الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية جديدة لحل المسألة الفلسطينية ، ولكن ؟

محمد زكريا السقال

2008 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


بادر مجموعة من المثقفين الفلسطينيين لصوغ إعلان رؤية اطلقوا عليه صفة جديدة من أجل إعادة صوغ النضال الفلسطيني على أسس واقعية ومجدية .
وكون هذه الخطوة تكتسب مشروعيتها ، بغض النظر عن اعتراضنا على الأفكار أو تأييدها إلا أن يبادر هؤلاء الكوادر لهكذا خطوة فهذا دليل صحة وعافية و مبادرة ، اعتدنا عليها من الفلسطينيين ، لهذا فالتفاعل مع هذه المبادرة يعني احترامها من زاوية التفاعل معها والحوار بها ، في هذه الظروف البائسة التي تعيشها القضية الفلسطينية والمنطقة العربية .
وكون هذه المبادرة كما أفصح أصحابها إنها جاءت لأن الوضع الفلسطيني مذرر ومتهالك ومنظمة التحرير الفلسطينية مترهلة ومفوتة المؤسسات ، والقوى الفلسطينية موغلة بنهج لا يقدم للوضع الفلسطيني والقضية الفلسطينية حلولا ومخارج ، والتسوية السياسية أصبحت طريقا مظلما لا يقدم حلا عادلا بقدر ما أدخل الفلسطينيين بصراع وحروب داخلية بالوقت الذي بات فيه مشروع الحل سراب ووهم .
أود القول بهذا أن المقدمات التي انطلقت منها المبادرة هي مقدمات صحيحة وتشكل عامل لقاء وتفاعل من اجل التوصل لرؤية تستطيع أن تشكل مقدمة لنهوض سياسي وفكري وثقافي ليأخذ دوره في قيادة النضال الوطني الفلسطيني ، إلا أن النتائج التي توصلت إليها هذه الرؤية التي أطلق عليها جديدة فهي قديمة ومطروقة منذ زمن بعيد ، وليست القضية قديمة أو جديدة القضية أن هذه المبادرة تشكل بصورة أو أخرى حالة من الضياع الفكري الذي لا أعتقد أن الشباب غافلون عنه ، وهي أن هذه الرؤية وطالما أن المبادرة تريد حلا خارج موازين قوى ، وهي غير موجودة في هذه الظروف أيضا فهذا يعني أن المبادرة مطروحة على إسرائيل والمجتمع الإسرائيلي ، وهنا الوهم والدخول في الحلم الغير واقعي ، حيث أن إسرائيل لا تحتوي شريكا لهذه المبادرة ، كان يمكن لهكذا مشروع في أواسط السبعينيات أن يطرح ، حيث كان يمكن أن نجد شريكا إسرائيليا يريد حل الصراع والعيش بسلام ، هذا من جهة ، أم الجهة الأكثر وهما أن أصحاب المشروع لا أعرف إذا كانوا يدركون أم لا أن إسرائيل تدرك خطورة هذا المشروع وأبعاده منذ أن طرح وقاومته ، إما من خلال رفضه كليا ، أو الخلاص من كل الكتل التي يمكن أن تشكل شريكا مستقبليا للفلسطينيين .
هذا من جهة أما الجهة الأكثر خطورة في الموضوع أن المبادرة غادرت الوضع العربي ، مستجيبة بذلك لمجمل الثقافة السائدة ، وهي اللهم نفسي وهي السياسة التي أودت بالمنطقة العربية ككل ، وتجلى هذا في المبادرة بصيغة اليأس الذي طغى على مناخ المبادرة ، وكأنهم يريدون القول نحن كفلسطينيين عانينا الكثير وها نحن ندفع ثمن التخلي العربي وتفريط قيادتنا وانتهازية يسارنا ومالنا إلا أن نعلن السلام مع عدونا التاريخي ونتعايش معه وعلى إسرائيل أن تختار أن نعيش سويا ، نعيش في بلد له إشكالية لقوميتان يبحثون في العلم والقانون على منطق تعايش ، هكذا وبهذه البساطة يقفز مثقفونا وطلائعنا فوق الوقائع ويريدون سلاما وحلا لإشكالية ، أرض محتلة وشعب مشرد ، وشعب تحت الاحتلال ، وعدو عنصري إستيطاني ذو مطامح عدوانية في المنطقة كلها . من خلال طرح برئ إننا نريد التعايش مع عدونا ومغتصب أرضنا ، طالما العرب غارقون بمشاكل حكمهم ومصالحهم ، وكأن الشعب السوري ليس له مصلحة بفلسطين والأردني والمصري والعراقي وكل الشعوب العربية ، طالما الشق الامبريالي هو الشق الذي يقود السياسة الإسرائيلية . تذكرني هذه المبادرة بعنوان للكاتبة غادة السمان بعنوان أعلنت عليك الحب ، وجميل هذا الإعلان إذا كان هناك من هو جدير بهذا الحب والإعلان عليه .
