الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نتائج مؤتمر الدوحة - هدنة هشة قائمة على اتفاق غامض تمهيدا لجولات اخرى

ابراهيم علاء الدين

2008 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


اينما يكون لبنان لا بد وان تتركز الاضواء ، وهي مركزة الان علي العاصمة القطرية – الدوحة ، حيث يجتمع زعماء أربعة عشر فريقا سياسيا, للبحث في الازمة التي تشهدها لبنان منذ اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري كما يعتقد البعض ، فيما هي ازمة ممتدة منذ قيام الكيان اللبناني عام 1943.
وتعقد الاجتماعات برعاية قطرية على أعلى المستويات وبمشاركة عربية واسعة ، وبتأييد من الاطراف الرئيسية ذات الصلة والتاثير بالساحة اللبنانية في مقدمتها المملكة العربية السعودية ومصر ومن ورائهما الولايات المتحدة ومن جهة اخرى سوريا وايران .
ويأمل كثيرون ان يتوصل المجتمعون الى توافق يؤدي الى تهدئة الاوضاع في لبنان بعد الاحداث السياسية العاصفة نسبيا التي شهدتها قبل اسبوعين تقريبا ، فيما يشكك اخرون بامكانية التوصل الى تفاهم بين الفرقاء نظرا للتباينات الواسعة في وجهات النظر الناتجة عن التناقضات السياسية الحادة بين الاطراف التي يتكون منها النسيج الاجتماعي اللبناني والتي هي نابعة اصلا عن التناقضات العميقة بين مصالح تلك الاطراف.
ولذلك فان ما يجري في الدوحة هو دوار وليس حوار ، دوار في نفس الحلقة المفرغة، ولن يتمكن الزعماء اللبنانيون المجتمعون في الدوحة من التوصل الى حلول جذرية للمشكلات المستعصية ، مهما كان وزن الحضور القطري ومهما ابدت الدول ذات المصالح بلبنان من مرونة.
فالمشكلة الرئيسية في لبنان هي عدم وجود دولة اصلا ، حيث ان ما يوجد في لبنان كغيره من كثير من الدول العربية هي مؤسسات دولة وليست دولة ، لان الدولة هي باختصار شديد تقوم على عقد اجتماعي كامل يشمل كافة مناحي الحياة ويقوم على وحدة مصالح مجموعة من البشر يجدون ان من مصلحتهم ايجاد دولة تنظم شؤونهم.
لكن ما حدث في لبنان (ايضا كغيره من دول عربية) ان هناك مجاميع من البشر توحد بين كل مجموعة عناصر محددة جوهرها العام المذهب الديني، اي ان الدين او المذهب هو العنصر الاساس في تكوين المجموعة، ومن ثم نشأت على اساس التضامن المذهبي مجموعة من المصالح وترتب على ذلك مجموعة من الحقوق والمطالب.
وقد اتفقت هذه المجموعات على التعامل فيما بينها وفق شراكة قائمة على توزيع المنافع والحقوق في ظروف وموازين قوى محددة في زمن محدد، وهذه الشراكة لم تنجب دولة لتقوم بدورها في خلق مؤسساتها ، بل ما جرى انه على ضوء الاتفاق بين المجموعات اقيمت مؤسسات على ان تقوم هذه المؤسسات ببناء الدولة الحديثة . (العربة امام الحصان).
وبالطبع لا يمكن انشاء دولة حديثة وفق هذا النظام ، لان الصراع بدرجاته المختلفة في ازمان مختلفة سيظل على الدوام يمنع اقامة هذه الدولة، نظرا لان معظم المجموعات لا تريد تثبيت الاوضاع على ما هي عليه، بل انها تعمل على تقوية مجموعتها وتعمل على اضعاف المجموعات الاخرى لتفوز بمكاسب اكبر في الدولة المراد اقامتها.
ولذلك تتواصل الازمات في لبنان وترتفع الى درجة الصراع المسلح احيانا ، وتخفت احيانا لتتقتصر على الصراع السياسي , فيما التعبئة والتحريض الاعلامي لا يخفت في اي وقت من الاوقات.
وفي سياق البحث عن تطوير قوة المجموعات لجأ الكثير منها الى الخارج يستمد منه بعض القوة، مما جعل لبنان ساحة ليس فقط للصراع المحلي بين المجموعات بل ساحة لصراع القوى الاقليمية والدولية ايضا.
وما يجري اليوم من صراع في لبنان هو في ذات السياق كل مجموعة من المجاميع تحاول ان تحصل على اعلى درجة من المكاسب وان تفوز بموقع مقدم في ميدان السيطرة على الدولة المراد تاسيسها.
ولذلك تبرز قضية سلاح حزب الله والمطالبة بنزعه من قبل ما تسمى بقوى السلطة لانها تدرك ان هذه السلاح منح الطائفة الشيعية وتحالف المعارضة قوة يمكنها بواسطته من تحقيق مكاسب على حسابها ، ولذلك توحدت مواقف سمير جعجع وسعد الحريري وامين الجميل ووليد جنبلاط على ضرورة طرح موضوع السلاح على طاولة الحوار، وطالبوا بان يتضمن الاتفاق سيطرة الدولة (الجيش) على سلاح حزب الله ، ويرد حزب الله على هذه المطالب بان السلاح هو لمقاومة العدو الاسرائيلي وهو ادعاء غير حقيقي ، وان كان فعلا سوف يستخدم في مواجهة اي عدوان اسرائيلي على لبنان ، ولكن الهدف الرئيسي والمباشر هو استخدام السلاح في تعديل وتغيير موازين القوى محليا، ولذلك من الصعب ان لم نقل من المستحيل ان يسلم حزب الله سلاحة بدون مقابل، وهذا المقابل يجب ان يكون بحصول الطائفة الشيعية على حصة كبيرة في الدولة المراد قيامها.
لذا فمن غير الممكن الاتفاق على هذا الموضوع في حوارات الدوحة.
اما الموضوع الثاني المستعصي على الحل ايضا فهو موضوع النظام الانتخابي وبغض النظر عن تسمية هذا النظام (قانون 1960 – اعتماد نظام القضاء ، او النظام الحالي او اي نظام جديد) فان كل طرف من الاطراف يسعى ليضمن من خلال النظام الانتخابي على ما يمكنه من الفوز بحصة مؤثرة في النظام السياسي البرلماني وبالنتيجة الحصول على موقع مؤثر في القرار السيادي للدولة.
ويبدو ان الطائفة الشيعية لا ترى ان الوقت مناسب للكشف عن مطالبها ورغبتها بزيادة حصتها نسبة الى عددها وقوتها وامكانياتها المتعددة ، رغم انها ترى انها مغبونة غبنا تاريخيا حيث ان مشاركتها السياسية لا تتناسب مع عددها كونها اكبر طائفة من حيث العدد في لبنان، وترغب بتاجيل هذا الموضوع حتى تتوفر ظروف سياسية محلية واقليمية افضل.
فيما القوى الاخرى (بعض القوى المسيحية + بعض الطائفة السنية) ترى بان الظرف الاقليمي والدولي يسمح بتحجيم الطائفة الشيعية ومشروعها السياسي الان على الاقل لفترة طويلة من الزمن يمكن خلالها تعزيز القوى والتحالفات بما يحافظ على بقاء القوى المسيحية في طليعة المجتمع بالمشاركة مع الطائفة السنية فيما تظل الطائفة الشيعية في المرتبة الثالثة .
اذن ان الصراع الذي يشهده لبنان حاليا وسابقا وفي كل الاوقات هو صراع سياسي يستند الى قوى طائفية وهو صراع مصالح وصراع نفوذ وصراع بين موزازين قوى محلية واقليمية ودولية، يظن فريق الموالاة ان الظرف مناسب لتحقيق تفاهمات تؤمن لها هيمنتها وسيطرتها، فيما لاترى المعارضة ذلك انطلاقا من عدم رغبتها وقدرتها على حسم الامور لصالحها بالكامل ولا ترى اي امكانية لتحقيق مصالحة تاريخية في الوقت الراهن وان الظرف لا يسمح باكثر من اضعاف قوى المعارضة وانتزاع بعض المكاسب الصغيرة.
وبالتالي فان التهدئة وتجميد الاوضاع على ما هي عليه مع تغيير بعض الشكليات هو المتاح في الوقت الراهن.
لذلك نعتقد ان افضل ما يمكن ان يخرج من حوارات الدوحة هو هدنة وتهدئة لا اكثر ولا اقل ، وبالتالي فان اتفاق الدوحة لن يكون اكثر من ديباجات عامة يكتنفه الكثير من الغموض والجمل القابلة لاكثر من تفسير بحيث لا يشعر اي طرف بانه مهزوم ويخرج الجميع من هذه المعركة بشعور لا غالب ولا مغلوب.
ويبدو ان القوى الاقليمية تقبل بهذا المخرج طالما انها لا تمتلك قدرة حقيقية على توفير ما يحتاجه حلفائها من قوى (عسكرية على الاغلب) لمواجهة القوة العسكرية لحزب الله.
كما ان القوى الدولية ليست مهيئة هي الاخرى للقيام بعمل عسكري لتحطيم القوة العسكرية لحزب الله وبالتالي تقبل بالتهدئة.
لذا يمكن القول ان تاجيل حسم المعركة هو الخيار الوحيد للطرفين ، المعارضة زعامة حزب الله لتعزيز قواها العسكرية والاجتماعية، واطراف السلطة للقيام بمزيد من الجهود السياسية (السرية على الاغلب) لاقناع حلفائها الاقليميين والدوليين باهمية القيام بعمل عسكري لتدمير قوة حزب الله.
وعلى اساس هذا التحليل فان من الممكن ان نستنتج ان لبنان ينتظر حرب ضارية سوف تشنها اسرائيل كونها الوحيدة المهيئة للقيام بهذا الدور لتدمير القوة العسكرية والمادية لحزب الله ، والذي اذا انتهى ينتهي حلفاؤه وتتضائل المعارضة.
واذا كان حزب الله كما يدعي انه حزب المقاومة ومواجهة اسرائيل ولكي يواجه السيناريو الذي يعده خصومه فعليه ان يتخلى عن طابعه الطائفي وعن خضوعه لولاية الفقيه وان يكون حزبا عربيا لكل اللبنانيين محليا وغير اللبنانيين من العرب خارج لبنان. وسوف يجد ملايين العرب ترحب بقيادته لخوض المعركة الحضارية الضارية القائمة ين الامة العربية كلها وبين اسرائيل والقوى التي تساندها.
[email protected]
ابراهيم علاء الدين - صحفي فلسطيني - الكويت









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الثقة بين شيرين بيوتي و جلال عمارة ???? | Trust Me


.. حملة بايدن تعلن جمع 264 مليون دولار من المانحين في الربع الث




.. إسرائيل ترسل مدير الموساد فقط للدوحة بعد أن كانت أعلنت عزمها


.. بريطانيا.. كير ستارمر: التغيير يتطلب وقتا لكن عملية التغيير




.. تفاؤل حذر بشأن إحراز تقدم في المفاوضات بين إسرائيل وحماس للت