الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إدارة الصراع باستخدام العنف

حسين علي الحمداني

2008 / 5 / 20
الارهاب, الحرب والسلام


لا زال مفهوم العنف يأخذ منحنيات تفسيرية متفاوتة يصعب معه الإرساء على قاعدة تعريفية محددة، حيث يرى الكثير من الباحثين والفلاسفة أن العنف ظاهرة إنسانية طبيعية حيث وجد مع الإنسان في كل التاريخ البشري فقد اعتبر هوبز هذه الحالة حرب الجميع ضد الجميع ويؤيده فرويد حيث يعتبر الإنسان كائناً تنطوي مكنوناته الغريزية على قدر لا يستهان به من العدوانية ويرى أن الحضارة مهددة باستمرار لأنه الأهواء الغريزية أقوى من الاهتمامات العقلية فيما يربط (جور) بين الإحباط (Frustration) والعدوان (Aggression) حيث يؤكد أن الحرمان النسبي يؤدي إلى التوتر الذي ينشأ عن التعارض بين ما ينبغي أن يكون وبين ما هو كائن بالفعل فيما يتعلق بإشباع القيم الجماعية، الأمر الذي يدفع الأفراد إلى العنف .
لكن ماركس يخالف ما ذهب إليه الآخرون حيث يعتبر العنف ظاهرة غير طبيعية بل سمة للحالة الاجتماعية التي أفسدها الاستئثار بوسائل الإنتاج، فهو صراع طبقات وليس صراع الجميع كما يقول هوبز.
إذن هو صراع طبقات وهذا الاستنتاج يمكننا ان نوصف به ما حصل في العراق قبل عمليات فرض القانون منذ أكثر من عام حيث أن النظام الدكتاتوري في العراق استطاع ان ينشأ طبقات اجتماعية داخل المجتمع الواحد وبسقوط هذا النظام سقطت امتيازات هذه الطبقة أو تلك فتحولت الى العنف لتحقيق غاياتها وفي مقدمتها جر البلاد الى موجات عنف متعددة وخسائر بشرية ومادية وتعطيل الحياة قدر الإمكان؟ وما دفع تلك الجماعات إلى اتباع العنف كطريق هو الشعور بالتهميش أولا ومن ثم محاولة إشعار الآخرين بالقوة ان النظام في السابق أفضل بكثير من حيث الأمن والأمان وربما وجدنا الكثير من أبناء العراق يردد هذه المقولة وهي مقارنة خاطئة وظالمة في نفس الوقت اذا ما اعتبرنا ان الذي يعبث بالأمن والنظام هم من كانوا مسؤولين عنه في السابق.
والذي يلاحظ أمراء تنظيم القاعدة الإرهابي في العراق والذين يتم إلقاء القبض عليهم بين الحين والآخر او من الأحاديث التي تدور في الكثير من المدن العراقية نجد انهم في زمن حكم الطاغية من حاشيته وبطانته سواء في اجهزته الأمنية او المخابراتية او كوادر الحزب او واجهة تجارية تختبىء خلفها رموز النظام وهؤلاء بين ليلة وضحاها أصدروا حكم فردي على المجتمع بالردة والكفر وعندما نقول المجتمع لا نبالغ بهذا فهؤلاء اعتبروا كل الشيعة كفرة والسنة مرتدين والأكراد متصهينين!!! ويا للعجب من هكذا حكم . فمن هم إن لم يكونوا من تلك المسميات؟
وما حصل في العراق كان يجب أن يكون متوقعا من قبل الحكومات العراقية التي تعاقبت بعد التاسع من نيسان لو اتيحت لها فرصة استقراء منظومة الحكم العربي القائمة على العنف والقوة حتى من قبل الأنظمة الحاكمة نفسها التي كانت ولا زال بعضها يسيطر على الشعب بالقوة والإرهاب وأغلب الأنظمة العربية تمارس الإرهاب أي إرهاب الدولة في سبيل تحقيق سيطرة شاملة على شعوبها ومن الضروري ان نضرب أمثلة على ذلك في استخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة وقمع الانتفاضة في ربيع 1991 والشواهد كثيرة في المدن العربية الاخرى, ودائما ما كان يستخدم الجيش أو الحرس الخاص لتنفيذ هذه العمليات.
نقول كان يجب ملاحظة ذلك من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة بعد سقوط الطاغية لتلافي ما يمكن تلافيه من خسائر خاصة وان العقلية السياسية الحاكمة في العراق هي جزء من منظومة الحكم العربية القائمة أصلا على العنف والاستبداد وقانون ((القرية)) وتلك ملاحظة مهمة حيث نجد إن أكثر المناطق الساخنة في العراق تحاذيها قرى شكل عدد من سكان هذه القرى رقم كبير في الأجهزة الأمنية والمخابراتية والحزبية أبان حكم الطاغية وبالتالي فأن هؤلاء الذين وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها بلا نفوذ اجتماعي وموارد مالية انتقلوا من مرحلة اداء الفرائض الدينية الى مرحلة اصدار الفتاوي وتطويل اللحى وتقصير الثياب وبدؤا مرحلة تكفير الجميع وتفخيخ الجميع وتهجيرهم .
السؤال المطروح الآن هل الذي حصل هو عنف أم إرهاب؟
العنف من العناصر الأساسية للفعل الإرهابي حيث يعرف الإرهاب بأنه عمل رمزي فهو لا يستهدف الضحية في ذاتها وحسب ولكن النظام أو الجماعة أو الدولة التي تنتمي إليها، بلغة أخرى يمكن القول أن الفعل الإرهابي يعد رسالة موجهة إلى الآخرين والهدف الأساسي منه إحداث أثر نفسي سلبي يتمثل في حالة من الخوف والقلق والرعب والتوتر لدى المستهدفين حيث يمكن في إطارها التأثير على توجهاتهم وسياساتهم. ويقوم الإرهاب السياسي على الاستخدام المنظم للعنف أو التهديد باستخدامه وهو ما حصل في العرق حيث الخوف والقلق والرعب الذي لازم الكثير من المدن العراقية في فترة ما قبل عمليات فرض القانون في بغداد وعمليات ديالى والبصرة وأخيرا في الموصل . والمتابع اللبيب يجد ان بانهيار الإرهاب بكل إشكاله انهار معه أيضا الخطاب السياسي للكثير من القوى السياسية في العراق وشعر المواطن العراقي بتغيير كبير في الخطاب السياسي وهذا متأتي من ان البعض كان يستخدم العنف كإحدى آلياته في إدارة الصراع وحسمه وتتوقف شدة الصراع على كم وكيف العنف المستخدم فيه، من هنا فإن السلوك الصراع من الممكن أن يكون عنيفاً أو غير عنيف , وهذا الصراع كان واضحا بين الحكومة ذات الاغليية وبعض الساسة الذين لم يحظوا بقوة برلمانية كافية تؤهلهم للإمساك بزمام الأمور فعمدوا الى استخدام العنف وتفعليه كورقة ضغط لنيل بعض المكاسب وهذا بحد ذاته مرفوض, نقول ان إجراءات الحكومة وجرأتها وحسمها للكثير من القضايا وعملياتها العسكرية والأمنية وضربها بقوة للإرهاب أسقطت ما يمكن أن نسميه (( الجناح العسكري )) للعنف والإرهاب وبالتالي فان (( الجناح السياسي)) من الضروري جدا ان ينتهج أسلوب جديد وآلية جديدة قد تكون إيجابية هذه المرة وهذا ما نتمناه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المناظرة بين بايدن وترامب.. ما أبرز الادعاءات المضللة بعد أد


.. العمال يحسمون الانتخابات قبل أن تبدأ، ونايجل فاراج يعود من ج




.. لماذا صوت الفرنسيون لحزب مارين لوبان -التجمع الوطني-؟


.. ما نسبة المشاركة المتوقعة في عموم أسكتلندا بالانتخابات المبك




.. لجنة أممية تتهم سلطات باكستان باحتجاز عمران خان -تعسفا-