حسنا إذا كانت الظروف التي تحيط بهذه القضية العادلة ، بل الأكثر عدالة في العالم ، وكون إنها عادلة هذا لا يعني إنها يجب أن تحل وينتزع الفلسطينيون حقوقهم في إقامة دولتهم على أرضهم وأن تكون القدس عاصمة لهذه الدولة ، وان يعود اللاجئون إلى ديارهم ضمن قرار الشرعية الدولية 194 ، فكل هذه الحقوق والتي لا تشكل كل العدالة ، إلا إنها دون ميزان قوى يستطيع فرض هذه العدالة ستبقى القضية في المتاهة ، ولن يدوخ الفلسطينيين بل سيدفعون دماء مجانية ، بمعنى أخر إنهم لن يحصلوا على حقوقهم بأقل التكاليف كما تحدد نظريات العمل الوطني والثوري التي تعلمنا ، وحيث أن قانون الكلفة والمردود أيضا قانون علمي وله دور في الواقع الذي يقول أن الدم الفلسطيني مرشح لكثير من السفك والنزف بظل الظروف التي تتحكم وتحيط به والنتيجة التي يعمل بها سياسيوه ستؤدي إلى لا شيء ، صفر .
كيف لنا أن نقف مرحليا بوجه هذه العاصفة التي تحيط بنا وفي ظل مجمل الظروف الذاتية الضعيفة والتي تهددنا بوحدتنا الوطنية ، كما تهدد المنطقة العربية وكلنا يرى أن العرب أوراق بيد مشروعين في المنطقة ، مشروع إمبريالي تفتيتي يسعى لنهب المنطقة من خلال الإبقاء على عوامل ضعفها ، وهي كثيرة ليست إعادة صياغتها من جديد مقدمتها ، إذ لم تكن حروب داخلية طائفية وعرقية سياقها ، ومشروع إيراني وهو رغم كل محاولات تمييزه عن الأخر إلا إننا نتوجس خطر حربه الداخلية ، عداك على عدم اضطرارنا أن نحشر بين هذين الخطرين ، وحري بنا أن يكون لنا مشروعنا العربي الخاص .
كيف يمكن أن نناضل ضمن هذه الظروف ؟
اعتقد أن الفلسطيني مضطر أن يكون لاعبا ماهرا ضمن هذه الظروف المعقدة ، وتحتم عليه شروط اللعبة مجموعة من الشروط كي يبقى في الميدان ، هذا الميدان المعادي والغير طبيعي ، إلا إنه له خطابه ومداخله وعلينا بهذه المرحلة ، أن نتقن هذا الخطاب ونقرع هذه المداخل ، وهذا مرحليا عل الأقل لأن المنطقة مقبلة على تغيير تستعر عوامله ومقدماته بعجز البني العربية كسلطات استثنائية غير قابلة للحياة , لعدم قدرتها على التجاوب مع متطلبات العصر ، وبهذا على الفلسطينيين أن يتجهوا ضمن هذا الواقع باتجاه المجتمع الدولي الذي ألزم نفسه بقرارات دولية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، وبهذا نكون قد حققنا شرط أولي في معادلة الصراع وهو إلزام المجتمع الدولي بالقرارات التي ألزم نفسه بها .
هل يكفي هذا من اجل أن يلتزم المجتمع الدولي بقراراته ، اعتقد أن هذا الإلزام يجب أن يقترن بسياسة وسلوك ونضال من طراز جديد ، أي الابتعاد عن العمليات الانتحارية ، والابتعاد عن إطلاق الصواريخ .
العودة لروح النضال السلبي وهو الاعتصام والمظاهرة ، والحجر ، والثقافة والتواجد في كل الميادين ، كما استعمال السلاح عند الضرورة بمواجهة توغل قوات العدو .
يجب أن تكون لدينا قناعة تامة أن إسرائيل لن تستجيب لهذه القرارات ، ونحن نعرف ذلك إلا إننا نتوخى نضالا من اجل استنهاض المنطقة العربية الذي يجب أن نكون جزء منه ، جزء له مصلحة بالتغيير بالمنطقة العربية والذي لن يحقق تنمية وتقدم دون إدراك خطورة هذا الكيان الذي يريد أن يكون جزء من مستقبل المنطقة المستغل والناهب لثرواتها ، وان نكون جزء من مشروع التغيير ، لا يعني أن نحمل مهام غيرنا ، وخارج مهامنا إلا أنه يجب أن نقطع كليا مع هذه الأنظمة التي لا تحترم جماهيرها ، فكيف ستحترمنا نحن .
