الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرسان بشت آشان..!

كاظم الموسوي

2008 / 5 / 21
سيرة ذاتية


-58-*
سالمة يا سلامة
رحنا واجينا بالسلامة
شفنا الحرب وشفنا الضرب
وشفنا الديناميت بعنينا
مهما يكون.. كله بيهون
إلا وطننا ما بيهونش علينا

من الحان سيد درويش

زيارات ووفود وتجميع وتوزيع بين الرفاق والمجموعات .. حركة مستمرة بين المقرات الموقتة، بين القيادة والرفاق الموزعين في بيوت محددة ومعروفة أو في الجامع أو في بعض غرف لمقرات الفصائل الحليفة الأخرى، في القرى الإيرانية الحدودية، والتي يسكن اغلبها اكراد ايرانيون وعراقيون مهجرون أو مهاجرون وفيها نشاطات واضحة لعدد من منتسبي الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني أو منظمة فدائي خلق من المجموعة المنشقة منها في المنطقة، والتي تتزعمها سيدة كردية معروفة، وبالتاكيد الأحزاب الكردية العراقية. لم تعهد القرى مثل هذه الحركة أو الحراك الداخلي والوجوه الغريبة عليها، ولكنها بالتأكيد تتفهم ما يجري أو تتعاطف في أعماقها معها وحسب معرفتها أو إدراكها لما يحصل من حولها، واغلبها عاشت جزءا من هذه الصورة إذا لم تكابدها كاملة وتوشم بآثارها قصفا أو دمارا مرسوما.
صباحا اقترح حاتم الذهاب إلى نهر صغير في طرف القرية الشمالي، بسرعة توجهنا هناك حاملين همومنا وملابسنا لنغتسل، بالصابون المتوفر معنا.. نغيّر مناخاتنا وأجواءنا ونطهر بعض ألم أو قهر يتنامى، إلا أن رطوبة الجو والغيوم الملبدة التي تمر سريعا علينا دفعتنا للعودة قبل أن تهطل مدرارا ولا حماية منها. عدنا سريعا الى المقر والفينا الرفيق ابا عباس وهو منتظر عودتنا من النهر مبتسما من مغامراتنا الصباحية والبلل واضح علينا.
عند الظهيرة وتحضير الغذاء اخبرنا باجتماع القيادة وإصدار بيان باسم المكتب السياسي حول الأوضاع، وسلمني النسخة الكاملة لأقرأها بصوت عال للجميع. بيان المكتب السياسي حاد النبرة وواضح العبارة، وفيه محاولة لامتصاص الغضب، وتغير الموازين بين أعضاء القيادة أنفسهم، ووجود صقور من العرب فيهم، وبينهم أبو عباس نفسه، وغيره ممن فرضوا لغة البيان وصياغته. ومن عنوانه تقرأ رسالته: جريمة بشعة ضد حزبنا والجبهة الوطنية الديمقراطية (جود) ترتكبها قيادة أوك بالتواطؤ مع السلطة الدكتاتورية الفاشية. وخاطب البيان جماهير شعبنا المناضل والأنصار البواسل، مؤرخا في 8/5/1983 مبتدأً: "أقدمت قيادة اوك في الأول من أيار الجاري على ارتكاب جريمة بشعة لم يسبق لها مثيل. وذلك بقيامها بهجوم غادر على منطقة بشت اشان، على مقر المكتب السياسي لحزبنا والمراكز الإعلامية والطباعة والعوائل والمدنيين من أعضاء وكوادر حزبنا ومقرات الحزب الاشتراكي الكردستاني – العراق ومواقع أخرى لأطراف جود.
وقد دلت وقائع الهجوم الوحشي الغادر على انحطاط خلقي كبير وحقد دفين يتملك قادة اوك ضد حزبنا وقوى جود تجسد في السلوك البربري ضد رفيقاتنا ورفاقنا حتى ممن ليست لديهم مهمات قتالية وقتل الجرحى والتمثيل بجثث الضحايا، وقتل عدد ممن وقعوا بأسرهم بجبن، مما تأباه كل القيم والأعراف الدينية والإنسانية. وكذلك تعريض الناس العزل والنساء والأطفال إلى الإرهاب الدموي والمعاملة اللاإنسانية.
لقد اظهر (فرسان العمل الثوري) كما يحلو لهم أن يسمو أنفسهم، (بطولاتهم) ضد رفيقات لنا بعمر الورود جئن يشاركن في النضال ضد الدكتاتورية الفاشية، وقتلوا العديد منهن ممن عرفتهن الجماهير الفلاحية الكردية مثالا مشرفا للنساء العراقيات المناضلات المضحيات. وقتلوا عددا من شغيلة الطب الذين كانوا في خدمة رفاقهم الأنصار وجماهير القرى الكادحة، وقتلوا عددا من الكوادر الحزبية التي أفنت زهرة شبابها في السجون والمنافي وظروف العمل السري الشاق والملاحقات القاسية، وعددا من الكوادر الشابة التي كرست نفسها للنضال من اجل قضية الشعب وحقوقه الديمقراطية، وحقوق الشعب الكردي القومية العادلة.
لقد تجاوز عدد ضحايا حزبنا المائة والعشرين مناضلا ثوريا بينهم اكثر من خمسين شهيدا والباقون بين جريح ومفقود. أو وقع في اسر الزمر الهمجية التي لم يردعها العرف والخلق السياسي عن قتل العديد منهم علانية وعلى الطرقات. إن هذه الضحايا إضافة إلى ضحايا الطرف المهاجم هي حصيلة الاستهتار الفظ بأرواح الأنصار "البيشمركة".
لقد وجهوا بهذا المسلك الإجرامي طعنة للاخوة العربية - الكردية ووحدة نضال الشعب العراقي ضد عدوه المشترك. وان عار الجريمة سيلاحق قادة اوك ما داموا أحياء على قتلهم المناضلين الذين افلتوا من قبضة الفاشية الدموية من بغداد والبصرة والنجف والعمارة ومن كل مدن العراق، هؤلاء المناضلين الذين قطعوا المسافات الطويلة والمسيرات الشاقة وتدربوا على حمل السلاح وخاضوا المعارك البطولية ضد سلطة صدام الفاشية من اجل الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان."
وأشار البيان إلى إسكات الإذاعة وتخريبها وأضاف: "وبرغم بشاعة هذه الجرائم وجسامتها واشمئزاز جماهير شعبنا منها وإدانتها لمرتكبيها لم يتورع قادة الحملة عن التبجح بها والمفاخرة بإنجازها باعتبارها نصرا عظيما ما بعده نصر، وراحوا يذيعون التهاني التي تسلموها من امثالهم من الحاقدين والمشبوهين المعادين للشيوعية والحركة الوطنية. وللتغطية على هذه الجرائم النكراء وتبريرها بنظر الاتباع والمضللين الذين دفعوا للقيام بها ولمواصلة دفعهم لارتكاب أمثالها، ولتضليل الجماهير عن حقيقة ما جرى، شن قادة اوك حملة إعلامية لا تليق بأناس يحترمون أنفسهم، انطوت على دلالات بالغة".
واسهب بيان المكتب السياسي في مناقشة هذه الدلالات والاتهامات من اوك على الحزب وعلى مساعيه في تعزيز وتطوير التحالفات السياسية وبناء الجبهة الوطنية العريضة للنضال لإسقاط الديكتاتورية وإنهاء الحرب الجارية بين العراق والجارة إيران، والرد على تخرصات قادة اوك ودعايتهم المعادية للحزب ونشاطاته الجبهوية. وأضاف البيان في رده: " انهم يلاحقون وهما يستحيل تحقيقه، وهم تصفية أحزاب وقوى وطنية لها مكانتها وتاريخها النضالي، ويسعون بكل ما يملكون من جهد لتفتيت جود، والانفراد بكل طرف من أطرافها على حدة، وهو جهد لن يكون مصيره غير الفشل والخذلان. إن دماء الشهداء الأبرار الذين سقطوا صرعى عدوان اوك هي مشاعل تنير طريق كل المناضلين من اجل العراق الديمقراطي المزدهر. وهي لطخة عار في جبين القتلة المجرمين مفرقي الصفوف، الضالعين في المخططات الرجعية الإمبريالية". وانتهى المكتب السياسي إلى مخاطبة الأحزاب العراقية والجماهير إضافة إلى الأنصار إلى اليقظة والانتباه من دسائس الاعداء الامبرياليين والطغمة الحاكمة والى مزيد من التضامن والكفاح المشترك واحباط المؤامرة الكبرى التي تتعرض لها الحركة الوطنية العراقية كلها. ومناشدة المنظمات والأحزاب العربية وقادة جبهة الصمود والتصدي إلى تقديم الدعم لشعبنا وقواه الوطنية في نضالها ضد الحكم الدكتاتوري. واختتمه بـ:" إن حزبنا لعلى ثقة أكيدة من أن تماسك قوى شعبنا الوطنية ومناضليه الشجعان وأنصاره البواسل، وتضامن أصدقاء شعبنا من قوى حركة التحرر الوطني العربية والقوى التقدمية العالمية كفيل بالحاق الهزيمة باعداء شعبنا ومخططاتهم التامرية. المجد والخلود للشهداء الأبرار، والعار للقتلة، والسقوط المحتم للمخططات الرجعية الإمبريالية، والنصر لشعبنا المناضل".
التوقيع: المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي في 8/5/ 1983.

________________________________________________________
* فصل من كتاب صدر قريبا للمؤلف بعنوان: بشت آشان.. فصيل الإعلام عن دار خطوات – دمشق ( تلفون 00963115629057)، وهو الكتاب الثاني من يوميات نصير في كردستان العراق، حيث صدر الأول باسم: الجبال عن دار الكنوز الأدبية، بيروت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد| اعتراض قذائف أطلقت من جنوب لبنان على مستوطنة كريات شمو


.. حصانة جزئية.. ماذا يعني قرار المحكمة العليا بالنسبة لترمب؟




.. المتحدثة باسم البيت الأبيض تتجاهل سؤال صحفية حول تلقي بايدن


.. اليابان تصدر أوراقا نقدية جديدة تحمل صورا ثلاثية الأبعاد




.. تزايد الطلب على الشوكولا في روسيا رغم ارتفاع سعرها لعدة أضعا