الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رد على كلالده – مطلوب حكومة وطنية لانقاذ الاحزاب الاردنية

ابراهيم علاء الدين

2008 / 5 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لا اعرف بالضبط من هو السيد خالد كلالده ، وهذا ليس تقليلا من شأن شخصه الكريم ، لكن يبدو انه عضو قد يكون عاديا او قائدا في حزب يساري اردني ، او زعيما يساريا مستقلا. وله مني كل تقدير واحترام حيث يبدو انه مهموما بالشان العام الاردني ومتعاطف من المليون جائع والمليوني فقير وهذا يستحق التقدير ولا شك.
قد لفت انتباهي الطلب او الدعوة التي تقدم بها السيد كلالده في مقالته المنشورة في الحوار المتمدن(العدد 2289 ليوم الخميس 22 مايو الجاري) تحت عنوان " الوطن في خطر، ولا بديل عن حكومة انقاذ وطني". وسبب لفت نظري انني ولا ادري مدى صحة ذلك انني تخيلت ان السيد كلالدة زعيما سياسيا يساريا كبيرا ، ويفترض بالزعيم السياسي اليساري على وجه الخصوص انه يمتلك رؤية تحليلية عميقة لكافة الاسس والقواعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية للمجتمع الذي يعيش ويناضل فيه ومن ثم هو اكثر من يمتلك القدرة على تفسير الظواهر الناتجة عن معرفته العميقة لتلك الاسس.
ولان هذه الملكة الرئيسية التي على المناضل او الزعيم اليساري ان يمتلكها فان اتحاد اليساريين سواء من خلال حزب او منظمة او حتى جمعية يمكنهم من وضع برنامج نضالي شامل للارتقاء بكافة مناحي حياة المجتمع حتى تحقيق الاهداف التي يرنوا اليها اليساريين وفي مقدمتها القضاء على كافة ظواهر التعسف الاجتماعي واحتكار الطبقة الراسمالية او البرجوازية للسلطة بكل ما يترافق مع ذلك ونتيجة له من تحسن الوضع ا لاقتصادي للطبقات الشعية وتخفيف حدة الفقر وتقليص اعداد الجوعى.
واي حزب يساري في اي مكان كان من هذا العالم وحتى يستحق هذه الصفة عليه ان يضع برنامجا نضاليا واضحا وغالا ما يكون طويل الاجل نظرا للتغيرات الهائلة التي عليه اجرائها في المجتمع في مواجهة مقاومة عنيفة من الطبقات الرجعية السائدة.
هذا ما افهمه على الاقل كيساري لست محترفا اي ليس لي انتماء حزبي ، ولا اتصور ان التغيير الذي ينشده اليساريين ياتي من خلال المطالبة بحكومة انقاذ وطني , كما يدعو الاساذ كلالده, خصوصاعندما يكون الوطن في خطر (وهي عبارة فيها الكثير من المبالغة من وجهة نظري).
لكن السيد كلالده يبدو انه لا يفهم طبيعة المجتمع الاردني وطبيعة العلاقات السائدة في المجتمع الاردني والتي لا يمكنها الا ان تفرز انظمة سياسية واقتتصادية واجتماعية على طبيعتها ومنسجمة معها، فالسيد كلالده ربما فاته ادراك الطبيعة العشائرية والقبلية للمجتمع الاردني وان مجتمعا هذه طبيعته لا يمكنه الا ان ينتج نظاما سياسيا قائم على دور القبيلة والعشيرة في كل مناحي الحياة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وان نظم ما قبل الراسمالية لا يمكن لهياكلها التنظيمية الا ان تقوم على الواسطة والمحسوبية وركائزها الامن والسيطرة على مصادر الثروة والقوانين الناظمة للعامة (الجمهور) واخضاعها لما تتطلبه مصالح الطبقة السائدة.
وهياكل تنظيمية (اي هياكل ادارية) يتم تعيينها على اساس الواسطة والمحسوبية والطاعة والولاء بما يتلائم مع العلاقات القبلية والعشائرية وتمجيدها والمحافظة عليها لا يمكنها ان تنهض بالمجتمع وتنتقل به من حالة (رجعية متخلفة) الى حالة تقدمية لانها ليست مؤهلة للقيام بهذا الانتقال حتى لو توفر لبعض منها او كلها حسن النية، مع صعوبة توفر ذلك لانها في الواقع تدرك تماما مصالحها وتعمل بوعي على ابقاء الامور على ما هي عليه لان التغيير والانتقال من حالة التخلف الى حالة التقدم يتعارض من حيث الجوهر مع مصالحها، يساندها بهذه الرؤية قطاع عريض من الجماهير من ذوي الانتماء والثقافة القبلية والعشائرية.
اذن كيف يتم تطور المجتمعات وارتقائها ؟؟ سؤال كبير قديم قدم البشرية وهناك الاف الاجتهادات والرؤى والنظريات وفي بلادنا العرية عموما والاردن على وجه خاص هناك العديد من الرؤى لكيفية تطوير مجتمعاتنا منها الدينية التي ترى بانه كلما ازداد عدد المصلين بالمساجد كلما اقترب يوم التغيير يوم العودة الف واربعمائة سنة الى الوراء الى عصر المسلمين الاتقياء العظماء ونموذجهم جماعة الاخوان المسلمين او الشياطين كما يطلق عليهم البعض، وهناك السلفية الدينية الاكثر تزمتا الى تترى ان التغيير يتم بالاضافة الى التزام المسلم بالمظاهر العتيقة فان اسالة انهار الدم واجب على كل مسلم لتطهير البلاد من العباد الكفرة ، وبعضهم يرى انه كلما ازداد عدد المنتمين لحزبهم والمؤمنين بعودة الخلافة فان ذلك يعني اقتراب يوم الفرج كحزب الخرافة (حزب التحرير الاسلامي) كما يصفه كثيرون.
وهناك ايضا القوميين الذين يرون ان بالوحدة العربية يتحقق التطوير لكنها لا تبذل اي جهد يذكر في اتجاه تحقيق الوحدة، وهناك احزاب اليسار بتدرجاتها من التروتيسكية والستالينية واللاشتراكية والديمقراطية والمختلطة او المخلوطة (شيوعيين وقوميين وديمقراطيين واشتراكيين) وهي احزاب تائهة لا تمتلك بوصلة تهتدي بها للوصول حتى الى مكتبة لتشتري كتبا معاصرة تساعدهم على رؤية العالم الجديد.
فمن اين سيأتي السيد كلالده بقوى تشكل تحالف يتشكل منه حكومة وحدة وطنية تواجه (الخطر في الوطن ) ؟؟؟
انني اعتقد يا استاذ خالد ان المطلوب في المرحلة الراهنة هو ايجاد حكومة تضع في اولويات مهامها انقاذ الاحزاب الاردنية القائمة والعمل على معالجتها من الامراض المستعصية التي تعاني منها.
واعتقد ان الحكومة الاردنية اكثر ادراكا لاهمية انقاذ الاحزاب الاردنية لانها على الاقل تدرك مصالحها ومصالح المجتمع من وجهة نظرها وتدرك ان الاحزاب العفية والمتعافية تساعد الحكومات على الارتقاء ببعض جوانب الحياة، لكن الاحزاب بوضعها الراهن هي عبء على الوطن والمواطنين والحكومة وهي عائق لجهود التطوير.
واسمح لي ان اقول لك ان الكثيرين يستطيعون في جلسة تجلي ان يضعوا برامج ويدعون لتحقيقها وغالبا ما تكون هذه البرامج طوباوية الطابع شخصانية الى حد بعيد ولا تستند الى قراءة حقيقية وعميقة وشاملة للواقع، وللاسف وجدت في مقالتك الكثير من الاشارات التي تدعوك الى القيام بقراءة متانية للواقع فلربما استطعت المساهمة بلورة رؤيا واقعية لما هو مطلوب ولتكتشف ان اي حكومة مهما كانت حتى لو كنت انت على رأسها لن تستطيع بقرارات فوقية ان تحدث التطور المنشود في المجتمع، لان التطور المنشود يحتاج في الواقع نضاى وجهودا كبيرة للارتقاء بالوعي المجتمعي والتخلص مما يعشعش في ذهنية غالبية العامة من اوهام وهلوسات واساطير تعززها احزب متخلفة مغرقة في الماضوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الثقة بين شيرين بيوتي و جلال عمارة ???? | Trust Me


.. حملة بايدن تعلن جمع 264 مليون دولار من المانحين في الربع الث




.. إسرائيل ترسل مدير الموساد فقط للدوحة بعد أن كانت أعلنت عزمها


.. بريطانيا.. كير ستارمر: التغيير يتطلب وقتا لكن عملية التغيير




.. تفاؤل حذر بشأن إحراز تقدم في المفاوضات بين إسرائيل وحماس للت