هل يعني إننا إذ وجدنا شريكا ومناخا من اجل العيش بسلام في المنطقة لا نقبل بهذا ، لا على العكس يجب علينا أن نحصن أنفسنا بكل ما يجعلنا مقبولين لدى العالم ، شرط إننا أصحاب حق ، وهذه هي الإشكالية إن هذا الحق بحاجة لميزان قوى ، وبغيره لا مبادرة ولا سلام ولا عودة ولا تعايش ، وهذا ما تقفز عنه المبادرة ، وتحمل بين طياتها كما قلنا ، عوامل يأس لا تشكل خرق في جدار الحياة ، أي أن تمتلك المبادرة القدرة على الحياة والتفاعل لتأخذ دورها في التفاعل والتقدم لتصبح نهجا وبرنامجا .
لهذا أعود لأوضح وأقول ــ على الفلسطينيين بهذه الظروف أن يتمسكوا بحقوقهم بأسنانهم ، وبالقدر الذي حددته الشرعية الدولية ، بمعنى دولة فلسطينية ذات سيادة وعاصمتها القدس ، وتفكيك المستوطنات ، وعودة اللاجئين إلى ديارهم كما نص القرار الدولي رقم 194
ــ تبني خطاب سياسي ونضال متوافق ضمن هذه المطالب التي لا توافق عليها إسرائيل والابتعاد عن منطق النضال القائم على العمليات الانتحارية وإطلاق الصواريخ ، واستلهام روح الإبداع الفلسطيني التي تجلت بالانتفاضة الأولى .
ــ العمل على استنهاض المنطقة العربية وذلك من خلال الخروج من عباءة الأنظمة و تحميلها مسؤولية الوضع المأساوي الذي أوصل إليه الشعب الفلسطيني وهنا نحدد إننا لن نقوم بمهام الآخرين ، ولكننا بنفس الوقت يجب أن نقتنع أن النظام العربي جزء أساسي من نكبة شعبنا ويتحمل مسؤولية ما حصل لنا ولشعبنا العربي ، من ذل ومهانة واحتلال .
ــ في سياق نضالنا أن نكون قادرين على التجاوب بكل المبادرات التي يمكن أن تمكنا من أن نكون في الميدان ، ولكن شريطة إننا أصحاب حق عادل ونمتلك القدرة على السلام إذ كان الطرف الأخر يريد السلام القائم على الاعتراف والسيادة والاستقلال ، أو التعايش المشترك بنفس الحقوق والقوانين .
واقعية المبادرة .
هذه المبادرة تمتلك واقعيتها من خلال الشروط التالية ، مرحليا على الأقل .
ـــ الشرعية الدولية كمرجعية ، رغم كل الخلل القائم بها ، إلا أننا بحاجة لشرعية نضالية
ــ عدونا رضخ للشرعية الدولية ويناور بمفاوضات لا يبتغي منها حلا ، ولا يريد أن بقدم شيئا ، لماذا لا استعمل نفس التكتيك .
ــ عدونا يمتلك ميزان قوى قوي ولذلك يناور ويماطل رغم أنه محتل ، وعلى أن أبحث عن ميزان قوى يمكنني من انتزاع حقوقي ، والشعب العربي يشكل ميزان قوى وصاحب مصلحة أساسية بدحر هذه الثكنة ، وعلي أن يكون جزء من مستقبله وطموحه .
وأخيرا كلمة من اجل التاريخ على الشعب الفلسطيني ، أن يدرك أن فلسطين دون عودتها لمربعها الأساسي ، أي أرض عربية اغتصبت واحتلت من أجل مشروع استضعافها ونهبها ، وتحريرها مسؤولية عربية ، وعلى الفلسطيني أن يحصر نضاله كصاحب حق يرفع راية تحرير أرضه راية نهوض عربي لمستقبل عربي ديمقراطي علماني حديث ، وكل اتجاهات خارج هذا الفهم لا تعني سوى دفع دماء بالمجان من أجل وهم ، أو تسويق لسياسة لا تعنى بمستقبل المنطقة .
محمد زكريا السقال
برلين / 17 / 5 / 2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: هل تنجح مفاوضات الهدنة تحت القصف؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. مراسل شبكتنا يفصّل ما نعرفه للآن عن موافقة حماس على اقتراح م




.. واشنطن تدرس رد حماس.. وتؤكد أن وقف إطلاق النار يمكن تحقيقه


.. كيربي: واشنطن لا تدعم أي عملية عسكرية في رفح|#عاجل




.. دون تدخل بشري.. الذكاء الاصطناعي يقود بنجاح مقاتلة F-16 | #م