الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مناقصات ومزايدات على أسعار البشر العالم حين يزايد في الأخلاق بما يتعلق بالمسألة الإسرائيلية

ليندا حسين

2008 / 5 / 20
القضية الفلسطينية


ربما يغسل الغرب ضميره حين يصر على سماع عبارات التعاطف المطلق مع المشروع الصهيوني من المواطنين الأجانب والمتقدمين لطلبات الحصول على الجنسية. ربما يغسل مسؤوليته وشعوره بالعار فيما يتعلق بالمحارق المروعة في حق اليهود قبيل الحرب العالمية الثانية. إذ على العربي تحديدا أن يعترف وبإخلاص بـ "حق إسرائيل بالوجود" كي ينال رضى وزارات الداخلية في أوروبا. الكائن العربي الذي لم يسأله أحد طوال تاريخه عما يريد وعما يؤمن وعما يلائمه وعما يتمنى. الذي لقن كل شيء بتواطؤ مع العالم، كل العالم. الذي لم يقل كلمة لا في السياسة ولا في الدين ولا في تسعيرة الخبز ولا في كأس الماء. يطلب منه فجأة الحديث عن "رأيه" في واحدة من أكثر المسائل إشكالية وتعقيدا وإزمانا وغرابة وتشوها على مر الأزمنة. العربي حين يتلو المسألة الإسرائيلية على القالب الأوروبي حين يسطح على الطريقة الغربية ما يتعلق بإسرائيل فإنه حقيقة لم يفعل أي شيء جديد سوى أن يكون تماما كما أراده الآخر. أن يعيد السلوكيات التي ربي عليها في بلده حين كان يتلو الشعارات اليومية. أن يرفع يده تحية للجنرال. أن يحمد الله على الضراء. ويقبل يد أبيه التي ضربت أخاه.

إنه لتسخيف للجريمة بطرفيها. جرائم النازي في حق اليهود وجرائم إسرائيل ومن ورائها في طمس الهوية الفلسطينية وإبادة الشعب الفلسطيني. استخفاف بالتاريخ والمعاناة لتمريق المصالح والتصالح مع الجريمة حين يتم فتح هذه الملفات لسماع جمل "السلام" و "العيش المشترك" و "حق الوجود" التي تم تلقينها. تلك الجمل الشعاراتية البليدة المثيرة للشفقة. التي تختصر التواريخ والمجازر والأكاذيب والتزوير وتشريد الشعوب وتشويه الهويات إلى عقد تواطؤ وورقة بيروقراطية يتم تصديقها في المكاتب! إنه من جهة أخرى إصرار الغرب على الاحتفاء بالكيانات العنصرية ودعمها المطلق لما يتوافق ومصالحها السياسية والاقتصادية في دليل حي على بطر الغرب واستهتاره بكل الشعوب التي دفعت ثمن قوته وسيطرته وازدهاره. إنهم يغمضون العينين عن تجاربهم الاستعمارية في القرون السابقة عن تجاربهم في القتل والتمييز والنهب ثم إدارة الظهر كأن شيئا لم يكن. يصفي الغرب ربما ديونه مع الهولوكوست وغيرها من الجرائم العنصرية في أمريكا وإفريقيا وبلدان العالم الثالث حين يحتفي بالتجربة الصهيونية. هل كان يلزم للاعتذار كل هذا التدمير. هل هذا هو الندم الذي يظهره العالم من دروس التاريخ.

المشكلة لمن مايزال يستطيع الرؤيا ليست بالضبط في الأرض ولا في العقارات. إذ في ظل هذا النظام العالمي ليس من المستحيل أن يبني أي شخص بيتا وأن يتملك حيث يريد أن يتملك. والمشكلة ليست في المقدسات إذ هي نظريا وفي أكثر الحالات تصالحا مع القضية ليست سوى رموز للأشياء الجوانية. لب القضية يتمحور في التجرؤ على قدسية "الإنسان" الذي تم التفريط بحياته وكرامته بتواطؤ عالمي وفي ضوء الشمس. لا تشابه التجربة الفلسطينية أيه تجربة أخرى في العصور. في كونها إهانة لكل من عاصر الحدث ولكل من وعي الجريمة. إنها تهديد لإنسانية وكرامة كل بشر على هذه الأرض وتبخيس هائل في "قيمته". فإذا كانت جرائم التصفية العرقية التي تفنن الاستعمار الغربي فيها فيما مضى لم تنقلها شاشات التلفزة ولا حللتها وسائل الإعلام ولا وثقتها الأقمار الصناعية، وإنما تم نبشها فيما بعد من أصحاب الضمير والذين غامروا في الغوص في التاريخ العفن للمدنية والمدن الصناعية. فإن ما حدث في فلسطين كان أمام مرأى العالم وبتواطؤ وصمت دولي. ثم بعد ذلك يرقصون للسنوات الستين من عمر الدولة الإسرائيلية ويريدون منا أن نصفق معهم. ولا أريد أن أعرف عدد المهرجين الذين اندفعوا يرقصون فوق الجثث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا: ماذا وراء لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني


.. صفاقس التونسية: ما المسكوت عنه في أزمة الهجرة غير النظامية؟




.. تونس: ما رد فعل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بعد فتح تحقيق


.. تبون: -لاتنازل ولا مساومة- في ملف الذاكرة مع فرنسا




.. ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24