الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احتكار الوطنية مرة أخرى

خالد الكيلاني

2008 / 5 / 23
السياسة والعلاقات الدولية


يبدو أننا مرغمون مرة أخرى على العودة لمسألة احتكار الوطنية. صبيحة الأربعاء الماضي كتب الصديق الدكتور محمد السيد سعيد في البديل محللاَ الوضع في لبنان بأنه صدام بين وعيين، وعي نضالي مقاوم يرتكز على رسالة دينية ووطنية ويمثله حزب الله، ووعي "بيزنسي" ليست لديه أية رسالة أو قيم عليا أو هدف سام!!، ويمثله تحالف الحريري / جنبلاط.
وصبيحة الجمعة قبل الماضية، وبينما كان القتال يدور في شوارع بيروت، التقيت في مقهى فندق قريب من مطار القاهرة بصديق فلسطيني يعمل كاتباَ صحفياَ في صحيفة لندنية، كان قادماَ من برلين في طريقه لصنعاء وتوقف في القاهرة لثلاث ساعات، ثم لحق بنا دبلوماسي عربي سابق كان يعمل سفيراَ لبلاده في القاهرة، ويقيم في مصر لبعض الوقت، دار حديثنا بالطبع حول ما يحدث في لبنان، وكان رأي الكاتب الصحفي – ومعه إلى حد كبير – السفير السابق أن من حق حزب الله أن يفعل ما فعل لأنه – برأيهم – ليس في لبنان دولة تستحق أن تحترم قراراتها!!، ولآن أقطاب الموالاة هم مجموعة من العملاء والخونة لأمريكا وإسرائيل!!، ولأن شبكة الاتصالات الخاصة بحزب الله – محل النزاع – موجودة منذ عام 2000 فلماذا تذكرتها الحكومة الآن؟!!، كما أن حزب الله هو صاحب النصر العربي الوحيد على إسرائيل، ولذلك فله أن يفعل ما يريد في لبنان والمنطقة!!.
ومساء الثلاثاء الماضي جمعتني أمسية في نادي قاهري عريق بمثقف مرموق وصاحب منصب قضائي رفيع، ومعنا ناشط حقوقي يدير واحداَ من أقدم مراكز حقوق الإنسان في مصر، ودار الحديث بيننا حول لبنان وما يحدث فيها، واتفق الرجلان على أن حزب الله من حقه تماماَ استخدام السلاح في خلافه السياسي مع كتلة الموالاة في لبنان ولنفس الأسباب التي ساقها الكاتب الفلسطيني والدبلوماسي العربي.
وما بين هذه الوقائع الثلاث، ومنذ اشتعال الفتنة المسلحة في لبنان الأسبوع قبل الماضي سال حبر كثير، وزعقت ميكروفونات أكثر تستجدي المنطق لتبرير جريمة حزب الله في بيروت، تبريرات تدور كلها وتستند على نفس الأسباب التي ساقها كل من أدلى بدلوه في هذه القضية. فتعالوا معاَ نناقش هذه الأسباب:
إذا لم يكن لبنان دولة - كما يقولون – وله حكومة تستحق قراراتها أن تنفذ وتسري على الجميع، وهو في نظرهم مجموعة من الطوائف والميليشيات، ألم يحن الوقت لكي نعمل على إقامة هذه الدولة، وبسط سلطة القانون على الجميع، أم أننا نسعى لتكريس الوضع الطائفي الشاذ الذي يجعل شعباَ راقياَ ودولة حديثة تعيش بشروط ومناخ القرون الوسطى في القرن الحادي والعشرين.
وإذا كانت شبكة اتصالات حزب الله – التي تجعل من ذلك الحزب دولة داخل الدولة – موجودة كما يقولون منذ عام 2000، وبعلم أطراف الحكومة الحالية، فلا يمكن أن نعتبر سكوتهم عنها قبولاَ لهذا الوضع الشاذ بما يضفي عليه شرعية في مواجهة الحكومة نفسها، لأن سكوت بعض قوى الموالاة عن هذه الأوضاع عام 2000 كان له ما يبرره لأنهم في ذلك الوقت لم يكونوا في الحكم، كما أن مقاتلي حزب الله كانوا يخوضون حينئذ حرباَ شرسة ضد الوجود الإسرائيلي في جنوب لبنان انتهت بانسحاب إسرائيلي من طرف واحد، ولم يكن من المناسب أبداَ - وقتها - الحديث عن هذا الموضوع، أما الآن وبعد تحرير كامل الأرض اللبنانية، باستثناء "مزارع شبعا" التي هي محل خلاف بين سوريا ولبنان حول تبعيتها، فلا محل لوجود شبكة اتصالات حزب الله ولا لوجود جيش حزب الله ... بل لا مبرر لوجود حزب الله نفسه، خاصة أن حسن نصر الله كان قد وافق بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب عام 2000 أن ينتهي الدور العسكري لحزب الله وينضوي مقاتليه كأفراد في الجيش اللبناني، وهو الأمر الذي حدث مع كل مقاتلي حركات التحرير بدءاَ من فيتنام إلى أمريكا اللاتينية .. مروراَ بالجزائر.
وهل معنى انتصار حزب الله على إسرائيل في حرب تموز 2006، ورغم كل ما يمكن أن يقال عن أسبابها... والمتسبب فيها، وعن الثمن الباهظ الذي دفعه اللبنانيون فيها مقابل لا شيء أن، يعبث حزب الله كما يشاء في مقدرات الشعب اللبناني والأمة العربية، ولن نقول تنفيذاَ لأجنده خارجية حتى لا ننزلق لمهاترات الاتهام بالتخوين والخيانة التي يوزعها حزب الله ومناصريه على كل من يختلف معهم.
مسألة أن أقطاب الموالاة هم مجموعة من العملاء والخونة لأمريكا وإسرائيل!!، هي مسألة لا تستأهل الرد عليها لأنها مرض عربي قديم من أمراض النخبة والمثقفين، ولكن المشكلة أن حلها أيضاَ بيد المعارضة التي يقودها حزب الله، لأن انتخاب رئيس جديد للبنان كفيل بوضع نهاية لهذه الحكومة الخائنة العميلة التي أعلنت أنها سوف تستقيل في نفس يوم انتخاب الرئيس، ولكن انتخاب الرئيس مازال رهينة لحزب الله الذي يفضل بقاء قصر الرئاسة في "بعبدا" خالياَ، واستمرار العملاء والخونة في قصر الحكومة ببيروت.
وفي مسألة الخيانة أيضاَ أسائل إخواننا الديمقراطيون، أليس من بديهيات الديموقراطية أن نترك للشعب اللبناني حرية أن يختار مواقفه من إسرائيل أو أمريكا أو غيرها عبر صندوق الانتخابات باختياره للقوى التي تعبر عنه أفضل تعبير بعيداَ عن تابوهات النضال، وتجار احتكار الوطنية.
مسألة أخرى تستحق التأمل، هي لماذا لا يستدير سلاح حركات المقاومة المسلحة للخلف ويتم استعماله في الصراع السياسي، وضد الشعوب، إلا في حالة منظمات المقاومة المنتمية لتيار الإسلام السياسي؟، حدث هذا مع حركة طالبان في أفغانستان، التي استدار سلاح مجاهديها المزعومين للخلف ليس في أفغانستان فقط ولكنه استدار إرهاباَ وقتلاَ وتفجيراَ وتدميراَ في العالم كله ، وحدث مع حركة حماس التي نجحت - حتى الآن – في انقلابها بغزة، وأخيراَ في انقلاب حزب الله الذي لم ينجح، ولكن هذا حديثاَ أخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج