الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياحة في بقايا قصر الطاغية

كاظم غيلان

2008 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


قبل شهر عاد الى وطنه الصديق الشاعر المبدع رياض النعماني بعد ان امضى في المنافي ثلاثة عقود، اختيار المنفى لمئات المثقفين العراقيين كان قسريا وتخلصا من بطش نظام حكم اعمى فيه من القسوة والحماقة والتهور ما لا يحتمله العقل البشري، دعي النعماني لاحتفالية اقامها له اتحاد الشعراء الشعبيين في الحلة، وكالعادة اصطحبني معه، وهناك اقترح علينا الشاعر حامد كعيد الجبوري زيارة قصر صدام في الحلة، لم استغرب الامر لان صدام واسرته التي كتب لها التشرذم والشذوذ والتمزق ولعوا كثيرا بتشييد القصور الفارهة والمنتجعات الساحرة وعاشوا ليالي حمراء، انتهت جميعها في لحظة واحدة، تلاشت وهدمت.
اصطحبنا مضيفنا الى قصر صدام المجاور لآثار بابل، كان مشيدا على تل ترابي شاهق محاط بنهر صغير يتشكل كما الخاصرة، دخلنا بوابة القصر، زخرفات ونخلات ثلاث من السيراميك الصقت على احد الجدران ترمز لاهداف البعث الفاشية ”الوحدة، الحرية، الاشتراكية“ ولو توقفنا قليلا لنتأكد من تحقيقها لسخرنا حقا، هنا اطلق رياض ضحكته المعهودة اللذيذة:
” ياوحدة .. اذا العائلة اصبحت شذر مذر فاين وحدة الامة العربية “.
والحقيقة هي هكذا فاولمبية نجله المعتوه عدي اصبحت ارضا جرداء بينما كانت واحدة من قلاع القمع الجماعي والزوجتان بعيدتان عن العراق، فرارا، والبنات قتل ازواجهن في”صولة عائلية“ بموجب”مرسوم جمهوري“ اما الحرية فيمكن اكتشافها من ابن يطلق على عمه”وطبان “ النار ويحيله الى”معوق “ وابن الخال المدلل يتدبر له حادثة طائرة ومن ثم ينعاه قاتله ويسير حدادا خلف جنازته، اما الاشتراكية فنستدل عليها من استحواذ الخال الحاج خير لله على عقارات وبساتين لا يمكن احصاؤها، هذا الخال الذي رفع شعار معاداة”القرامطة والذباب والطيور “.
تجولنا في القصر الفاره بحريتنا المطلقة ووقع نظري على شعارات عديدة كتبت بعفوية واضحة، لكن ثمة جملة استوقفتني تقول:”الحليم يأخذ عبرة من الزمن “ حقا فهذا واحد من قصور طاغية لم يشغله سوى شعوره الدائم بالخلود.
النخلة المحرمة
فاجأنا مضيفنا الجبوري بان هناك نخلة قبالة القصر مسيجة بشبك كهربائي كان كل من يحاول الوصول اليها يكون الموت مصيره جراء الصعقة الكهربائية، لكن ما سر ذلك؟ هذه النخلة وفي واحدة من زيارات صدام تناول رطبها ولما استغرب حلاوته امر بتسييجها وتحريم الاخرين منها لانها نخلته المفضلة!
شريط من النخيل جيء به من بساتين الحلة ليشكل طوقا دائريا للقصر.
مفارقات عديدة شغلتني، القصر مهجور من دون حراس مدججين بالاسلحة المرعبة والملامح الكريهة، فقد استبدلوا بشباب من الحرس الوطني استقبلونا بكامل الحفاوة والطيبة.
صاحب القصر مقبور، الى جوار عدد من اعوانه الذين اقتص منهم القانون.
لم يكن صدام غبيا حين اطلق على العراق”عراق صدام” فله قصر في كل مدينة وغالبا ما يختار المرتفعات لها شعورا منه بعلوه وصغر الاخرين، تصوروا ان هذا القصر اشترط صدام على كادر المهندسين والعمال في ان يكون اعلى من”اسد بابل “ لان صدام اسد العراق!
ولكن كيف يرتضي الاسد لنفسه الاختباء في حفرة يأنف حتى الجرذ من سكنها.
هذه نهاية سياحة في واحد من قصور عائلة مالكة!
فما عساها تملك الان سوى لعنات الضحايا، اقرؤوا العبارات التي التقطتها كاميرتي، لم اكن شامتا بمن لا يستحق الشتيمة والشماتة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج