الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المضطرب يُنتج أفكاراً مضطربة عن نفسه وعن الآخرين

كريم عبد

2004 / 1 / 12
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


العنصرية هي إحدى أخطر الظواهر المعبرة عن تفشي العنف في سلوك البشر. العنف الكامن أو المُعلن، والذي يعني في الحالتين وجود ( رغبة ) بإلحاق الأذى والضرر بالآخرين بدون مبرر مشروع. والعنصرية بهذا المعنى يمكن اعتبارها مرضاً فردياً في منحى، واجتماعياً في منحى آخر، وفي الحالتين  تمكن ملاحظته بنسب متفاوتة عند مختلف الشعوب !! والعنصرية على هذا الأساس هي نكوص في الوعي والسلوك تعتمد درجته على تطور أو تخلف الثقافة الحقوقية التي تعتمدها الدولة وتغذيها الثقافة الاجتماعية في البلد المعني.
إن أية نزعة معادية للآخر غالباً ما تقترن أو تتأسس على حالة من التوتر النفسي العصابي، أي التوتر الناتج عن أسباب ليس من السهولة إيجاد حل سريع لها. ولذلك فهي، أي حالة التوتر، تحاول دائماً أن تطرح نفسها خارجاً على هيئة عداوة تبحث عن ضحية بغض النظر عن المبررات !! حيث غالباً لا توجد علاقة سببية بين حالة التوتر النفسي لدى الشخص المعني وبين الآخرين أي الضحايا موضوع حقده أو عداوته العنصرية.
ومن جهة أخرى يمكن أن نلاحظ بان تفشي البطالة في بلد ما، غالباً ما يؤدي الى حالة نفور من الأجانب، رغم انهم قد لا يشكلون سبباً مباشراً لمشكلة البطالة، وربما كانوا مستثمرين أو طلاباً أو إن إقامتهم اضطرارية كلاجئين لأسباب سياسية أو غيرها، أي لا تأثير مباشراً لهم على سوق العمل. وهذا يعني ضمناً أن العنصرية تدل على قصر نظر صاحبها في رؤية الأسباب الحقيقية لمشاكله وأزماته حيث بوسع الجهات المعنية أن تلاحظ بان الأزمات العامة، السياسية والاقتصادية، هي التي تدفع لشيوع حالات التوتر النفسي الجماعية، فتصبح خلفية للاضطراب وسوء الفهم. إن الإنسان أو المجتمع المضطرب يُنتج بدوره أفكاراً مضطربة عن نفسه وعن الآخرين.
وإذا أردنا أن نصل الى معرفة أسباب واقعية محددة لهذا الاضطراب الذي ينتج ويكرس الظاهرة العنصرية، سنجدها مرتبطة دائماً بالتخلف، التخلف الحضاري كنسق يربط مجموعة من الظواهر بعضها بالبعض الآخر، فتكون العنصرية إحدى تلك الظواهر المرتبطة بسواها كالاستبداد المرتبط بدوره بظاهرة الأنظمة غير الشرعية دستورياً. حيث كل منها يبدو نتيجة لسواه مرة وسبباً لظواهر سلبية جديدة مرة أخرى. والعنصرية تتقنع عادة بالشعارات القومية والوطنية، حيث كلما أُريد اضطهاد فئة من المجتمع تتم ممارسة ذلك باسم الوطنية أو القومية.
لنأخذ على سبيل المثال، الإجراءات العنصرية التي مارسها نظام بغداد، فنجد إن الاضطهاد الرهيب ومحاولات الإبادة الجماعية التي تعرض لها الأكراد منذ عدة عقود ( تُـبَرر !! ) عادةً على أساس انهم يهددون الوحدة الوطنية والانتماء القومي للعراق !! وهذا ما يحدث في إيران وتركيا وسوريا كما هو معروف، لكنها تهمة باطلة تماماً فالأكراد مثل كل الشعوب المهيمَن عليها من قبل آخرين، يطالبون بحقهم المشروع بتقرير المصير أو الحكم الذاتي أو المساواة في المواطنة في الأقل. وإذا عدنا للوقائع، ففي منتصف الستينات، وبالإضافة لعمليات الجيش الحربية ضدهم، جندت السلطة قوات مرتزقة من بعض القبائل البدوية لمقاتلة الأكراد وأباحت دمائهم وممتلكاتهم، مما يتلاءم مع نزعة الغزو والاغتصاب القابعة في أعماق تلك القبائل المعزولة حضارياً والتي تتوارث نزعة الغزو منذ أيام الجاهلية، حيث الممارسات الهمجية هي مصدر فخر واعتزاز بالنسبة لها، بينما سلوك كهذا هو في الواقع مصدر استنكار بالنسبة لأي شخص يمتلك حداً أدنى من السوية الإنسانية، لكن العنصرية تجد أقنعتها ومبرراتها دائماً وبغض النظر عن تطابقها أو عدم تطابقها مع السوية والأعراف الإنسانية !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا