الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإشكال اللبناني

كامل الجباري

2008 / 5 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


لا يذكر لبنان دون أن تتبادر إلى الذهن مفردات عديدة منها الحضارة والجمال والفينيقيون وفيروز وماجدة الرومي وطير الوروار ورئة الوطن العربي. تلك الرئة التي يتنفس منها الهاربون من جحيم دول القمع العربي فيقولون ما يشاؤون دون خوف من ’’زوار الليل‘‘ أو التعرض لحادث سيارة غير بريء أو أية وسيلة مبتكرة للموت لا تخفى على سكان السجن العربي الكبير. باختصار كان لبنان في وجه من الوجوه يعني الحرية.
من ناحية أخرى لبنان بلد ديمقراطية الطوائف المتحاصصة وإقطاع العوائل المتنفذة والتمييز وما أفرزته هذه التركيبة من أمراض داخلية وحرب أهلية ضروس طاحنة تركت الكثير من الضحايا والجراح التي ما أن تكاد أن تندمل حتى يراد لها أن تنكأ من جديد.
المشكل إن النظام العربي قد نقل صراعه وأدواته المتنوعة وخاض صراعاته المسلحة وغير ذلك على ارض لبنان, ناهيك عن التدخل الإقليمي والدولي ليوقعنا في حيص بيص حتى صار من الصعوبة بمكان الفرز والتصنيف.
الإشكال اللبناني معقد حيث أن معظم القوى المتصارعة تمتلك منطقا مقنعا, في بعض ما هو معلن على الأقل, وربما كان هذا سببا للاستقطاب الحاد بين معسكرين وانقسام الشعب اللبناني بينهما.
تطرح الموالاة بسط سلطة الدولة على الجميع والاستقلال وتصفية ما أسمته النظام الأمني السوري. بسط سلطة الدولة والاستقلال شيئان لا جدال فيهما وهما مقومان أساسيان لعنوان الدولة. وتطرح المعارضة رفضها لنظام أفقر وجوع الشعب متهمة الموالاة بالاندراج في مشروع أمريكي إسرائيلي يخطط لضرب المقاومة التي حررت الجنوب وهزمت إسرائيل للمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي. ورفض تحكم ما سمي بالأغلبية التي همشت أغلبية الشعب اللبناني وهذا منطق مقنع أيضا .
كما إن في منطق كلا طرفي الصراع شيء خاطئ. لا يمكن لدولة لا تمتلك إمكانية حقيقية للدفاع عن نفسها أن تضعف عنصر قوتها الاستراتيجي وهو المقاومة, وتصر على الاحتفاظ بنظام امتيازات يحفظ مصالح الإقطاع السياسي اللبناني وانفراد وليغارشية بالثروة والسلطة مع إفقار الملايين. كما انه لا يمكن للمعارضة أن تصادر حقوق الآخرين والتصرف بالنيابة عنهم حيث لا يمكن أن تقاد الناس إلى جنة المقاومة رغم انفهم. ادلجة المقاومة وإقامة دولة لها داخل الدولة سيخلق حتما الصراع بين الدولتين. قد تكون دولة المقاومة مبررة لأسباب أمنية ولكنها قد تكون خطرة من الناحية السياسية فتحرث الأرض للقوى الطائفية في الجانب الآخر لتنمو وتزدهر فتعرقن لبنان وبذلك تقضي على كل مقومات الدولة والمجتمع اللبناني فاتحة الباب على مصراعيه أمام التدخل الأجنبي.
الحل من وجهة نظري هو إيجاد التصالح بين منطق الدولة ومنطق المقاومة بإصلاح النظام السياسي الطائفي تمهيدا لالغاءه وبناء دولة مدنية تعتمد معيار المواطنة حيث تتوفر لها في لبنان العديد من المقومات والركائز وبذلك تتحول نقاط الضعف إلى نقاط قوة. ولان هذه الإشكالية هي إشكاليتنا في الوطن العربي أيضا, فأنه قد يعطينا الحق في التعاطي مع الشأن اللبناني ليس من باب الوصاية او التدخل بل من باب فتح كوة من الضوء في الظلام الدامس الذي يلفنا جميعا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعمو غزة يغيرون ا?سماء شوارع في فرنسا برموز فلسطينية


.. رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب




.. مراسل الجزيرة هشام زقوت يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع


.. القسام تستهدف ثكنة للاحتلال في محور نتساريم




.. واشنطن تطالب قطر بطرد قيادة حماس حال رفضها وقف إطلاق النار