سيشغلون بيتا او شقة واحدة سيكون على دولتنا المثخنة بالجراح ان تفرد لهم 100000 وحدة سكنية .
والعراق الكريم هذا، صاحب العطايا واللؤلؤ والدرر، يحتاج خلال الفترة القادمة الى ملايين المساكن لاسكان مواطنيه، فمدن العراق - القرى التي تضم الملايين من تعساء الحظ لاتنتمي الى العصر الحاضر باي شكل كان، بل ان اسلافنا السومريين قبل الاف السنين، حين لم يكونوا بقادرين على تصدير مليوني برميل نفط يوميا كل برميل بمئة دولار، اي حين لم يكن دخل الدولة 200 مليون دولار يوميا، سكنوا بيوتا اكثر امانا، وجمالا وألفة من بيوت فقراءالثورة والشعلة والحيانية.

نصف مليون مصري سيقدم للعمل في العراق الذي يعترف ان لديه خمسة ملايين مغترب بين مهجر ومهاجر يفترش الغالب الاعظم منهم ارصفة دول الجوار يبيع السكائر او العلكة او الجوارب تلاحقه شرطة هذه الدول الشقيقة من شارع لشارع ومن بيت لبيت ، مرة لتخلفه عن دفع الايجار وثانية لتجاوزه فترة الاقامة المسموح بها وثالثة جراء وشاية كاذبة
ورابعة بلاسبب سوى مزاج الشرطي
نصف مليون مصري سيقدم للعمل في العراق، والعراق هذا هو صاحب سجل المشاكل مع العمالة العربية والمصرية بالتحديد، خلال الحرب الوسخة مع ايران واجتياح الكويت.
نصف مليون ضحية من فقراء المصريين، ستلق بهم الدولة المصرية المنهمكة بمشاكل طبقاتها العليا خارج حدودها تخلصا من بطالتهم غير عابئة بدراسة ماألت اليه الامور مع عمالتها في العراق قبل عشرين سنة، او ابهة بالبحث عن حل لمشاكلهم داخل حدودها.
اية حكمة تلك التي يمكن للمرء ان يستخلصها من تصرف وزير صناعتنا( هل توجد لدينا صناعة؟؟) ودعوته الكريمة لنصف مليون مصري لحزم حقائبهم والتوجه للعراق؟؟
هل قايضت الدولة المصرية اختها الدولة العرافية مواقف أعتراف بشرعيتها مقابل نصف مليون مصري؟
هل استبدلت حكومتنا الاف العراقيين الذين فروا لمصر بنصف مليون عامل مصري؟
واذا اشترطت مصر ذلك فمابال الاردن او سوريا او ايران؟
هل أعلنت الدولة المصرية خطة سرية لمنع تدفق اصحاب الظواهري للجهاد في العراق الشقيق مقابل الخلاص من مشاكل نصف مليون عامل يهددون بالعصيان والمظاهرات التي تذكر حكام اليوم بثورة الفقراء التي وصلت باب قصر انور السادات قبل ثلاثين عام؟ وان توصلت مصر لهذه الفكرة فهل خفيت على الاردن وسوريا واليمن؟

أنا اتعاطف مع فقراء المصريين وأقول لهم أبحثوا عن حل دائم لمشاكلكم مع هؤلاء المترفين الذين يحكمونكم والذين يرومون التخلص منكم!
وأتعاطف مع ملايين العراقيين الذين علقوا الامال على عام الاعمار، فاذا به يلقى مرساته على شواطئ بعيدة عنهم
وأتعاطف مع حكومتي المنتخبة فأحذرها قائلا لاتجبرينني ياحكومتي المحترمة على ان اعنون مقالي : شعب يعيش في المنافي وحكومته تستورد العمالة المصرية!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا