الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلف الأصوار

مصطفى العوزي

2008 / 5 / 23
الادب والفن



لقد سئمت التردد هكذا قلت في نفسي وأنا أخطو الخطوة الأولى لولوج الفصل، كان هذا الأخير مملوء عن آخره بالطلبة، الجدد منهم والقدامى فالكل اليوم على موعد مع الأستاذ ليقدم له العروض المنزلية.

ترددت كثيرا قبل اختيار مكانا مناسبا يساعدني على مشاهدة الأستاذ وهو يلقي محاضرته، فمشكلتي تكمن في قصر قامتي والتي تكون عادة عائقا يحول بيني وبين مشاهدة الأساتذة، وما هي إلا دقائق حتى التحق بي زميلي وجلس بقربي يطلعني على ما جد في عالم الأدب والفلسفة، فعشقه لهذه الأخيرة جعله يقرأ العالم بأفكار نتشه وسارتر وغيرهم من رواد الفكر الفلسفي.

إنطلق الأستاذ في إعطاء محاضرته والتي تتعلق بأحد الكتب الفكرية المعنون بـ: " شمس الله الساطعة على الغرب"، بدأ النقاش حول هذا الكتاب بعدما قدم لنا الأستاذ أرضية خصبة للنقاش حوله، غير أنني في تلك اللحظات كنت قد إنغمست في إعادة شريط العشرين سنة الماضية، فاليوم أكملت سنتي العشرين، أحاول استذكار ماضي هذه السنوات بحلوها ومرها بأفراحها وأحزانها، أتذكر أيام الدراسة الابتدائية، كنت ذا خجل كبير خجل منعني غيرما مرة من البروز والتفوق دراسيا، أتذكر مغامراتي الغرامية أيامها، عشق طفولي غير أنه ناضج لمستوى لا يتصور، كنت دائما أسعى إلى لفت إنتباهها بطريقة فنية، كان التقابل بيني وبينها في الحرف الأول من إسمينا، واليوم تجدني أطلع تلك الصدفة الغريبة، فجل من أغرمت بهم يبدأ إسمهم بحرف الميم، أكون صادقا إذا ما قلت أن جل الأحداث الماضية والتي أنا اليوم أحاول إستذكارها كانت متأرجحة بين السعادة البائسة والمرارة السعيدة، عند استكمال المشوار الابتدائي حللت ضيفا على إعدادية المدينة، مؤسسة سمعت عنها الكثير، غير أن أجمل ما سمعنا عنها هو أن سنوات القمع تنتهي هنا، لأنها ولا شئتم، سوى طرد يكون جميلا في بعض الأحيان، خصوصا في تلك المواد الدراسية التي كانت عادات تثير إشمئزازي، كنا نحب الدراسة في المساء لسبب واحد هو الخروج من الفصل مع جنوح الظلام، والذي كنا نستغله كثيرا فندق ناقوس عمارة أو بيت ما ونفر بسرعة فائقة، كانت تلك العمليات الصبيانية وغيرها تشكل لنا سعادة كبرى نحس بها ونحن عائدين إلى بيوتنا، عادة ما كنت أقود المجموعة للقيام بتلك العمليات وذلك لغرض في نفسي هو الإسراع قصد الوصول إلى مسجد الحي وتلاوة حزب المساء لأفلت من عقاب أبي عند عودته إلى البيت ليلا، كان برنامجي اليومي في تلك الفترة قاسيا للغاية، قيام مبكر وتلاوة للقرآن وللمتون الفقهية ثم التوجه إلى المدرسة، غير أن تلك الأيام كانت غاية في النشاط، يوم الجمعة هو يوم لعب الكرة مساء، نلتقي في ملعب خلف المدرسة وتتوزع إلى فرقتين، وعادة ما كان الفريق الخصم هو الأقوى لأن القاعدة كانت تقول القوي جنب القوي والضعفاء يقتسمون الهزيمة، واليوم أقف وقفة تأملية في الماضي لأرى جماليته التي غابت عني في تلك الأيام، أقرأ التاريخ من زاوية أخرىـ وأحاول استنباط ما جاء به من أحداث جميلة، حتى القبيحة منها تنقلب اليوم إلى أحداث رائعة، الحاضر يعكس الماضي بمرآة ذهبية.

" شكرا أعزائي على حسن الإصغاء"، قالها الأستاذ وهو ينهي محاضرته، لتنتهي معها رحلتي في الماضي الجميل، أعود للحاضر وأعود لزملائي، وأعود لهذا اليوم، يوم ذكرى ميلادي، تاركا، الماضي خلف الأصوار، أصوار الطفولة والمراهقة، فاليوم أكملت العشرين سنة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-