الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في النكبة

محمود جلبوط

2008 / 5 / 23
القضية الفلسطينية


تثير مناسبة إحياء ذكرى النكبة , والتي تحولت إلى روتين أو طقس يتكرر كل عام , الكثير من الأسئلة حولها إن في ظروف نشوئها ومسبباتها ونتائجها وأدوار الأطراف التي أدارت صناعتها وأعادت إنتاجها وإنتاج شروطها , ومن هم ضحاياها , و نقاش كيفية الخروج من شروطها والسعي لبناء المقدمات للخروج من براثنها والتهيئة لبناء مقومات التصدي لنتائجها وما ترتب عنها من كوارث لحقت بشعوب المنطقة , انطلاقا لإنتاج شروط تجاوزها والقضاء على نتائجها في تهيئة الحياة العامة من ممارسات عملية في تجميع القوى الاجتماعية المتضررة منها , ولإنتاج فكري يمهد لإجراءات تشمل بنية المجتمع وتتناول تركيبته الاجتماعية والسياسية من سلطات رسمية وقوى معارضة وأشكال التفاعلات الناشئة بين التراكيب الاجتماعية كافة من تحالفات وحشد قوى لكي يتم تجاوز هذه الطامات الكبرى التي آلت إليها في العقلية والممارسة الرسمية العربية(المسؤولة عنها وعن إنتاج شروط إعادة إنتاجها مع حليفها الامبريالي) والتي تكتفي في إحيائها كمناسبة من الماضي الذي يفتقر لأي حضور تفاعلي مع الراهن في ذهنيتهم لتذكر فقط بما حدث في سالف الزمن وتقتصر للتذكير بها على المهرجانات والخطب والبرامج التلفيزيونية والمقابلات مع ضحاياها الذين طردوا من ديارهم إلى الشتات ليعانوا الابتزاز اليومي لقيادات الرسمية العربية وعلى رأسها الفلسطينية دون أن يترتب على حضور الذكرى أي فعاليات واقعية وحقيقية من شأنها أن تؤسس للخروج من شروط واقعها المر أو من أسبابه , وكأن فلسطين ليست مغتصبة والشعب الفلسطيني لا يذبح يوميا وليس هناك هوان عربي عام لتقام العلاقات الاقتصادية والسياسية و التنسيق المشترك مع مغتصب الأرض ومنتهك العرض ومدنس المعتقدات التي تعتبر من مقدساتهم الإسلامية(بل يعلنون النفير العام ضد حزب الله الشيعي المقاوم الذي استطاع الحفاظ على البقية الباقية من الكرامة العربية وأن يصد جيش الكيان عن تنفيذ مشروع الامبرياليين لاستيلاد شرق متوسط جديد ترسيخا لواقع النكبة باستيلاد نكبة أخرى منها , لماذا؟لأنه كشف عوراتهم ورفض أن يتأسرل ويتصهين على شاكلتهم) بل ولا كأن كل هذه الأنظمة السايكوبيكية الكراكوزية هي من أسباب هذه النكبة و إحدى نتائجها الكبرى .

هل تعود النكبة بتأريخها إلى تاريخ قيام الكيان الصهيوني عام 1948 أم إلى زمن مبكر من عجز الرأسماليات العربية لإنجاز النهضة الصناعية أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين لارتباطها البنيوي مع الرأسمال الامبريالي ومصالحه , وأن قيام الكيان كان إحدى نتائج هذا العجز؟ . أم يرجع تاريخها لوعد بلفور بإنشاء كيان غريب ليهود هم في الأصل ضحية الممارسات العنصرية الأوربية في قلب المنطقة العربية لاشعالها بحروب تدفع ضريبتها ضحيتهم وسكان المنطقة الأصليين , بعد اكتشافهم أن المنطقة تعوم على بحر من ثروة هائلة من الطاقة التي ستصبح الأساس لانطلاق عجلة التصنيع في العالم ؟ أم للوعد الذي قطعه السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن السعود(جد العائلة السعودية)للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى آنذاك بالقبول بإعطاء فلسطين أو غير فلسطين من أرض العرب للمساكين اليهود؟ .

هل تنحصر آثار النكبة على فلسطين وسكانها الذين دمرت أملاكهم وهدمت منازلهم على رؤوسهم وقتلوا وذبحوا وشردوا وما زالوا , أم تتسع لتشمل الوطن العربي الكبير وسكانه من ضمنهم سكان مدن الملح حيث إمارات النفط الذين يتكسبون بالفتات الذي تنعم عليهم به شركات النفط ووكلائه المحليين من أمراء وملوك هذه المدن؟ .

هل النكبة التي خصنا بها الاحتكار العالمي كانت الجريمة الوحيدة التي اقترفها في البلاد التي استعمرها أم هي حلقة من سلسلة طويلة من جرائم ونكبات أحاقت بالشعوب التي رماها سوء طالعها(طبعا ليس سوء طالعها بل موقعها) في طريق حوافر خيولهم وأسطوله البحري وفوهات بنادقهم ليكونوا ضحية طبيعته العنصرية ونهمه وشبقه للسيطرة على خيرات الكرة الأرضية منذ أن انطلقت حملاته الاستعمارية التوسعية بعد أن ضاقت حدود سوقه الوطنية بثلة قليلة من رأسمالييه الذين لم يكن أول ضحاياهم الهنود الحمر ولن يكون آخرهم العراقيون والأفغان؟

هل الهزيمة الماحقة التي ألمت بالجيوش العربية المرسلة إلى فلسطين عام 1948 للتصدي للعصابات الصهيونية أو في الحروب العربية اللاحقة هي هزيمة لجيوش عربية حقيقية شكلت لحماية أوطانها وشعوبها أم هي سلسلة من مؤامرات لشرائح اجتماعية كمبرادور تريد اقتسام الثروة الوطنية مع المستعمر الأجنبي من خلال بقائها في السلطة ولو بالمهانة والتي يستند إليها الامبريال العالمي في استدخال الهزيمة حسب تعبير عادل سمارة في عنوان كتابه "اللاجئون الفلسطينيون واستدخال الهزيمة" وتعميم الأسرلة والصهينة والتيئيس والإحباط للقضاء على مقومات المقاومة للمشروع الصهيوني الامبريالي , كان تعبيرها في الماضي من خلال الشريف حسين وما تفرع من نسله إبان ما اصطلح على تسميته الثورة العربية الكبرى ويعبّر عنها اليوم بالأنظمة العربية قاطبة وعلى رأسها مشايخ وأمراء الخليج تتطلب مصالحها الارتهان لأجندات القوى الاستعمارية , في الماضي تجندت مع القوى الاستعمارية لخوض حرب تقاسم تركة الرجل المريض تركيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى والثانية(بقيادة لورانس العرب الانكليزي الذي عين قائدا للجيوش العربية التي خاضت الحرب ضد تركيا , وغلوب باشا الانكليزي الذي عين قائدا للجيوش العربية في فلسطين!!!) , وفي الحاضر يعبر عنها في حاضرنا بسرقة الثروات الوطنية (قواعد عسكرية أمريكية وغير أمريكية ومخابرات صهيونية تعج بها جميع ساحات الكيانات السايكوبية العربية) وإلاّ كيف يستقيم أن تتمكن حفنة من مقاتلين مشرذمين لا يجمع بينهم أي تنسيق أصروا على مقاومة الاحتلال عدتهم سلاحا فرديا وبعض المفرقعات كما يدعي رموز السلطة الفلسطينية أن يقضّوا مضاجع العدو الصهيوني بالرغم من كل عيوبهم ؟
بل كيف لحفنة لا يتجاوز تعدادهم بضعة آلاف لمقاتلي حزب الله وإخوانهم من القوى اللبنانية الوطنية الأخرى , والذين و مهما وصلت قوتهم وعددهم واستعدادهم وأسلحتهم فلن تقارن بما تحت تصرف جيوش الأنظمة العربية من عدد وعدة , ولا بما تحت تصرف جيش الكيان الصهيوني من عدد وعدة , أن يتمكن من تحرير أرضه عام 1990 وأن يتصدى بل أفشل مخططات قوى التحالف الامبريالي العريض الذي كان للأنظمة العربية دورا قذرا فيه عبر شحن مذهبي ضده على أساس أنهم من المذهب الشيعي جندت من أجله معظم أقلام وأصوات الكتاب اللبراليين المتأمركين الذين عمت كتاباتهم ومقابلاتهم أجهزة الإعلام البترولية والأمريكية(بعضهم تطوع علّ وعسى..ولكن؟) , أراد أن يكون القضاء على مقاومته وأسلحته مخاضا لشرق أوسط جديد كما صرحت بذلك السيدة كوندليزا رايس , في الوقت الذي لم تتمكن جيوش عربية جرارة مسلحة بجميع أنواع الأسلحة التي لا تقل عددا ولا عدة عما مع العدو من الصمود بوجهه عدة أيام , فهل يعيش العرب حقا أزمة حضارية ونهضوية وسياسية أم هي أزمة الكمبرادور العربي كما وصّف لذلك مهدي عامل في كتابه"أزمة حضارة أم أزمة بورجوازيات" .
إن الاحتفالية والمغالاة بها التي أحاطت بالذكرى الستين لقيام الكيان من قبل قيادات الكيان الصهاينة ومن قبل راعين هذا الكيان وراعين تفوقه لدلالة على حرص القوى الامبريالية على تمسكهم به كرأس حربة لهم في منطقتنا لتنفيذ أجنداتهم على حساب سكان المنطقة , وحرصه على أمنه وتأكيده على حمايته في ظل ما تعرضت وتتعرض لها هيبته أمام فشله بالقضاء على ثلة قليلة ممن آلوا على أنفسهم قبول الأسرلة والمهانة فما بالك لو انتفضت جموع المقهورين كلها في وجهه؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنس الشايب يكشف عن أفضل صانع محتوى في الوطن العربي.. وهدية ب


.. أساتذة ينتظرون اعتقالهم.. الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليف




.. سقوط 28 قتيلاً في قطاع غزة خلال 24 ساعة | #رادار


.. -لن أغير سياستي-.. بايدن يعلق على احتجاجات طلاب الجامعات | #




.. هل يمكن إبرام اتفاق أمني سعودي أميركي بعيدا عن مسار التطبيع